الموضوع: خطاب شكر
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-2014, 06:31 PM
المشاركة 4
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا و سهلا

تحية للأخ ـ أبو ساعدة الهيومي ـ

عيدكم مبارك و سعيد ، و اتمنى أن تطل رحماته علينا جميعا .

لاشك أن مسؤولية الكاتب تنتهي بمجرد عرضه لبضاعته ، لتبدأ مسؤولية أخرى و هي تفاعلية القارئ المتمثلة في نقده الذي ليس بالضرورة انتقادا بأي شكل من الأشكال بقدر ما هو نوع من الحوار مع النص بعيدا عن كاتبه ، نحن هنا نحترم كل الآراء فكل مسؤول عمّا يكتبه شريطة الالتزام بأدبيات المنابر .
أيضا لابد من التذكير أن التفاعل و محاورة النص لاتعني دائما مجاملة صاحبه ، بل يقتضي الحال أحيانا استنطاق النص و إبراز جوانب القوة وجوانب الضعف إن رصدها من يمتلك ميكانيزمات العمل النقدي ، أو حتى ذائقة أدبية سليمة .
يحضرني يوما أنني كتبت كلمات تعزية لواحد من أصدقائي على ورقة عادية تستعمل لتلفيف اللحم لأن واحدا من معارفي يسكن في بلدته استقل ناقلة توقفت لعشرة دقائق أمام واحد من محلات بيع اللحوم في بلدتي ، فاستعرت القلم عند الجزار و الورقة ، ثم أرسلت رسالتي . بعد شهر جاءتني رسالة استهجان من طرف صديقي ، يعاتبني فيها عتابا شديدا على استهانتي به و بمصابه ، لأنني كتب كلمات التعزية على ورقة لا تليق مما اعتبره استخفافا به و عدم تقدير .

أحيانا المضمون لوحده لا يكفي بل الشكل هو ما يعطيه قيمته الحقيقية ، فلو كان مضمون الإنسانية كافيا لما اهتممنا بأشكالنا ولما أنفقنا أموالنا على النظافة والتطيب و تهذيب الشعر و اختيار منازل تليق بإنسانيتنا . قد لا يكون الشكل هو كنه الأشياء ، وقد يكون الشكل أحيانا خداعا ، لكن هذا لا يعني أن الشكل ثانوي إلى هذه الدرجة .

الشكل في الأدب جوهري ، فالحقيقة اللغوية تعتبر قمة الحقائق الأدبية ، فالتوظيف الجمالي للغة هو أساس الأدب ، قد يكون المضمون ثانويا جدا في الأدب ، فالفكرة التي يناقشها الكاتب ليست الهدف في حد ذاته بل ذلك التعبير الجمالي عن الفكرة ، و أعتقد أن كثيرا من الأفكار ترتقي كلما كان التعبير عنها موفقا ، فأحيانا هناك نصوص تتناول موقفا بسيطا للغاية لكن القدرة الإبداعية على تقديم ذلك الموقف هي التي تعطي الحياة للموقف والنص .

شخصيا لا أميل إلى مصادرة إبداعات الآخرين ، لكن هذا لا يمنع من بذل الكاتب لمجهود حقيقي للارتقاء بنصوصه ، وعدم التراخي الذي يؤدي أحيانا إلى الاستسهال ، و هنا يأتي دور الناقد الذي يحاور النص ويوضح ويبين بعض الخلل الذي حال دون ظهور النص بمظهر لائق .


الأستاذ زياد القنطار ، قرأت تعليقك على النص فوجدته راقيا مؤدبا فيه بعض توجيهات ضرورية و قيمة يستفيد منها الكاتب والقارئ واستغربت لحذفه ، فالمنابر تحض على التفاعل البناء ، شخصيا لا أمانع على المجاملة بين الكتاب ، لكن في الوقت ذاته من يمتلك قدرة على قراءة النصوص و تقديم توضيحات و توجيهات وحتى دراسات نقدية فأظن من المستحب حتى أتفادى كلمة الواجب بين الفينة والفينة أن يتكرم بإضاءته و قراءته التي يستفيد منها القراء و الكتاب .

عيدكم مبارك و سعيد و كل عام و المنابر بخير .