الموضوع: خطاب شكر
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
7

المشاهدات
4535
 
ابو ساعده الهيومي
من آل منابر ثقافية

ابو ساعده الهيومي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
204

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Jul 2014

الاقامة

رقم العضوية
13084
10-04-2014, 09:11 PM
المشاركة 1
10-04-2014, 09:11 PM
المشاركة 1
افتراضي خطاب شكر
تفحص المهندس الشاب خطابه الذي يريد ان يرفقه مع الملف الخاص بالمشروع،
والذي اخذ منه يوما كامل لصياغته ومراجعته من ناحية الاملاء والترقيم والنحو، فهو يعلم ان مجتمعه متيم بالشكل لا بالمضمون. لذى كان حريص ان لايترك فرصه للمراوغه والهروب الى مواضيع اخرى وهو يعلم كم من امال واحلام اختفت بين ركام الصخور والاحجار التي رمتها الايادي الخفيه لاغتيالها يدفعها لذلك الحسد ورفيقه الفساد. وقام بتقديمه الى اللجنة ورغم اعجاب جميع رؤساء الاقسام ومباركتهم ومدحهم لما احتوى الملف من افكار ايجابية تحمل الحلول للكثير من المشكلات الا ان هنالك اصوات مزعجه تزوره اثنا ابتسامته ، تقول ان الصحراء بخيله وكثبانها دائمة الحركه لا تؤمن بالحلول طويلة الاجل بل تفضل الحلول القصيرة . وبينما هو على هذا الحال طرق الساعي الباب لتتوقف الافكار واذا به يحمل ملف مشروعه وقد ارفق بخطاب من اللجنه وفتحه بسرعه فاذا به خطاب غلف بالعبارات الانشائيه والتي لطالما مقتها تضمنت شكر و اعتذار .

كان يتخيل أن مشروعه سيلاقي استحسان وصدى كبير ولكن هذا لم يحدث وما زاد الطين بله أن الرد جاء سريعاً بدون دراسة أو تحليل، لذى قدم خطاب استقالته لعل هذا التصرف يكون سببا لإعادة النظر ويعيد اليه الامل ، واسرع الى مكتب المدير التنفيذي وطلب الاذن لمقابلته ، وجلس منتظرا متململا وبمجرد اعطائه الإذن للدخول عليه انتصب واقفاً واتجه مسرعا نحو الباب ودفعه بدون طرقة ودخل ، وبخطى سريعة لم تسمح لذلك البساط السميك يتمتع بمداعبته وهزه وسلب شيء من ثقته وإذا به أمام الماصة الكبيرة مصنوعة من أفخر الخشب ومطلية بأجود الورنيش وقد اختفى خلفها رجل قارب عمره السبعين ملأت ثيابه الشحوم لتختفي الرقبة ليظهر الوجه فجأة كلوحة ترى فيها بوضوح اثار المساحيق والأقلام جالسا على كرسي بدى كعرش وقد ظهرت الشمس كالمتطفل من خلفه تنظر من خلال النافذة الكبيره و تكاد من وهجها ان تحطم زجاجها لتعطي المدير اجلالاً وعظمة وتجعل الزائر يخفض بصره أمامه.
نظر إليه المدير من خلف نظارته التي استقرت فوق أنفه الكبير وأشار إليه بالجلوس وهو يتفحص بنظره المعاملات الواردة ويعلم عليها بقلمه الضخم والذي بدى كتحفه ثمينة لها بريق وبمجرد أن انتهى ارتفعت تلك العينين الغائرتان فوق نظارته السميكة ونظر الى المهندس الشاب و قال نعم... وعندما حاول ذلك المهندس التكلم معه انحرف الى الهاتف ورفع السماعة ومد يده فأسرع المهندس الشاب بإعطائه الخطاب الذي كان يحمله نظر المدير إلى الخطاب واعتدل في جلسته وابتسم ابتسامه خفيفة وسرح بذهنه قليلاً ثم تناول قلمه وشرح عليه بكلمتين لا مانع ورمى بالخطاب اتجاهه وبدأ يتكلم في الهاتف كان المهندس متعجلاً لردة فعل المدير فهو من الموظفين المتميزين ولكن عبارة لا مانع تقول العمل لن يتوقف ان هذه العبارة أعظم من صفعة على صفح خده ، رفع رأسه وإذا بتلك الشمس قد صوبت سهامها الى عينيه ليلتف سريعاً محاولاً تجنبها وفي محاولته الخروج بدأ ذلك البساط يهزه هزاً مع كل خطوة يخطوها وبدأ يحس بدوار افقده التركيز وأحس بضياع فهو لم يعد يعلم اين الباب الذي دخل منه وحاول أن يتماسك ويركز، وقد تنفس الصعداء عندما رأى الباب واتجه إليه وهو يجر قدميه محاولاً الوصول إليه وكأنه في حلم مخيف لقد تمكن ذلك البساط من فرض سطوته عليه وإذلاله وقتل أخر أنفاس ثقته التي لطالما تغنى بها وأنها تملك سبعة أرواح لذا خرج بوجه آخر من تلك الغرفة غير الذي دخل به ليسلك أقرب الممرات المؤديه إلى بوابة الخروج وما إن وضع قدميه على الدرجات التي هبطت به الى مواقف السيارات ، أحس بالأمان ورجعة روحه إليه وذهب ذلك الدوار الذي رافقه عدم الاتزان واتجه الى سيارته وغادر مبنى الشركه بدون رجعه.