عرض مشاركة واحدة
قديم 10-17-2014, 04:16 AM
المشاركة 24
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أتدثرُ خرقي البالية معلناً هزيمتَهُ بهزيمةِ برودتهِ, وأفجِّرُ بصمتهِ الحياة بكسرةِ رغيفٍ أتلذذ بمداعبتها. يُطرِبني أنينُ جُزئها المكسور تحت وطأة أصابعي. تئنُ , وأكسرُ, ويستقيمُ اللحنُ وأطربُ. يقترب رغيفي من محاكاة لوحتي المتكررهُ, ويعجٍّل جوعي اكتمالها. وتبدأ أسناني عزفها المنفرد بما تبقى منها, لحن وداعٍ على مذبحِ الجوع..!


لاحظ هنا محاولة البطل التعايش مع رتابة الإيقاع ـ السكتة ـ فهو يتدثر خرقه البالية في محاولة لكبح تأثير الرتابة و تقليص حجم أضرارها و هو يتمنى إيقاظ همته و إنعاش حب الحياة في دواخله ، رغم أن ظاهر هذه الصورة يحاول من خلاله الكاتب ربط الخرق البالية بالبرودة كظاهر للصورة الشعرية ، لكن الانزياح الحاصل هنا يوضحه المغزى فهو يتمني تفجير الحياة الدافئة في دواخله ، فالخرق البالية يقصد بها إحياء طباعه القديمة ، ربما قراءة نص أو كتابة مقطع شعري أو غيرها كإصرار على البقاء قيد الحياة . فالصورة الشعرية المتجلية هنا هي موازنة الرتابة بمعنى البرودة ، بدفء الحياة الطبيعية التي كان يعيشها ، وكذا موازنة الصمت بمحاولة كسر إيقاعه بالتلذذ بصوت قضم كسرة الخبز . نزل بالجملة الأولى ، وصعد في الثانية ليخلق توازن الفقرة ، للحفاظ على الإيقاع الحي للنص وعدم اسقاطه في الخط التنازلي الذي قد يفقد النص توازنه كبنية أو كبنيان .
أما الجملة الثالثة فجاءت لتوضح لنا النتيجة ، بعد هبوط وصعود فالكاتب يظهر نتيجة هذا الصراع على لسان البطل و استعمل مفردات غاية في الأهمية على غرار ، يطربني أنين جزئها الكسور ، تئن أكسر ، يستقيم اللحن يقترب رغيفي من محاكاة لوحتي المتكررة ، ـ وقبلها أتلذذ بمداعبتها . فاللذة هنا تحمل كل حمولة الرغبة والميول انطلاقا من غريزتي البناء والهدم و صراعهما ، أداعبها تحمل كل معاني اللذة الجنسية ، تبدأ أسناني في العزف ، لكأن البطل رجع إلى طفولته الأولى في المرحلة الفموية ، يطربني أنينها تعبير عن قمة السادية ، و الغريب أن تلك السادية المفرطة وظفت في غير محلها لذلك فهي لن تؤدي إلى الإفراغ و من ثم التوازن ، بل هي مجرد سادية دونكيخوتية ، فهي مازوشية صريحة . فالكاتب على لسان البطل استعمل أحداثا تبدو بسيطة لكنه أشبعها بالرمزية .
وفي هذا المقطع وظف الكاتب اللغة الشعرية بكثافة و أنهاها بعلامة تعجب وانفعال .