عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2010, 02:25 PM
المشاركة 328
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
بن خلّكان
أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلّكان

هو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بنخلّكان بن باوَك بن عبد الله بن ساكل بن الحسين بن مالك بن جعفر بن يحيى بن خالد بنبَرْمَك، ينتسب إلى أسرة البرامكة المشهورة ينتسب الى قبيلة ( زرزاري – ولد الذئب ) التي كانت تتوزّع في مناطق متعددة من كردستان .

ينتمي ابن خلكان إلى أسرةمشهورة بالفقه خاصة وبالعلم عامة، وكان والده شهاب الدين محمد قد رحل في طلب الحديثإلى الشام ومصر والحجاز والعراق، وتفقّه بالموصل وبغداد، وكان من أصدقائه المؤرخ عزالدين المشهور بكنية (ابن الأثير) صاحب كتاب (الكامل في التاريخ)، والقاضي المؤرخابن شدّاد صاحب كتاب (النوادر السلطانية). وبعد الإقامة الطويلة في الموصل انتقلإلى إربل (اربيل)، وأحرز مكانة مرموقة عند حاكمها آنذاك مظفّر الدين كُوكْبُوري،زوج أخت صلاح الدين الأيوبي، وصار مدرّساً في المدرسة المظفّرية، ومشاراً إليه فيميدان الفتوى.

وكان أحمد أصغر إخوته، وقد ولد بإربل سنة (608 هـ)، ولم يكن قد أكمل الثانية من عمره حينما فقد أباه،
لكن الوالد كان حريصاً على أن يتّجه ابنهفي طريق العلم، لذلك حصل له على الإجازات (الشهادات العلمية) من العلماء المشهورينفي عصره، كما أن صديقه كُوكبوري تولّى رعاية أبناء صديقه بعد وفاته، وهكذا انصرفأحمد إلى طلب العلم في إربل بالمدرسة المظفّرية، وواظب حضور مجلس أبي البركات شرفالدين ابن المستوفي الإربلي، وسمع سنة (621 هـ) صحيح البخاري على أبي جعفر محمد بنهبة الله المكرم الصوفي البغدادي، ولم يكتف بذلك، وإنما كان يتحيّن الفرص، فيلتقيبالأدباء والعلماء الذين كانوا يفدون على إربل بين حين وآخر.

وكان أحمد قدتجـاوز الثامنة عشرة بقليل حينما عقـد النية على أن يغـادر إربل طلباً للعلم، وماكان يعرف وهو يرتحل عنها أنه لن يعود إليها ثانية، فاصطحب أحـد أخويه، إلى جانب بعضكتب التوصية من صديق الأسرة مظفّر الدين كوكبـوري حاكم إربل، وكانت الموصل أولمديـنة يرحل إليها، وفيها أخذ عن صديق والده كمال الدين موسى بن يونس، ذاك العالمالذي جـمع بين الثقـافة الموسوعية والذكاء الخـارق، وكان لقاؤه به سنة (626 هـ)،ومن شدة إعجاب أحمد بأستاذه ابن يونس أضمر في نفسه أنه إذا تزوّج، ورُزق ولداً،فسيدعوه (يونس)؛ تيمّناً باسم ذلك الأستاذ الجليل، وهذا ما فعله حقّاً.

ومنالموصل تابع أحمد رحلته العلمية إلى حلب، ماراً في طريقه بحرّان، وكانت فترة وجودهفي حلب أخصب فترات حياته، ففيها تلقّى العلم على الشيوخ المشهورين، من أمثال القاضيبهاء الدين بن شدّاد، الذي كان صديق السلطان صلاح الدين، ومستشار ولده الملكالظاهر، وكان ابن شدّاد، كما مر، صديقاً لوالده، وكان يحمل إليه كتاب توصية منكُوكبوري، فاستقبل ابن شدّاد الأخوين بالترحاب، وأنزلهما في مدرسته، وقرّر لكلمنهما مرتّباً عالياً يساوي مرتّب الطلبة الكبار رغم حداثة سنّيهما.

وفي حلبدرس أحمد الفقه واللغة والنحو على كبار الشيوخ؛ من أمثال جمال الدين أبي بكرالماهاني، وابن الخبّاز الموصلي، وموفّق الدين ابن يَعِيش، كما التقى المؤرخ عزالدين بن الأثير الصديق الحميم لوالده.

