عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2010, 03:18 PM
المشاركة 30
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[ الأدلة الشرعية على تكفل الله عز وجل بحفظ القرآن الكريم ]
-----------------------------------------------
الأدلة الواردة في القرآن الكريم التي تدل حفظه من الضياع أو الزيادة والنقصان هي :

1- قوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/ 9.
يقول الإمام الطبري رحمه الله :
" ( إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ ) وهو القرآن ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) قال :
وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه ، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه ، والهاء في قوله : ( لَهُ ) من ذكر الذكر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
عن قتادة : ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) قال :
حفظه الله من أن يزيد فيه الشيطان باطلا ، أو ينقص منه حقا .
وقيل : الهاء في قوله ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ، بمعنى :
وإنا لمحمد حافظون ممن أراده بسوء من أعدائه " انتهى باختصار .
" جامع البيان " (17/68)
والمعنى الأول هو الصحيح المناسب للسياق ، فقد جاء في الآيات التي قبل هذه الآية قوله تعالى :
( وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ ) الحجر/6-8 .
فالذكر المقصود بالآيات هو الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك هو القرآن الكريم .
ولذلك قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" المعنى الأول أَوْلى ، وهو ظاهر السياق " انتهى .
" تفسير القرآن العظيم " (4/527)
2- يقول الله تعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) فصلت/41- 42.
يقول الإمام الطبري رحمه الله :
" قوله تعالى :
( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ) يقول تعالى ذكره :
وإن هذا الذكر لكتاب عزيز بإعزاز الله إياه، وحفظه من كل من أراد له تبديلا أو تحريفا أو تغييرا ، من إنسي وجني وشيطان مارد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ) معناه :
لا يستطيع ذو باطل تغييره بكيده ، وتبديل شيء من معانيه عما هو به ، وذلك هو الإتيان من بين يديه ، ولا إلحاق ما ليس منه فيه ، وذلك إتيانه من خلفه .
عن قتادة :
الباطل : إبليس ، لا يستطيع أن ينقص منه حقا ، ولا يزيد فيه باطلا " انتهى باختصار وتصرف.
" جامع البيان " (21/479)
3- ويقول الله عز وجل :
( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ) الكهف/ 27.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" يقول تعالى آمرًا رسوله عليه الصلاة والسلام بتلاوة كتابه العزيز وإبلاغه إلى الناس:
( لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ) أي : لا مغير لها ، ولا محرِّف ، ولا مؤوّل " انتهى .
" تفسير القرآن العظيم " (5/151)
ويقول العلامة السعدي رحمه الله :
" أي : اتبع ما أوحى الله إليك بمعرفة معانيه وفهمها ، وتصديق أخباره ، وامتثال أوامره ونواهيه ، فإنه الكتاب الجليل ، الذي لا مبدل لكلماته ، أي :
لا تغير ولا تبدل لصدقها وعدلها ، وبلوغها من الحسن فوق كل غاية ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) فلتمامها استحال عليها التغيير والتبديل ، فلو كانت ناقصة لعرض لها ذلك أو شيء منه ، وفي هذا تعظيم للقرآن ، وفي ضمنه الترغيب على الإقبال عليه " انتهى .
" تيسير الكريم الرحمن " (ص/479)
4- ويقول سبحانه وتعالى :
( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ) العنكبوت/48-49 .
دلت الآية الثانية على أن القرآن الكريم محفوظ في صدور العلماء ، وهو خبر من الله عز وجل ، وخبر الله لا يمكن أن يتخلف في زمان ولا في مكان .
5- ويقول جل وعلا :
( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) الحاقة/ 44 _ 47 .
وإذا كان هذا الوعيد في حق سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم ، فكيف هو حال من يسعى في تحريف كتاب الله والتقول على الله فيه ما لم يقله ، وبهذا القياس يمكن الاستدلال بهذه الآية على أنه لا يستطيع بشر أن يزيد أو ينقص من كتاب الله شيئا ، فالعقوبة العاجلة له بالمرصاد .
عن نافع ، قال :
خطب الحجاج ، فقال : إن ابن الزبير يبدل كلام الله تعالى .
قال : فقال ابن عمر رضي الله عنهما : كذب الحجاج ؛ إن ابن الزبير لا يبدل كلام الله تعالى ولا يستطيع ذلك .
رواه البيهقي في " الأسماء والصفات " (1/596) بسند صحيح .
6- وقد وصف الله عز وجل هذا القرآن بعلو جانبه ، ورفعة منزلته ، وعظيم مكانته ، وهذه الأوصاف كلها أوصاف حق وصدق ، يمكن الاستدلال بها على حفظ القرآن من التغيير والتبديل ، لأن تحقق هذه الأوصاف لا يكتمل إلا بحفظ القرآن وبقائه .
يقول الله عز وجل :
( حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) الزخرف/1-3.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" قوله تعالى :
( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) بين شرفه في الملأ الأعلى ، ليشرفه ويعظمه ويطيعه أهل الأرض ، فقال تعالى : ( وإنه ) أي : القرآن ( فِي أُمِّ الْكِتَابِ ) أي : اللوح المحفوظ ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ،
( لدينا ) أي : عندنا ، قاله قتادة وغيره ، ( لعلي ) أي : ذو مكانة عظيمة وشرف وفضل ، قاله قتادة
( حكيم ) أي : محكم بريء من اللبس والزيغ . وهذا كله تنبيه على شرفه وفضله ، كما قال تعالى :
( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الواقعة/77-80. وقال تعالى :
( كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) عبس/11-16" انتهى .
" تفسير القرآن العظيم " (7/218)
8- وقوله عز وجل :
( ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) البقرة/2. ينفي عن القرآن الكريم كل ريب وشك ، والتغييروالتحريف من أعظم الريب المنفي الذي يستحق النفي .
9- عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ :
( أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا
: .... إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ ... )
رواه مسلم (رقم/2865)
يقول أبو العباس القرطبي رحمه الله :
" فلو غسلت المصاحف لما انغسل من الصدور ، ولما ذهب من الوجود ، ويشهد لذلك قوله تعالى :
( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9" انتهى .
" المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم " (7/163)
ويقول الإمام النووي رحمه الله :
" قوله تعالى : ( لا يغسله الماء ) معناه : محفوظ في الصدور ، لا يتطرق إليه الذهاب ، بل يبقى على مر الأزمان " انتهى .
" شرح مسلم " (17/198)
وننبه هنا إلى أن هذه الأدلة إنما هي أدلة من القرآن الكريم على تكفل الله بحفظه .
إن معظم هذه الأدلة إنما تصدق في القرآن الكريم إذا استحضرنا أنه كتاب منزل إلى الناس كافة ، وأنه يحوي تشريعا صالحا لكل زمان ومكان ، بخلاف الكتب التي أنزلت على الأنبياء من قبل .
والله أعلم .
منقول

5 / 9 / 2010