عرض مشاركة واحدة
قديم 06-26-2014, 08:02 PM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
جوناثان سويفت
حياته وأعماله:






يعد الكاتب والسياسي الانكليزي-الإيرلندي جوناثان سويفت Swift, Jonathan (1667-1745) واحداً من أعظم أساتذة النثر الانكليزي وكاتباً هجائياً من الطراز الأول. سلط قلمه الذي لا يعرف الرحمة على حماقات البشر ونفاقهم في كل زمان ومكان. وهو في لغته التي تتصف بالقوة والإيجاز معا لما يزل منذ قرون يأسر قلوب الصغار والكبار من مختلف الأهواء والمشارب والاتجاهات.
ولد في دبلن في الثلاثين من نوفمبر 1667 وتلقى تعليمه الديني في جامعة ترينتي في ايرلندا ثم عمل في إنكلترا سكرتيراً للدبلوماسي والكاتب الإنكليزي السير وليم تمبل الذي اتسمت علاقته به بالشد والجذب حتى وفاة الأخير عام 1699. غير أن هذا العمل وفر لسويفت فرصة عظيمة للقراءة والدرس وتفتح موهبته الأدبية.
نشر عام 1697 عمله المبكر "معركة الكتب" The Battle of the Books وهو محاكاة ساخرة لما كان يحتدم في عصره من خلاف بين أنصار الكتاب القدامى والمحدثين فنراه ينتصر للمؤلفين القدامى مهاجماً فساد وزيف الأوساط الأدبية والفكرية في عصره. أما كتابه "قصة حوض غسيل" A Tale of a Tub (1704) فيعد أحد أكثر أعماله الهجائية إمتاعاً وأصالة. وفيه يسخر بشكل لاذع بأنواع النفاق والحذلقة والدجل وخصوصاً في الأوساط الثقافية والدينية، مما أثار شكوكاً قوية حول التزامه الديني، كما أثار حفيظة الملكة آن[1] وحال، كما قيل، بينه وبين ارتقائه في المناصب الدينية.داخل إنكلترا.
كان سويفت في بداية حياته العامة ينتمي الى حزب الأحرار، غير إنه كان يختلف مع حزبه في الكثير من القضايا المهمة، وعندما جاء حزب المحافظين الى الحكم عام 1710 حول سويفت انتماءه السياسي اليه موجهاً سخريته اللاذعة وأهاجيه صوب حزب الأحرار في سلسة من القطع الصغيرة البارعة وتولى تحرير صحيفة المحافظين الرسمية كما نشر عدد من الكراسات السياسية التي دافع فيها باقتدار عن سياسة حزبه ومن أهمها تلك المعنونة "سلوك الحلفاء" The conduct of the allies التي اتهم فيها حزب الأحرار بتعمد إطالة أمد حرب الوراثة الاسبانية لأغراض نفعية، وكان لتلك الكراسة أثرها في إقصاء قائد الجيوش البريطانية عن منصبه.
شاب علاقة الكاتب بالنساء شيء من الغموض؛ فقد قيل إنه تزوج سراً من "ايثر جونسن" وهي المرأة التي كتب لها "يوميات الى ستيلا" Journal to Stella 1710 وهي سلسلة من الرسائل الحميمة استخدم فيها أسلوبا يزخر بالألفاظ المستقاة من أغنيات تنويم الأطفال مما يكشف عن جانب مبهم من شخصية هذا الهجّاء العظيم.
في عام 1713 عُيِّن سويفت رئيساً لكاتدرائية القديس باتريك في دبلن، وفي العام الذي تلاه أسقِط حزب المحافظين من الحكم وانتهى معه النفوذ السياسي للكاتب. وخلال السنوات التي تلت كرس سويفت الكثير من جهده وكتاباته للدفاع عن شعبه الايرلندي مما صيره بطلاً قومياً محبوباً. غير أن أعظم أعمال الكاتب هو بلا شك "رحلات الى العديد من أمم الأرض البعيدة" والمعروف على نطاق عالمي بـ "رحلات غوليفر". وقد نشره عام 1726 دون ذكر اسم المؤلف فلاقى نجاحاً مدويا على الفور. كان غرض سويفت من كتابهِ هذا في الأصل أن يسلط سهام سخريته وهجائه على النفاق والغرور والغباء الذي كان يتحكم في رجال السياسة والأحزاب والبلاطات الملكية في عصره، لكنه، خلال كتابته إياه وظف انطباعاته الأكثر نضجاً عن طبيعة المجتمع الإنساني فصارت رحلات غوليفر عملاً مريراً وحشي القسوة في سخريته من الجنس البشري برمته. غير أن هذا الكتاب الخالد كان من سعة الخيال والظرف والسهولة بحيث ظل منذ ذلك الوقت عملاً يستمتع به الصغار والكبار وتحول الى مصدرٍ لعشرات من الأعمال السينمائية والتلفزيوني والإذاعية وأفلام الرسوم المتحركة.
عانى سويفت في سنواته الأخيرة من أدوار متزايدة من القنوط والوحدة والخوف من الجنون وخصوصاً بعد رحيل حبيبته ستيلا حتى توفي في التاسع عشر من أكتوبر 1745 ودفن الى جانبها في كاتدرائيته بدبلن. وعلى شاهدة قبره نقِشت هذه الكلمات التي كتبها بنفسه "هنا يرقد جسد جوناثان سويفت، رئيس هذه الكاتدرائية, حيث لن تستطيع نيران النقمة أن تلسع فؤاده بعد الآن. إرحل يا عابر السبيل، وتشبَّه، إذا استطعت، بمحارب مقدامٍ من أجل الحرية"