وفي سنة (632 هـ) توجّه أحمد إلىدمشق، فدرس التفسير والحديث والفقه على الشيخ ابن الصـلاح الكردي الشهرزوري (ت 643هـ) أحد فضلاء عصره وعلمائه المرموقين، وعاد بعدئذ إلى حلب ثانية، ويبدو أنه يئس منالعودة إلى مدينته إربل، إذ كان التتار قد اجتاحوها وخرّبوها سنة (634 هـ)، وأنهكان يرى نفسه ما يزال في دور طلب العلم، فتوجّه إلى مصر، ووصل إلى الإسكندرية سنة (636 هـ)، ثم إلى القاهرة سنة (637 هـ)، واتصل هناك بالشاعر بهاء الدين زهير، وقويتالصداقة بينهما، إلى درجة أن البهاء أجاز لهرواية ديوانه.

كان قاضي القضاةفي مصر آنذاك بدر الدين السِّنْجاري، وهو كردي من قبيلة (زرزاري) مثل ابن خلّكان،تولى القضاء بمصر بعد أن عينه قاضي القضاة بدرالدين السنجاري الكردي ( من قبيلةزرزاري ) فولاّه نيابة القضاة بمصر، ثم تتالت الأعوام، ووصل المماليك إلى الحكم،وحلّوا محل الأيوبيين، وجاء الانتصار على المغول في معركة عين جالوت، ثم قُتلالسلطان المملوكي قُطْز قائد تلك المعركة على يد صديقه بيبرس، وتسلّم هذا الأخيرالسلطة حاملاً لقب الملك الظاهر، فعيّن ابن خلّكان قاضياً في ديار الشام سنة (659هـ)، وفوّض إليه الحكم في جميع البلاد الشامية من العريش إلى سَلَمْيَة.

وبدأ ابن خلكان ممارسة وظائفه الكثيرة، من تعيين نوّاب له في البلاد، وضبطلما تحت يده من أوقاف، وتنصيب معيدين في المدارس، ومراجعة للأحكام وفصل في القضايا،وظل في منصبه ذاك إلى عام (669 هـ)؛ إذ عُزل عنه عندما دخل الظاهر بيبرس دمشق، ليسعن تهمة وُجّهت إليه، وإنما لأن الوزير بهـاء الدين بن حنّا سعى في أن يولّي عزالدين بن الصائغ القضاء، ولأن بهاء الدين هذا لم يكن يرتاح لابن خلّكان، وإلىعلاقته بأمير كردي آخر من قبيلة (زرزاري) نفسها هو الأمير أحمد بن حجّي، وكان ذلكالأمير مرموق المكانة عند الملك الظاهر، وكان يعدّ منافساً للوزير.

وفي مصروجد ابن خلّكان منصباً تدريسياً في المدرسة الفخرية، وعانى بعدئذ من فقر شديد بسببمضايقات الوزير له. على أن الأمور اختلفت بدءاً من سنة (676 هـ)؛ إذ تمّ تعيينه فيمنصب القضاء بدمشق ثانية، ولم تستطع السنوات السبع أن تنسي أهلها قاضيهم المحبوب،فاحتفلوا بمقدمه، وتزاحموا على استقباله، وما إن دخل ابن خلّكان دمشق حتى توجّه إلىالمدرسة العادلية، فجلس فيها، وتوافد عليه الشعراء يهنئونه، وتبارى القرّاء فيالقراءة؛ وكان هذا كله في عهد الملك السعيد ابن الملك الظاهر.

وقضى ابنخلكان في منصبه الجديد ثلاث سنوات، ثم حدثت الاضطرابات في مصر والشام بين أبناءالملك الظاهر بيبرس، وكانت النتيجة أن السلطة آلت إلى أحد المماليك الجراكسة هوالملك المنصور قَلاوون، ويبدو أن ابن خلكان لم يكن من أنصار قلاوون، فاعتقل بعضالوقت، ثم جاء العفو عنه من الملك نفسه، وأعيد إلى منصبه وأضيف منصب قضاء حلب إلىأعماله.

غير أن الملك المنصور كان يرغب بعفوه العام هذا تهدئة الخواطر،ريثما يرسّخ قواعد سلطته، وما إن تمكن من ذلك حتى عـاد بعد شهر ونصف إلى عزل ابنخلّكان مرة أخرى، وكان ذلك سنة (680 هـ)، فمارس ابن خلّكان التدريس في المدرسـةالنجيبية والمدرسـة الأمينية، وأمضي بقـية عمره في الدرس ومذاكرة العلماء والأدباء،إلى أن توفي يوم السبت (26 رجب سنة 681 هـ)، ودفن بسفح جبل قاسيون.