الموضوع: مسار
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
9

المشاهدات
3131
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
04-16-2014, 02:13 PM
المشاركة 1
04-16-2014, 02:13 PM
المشاركة 1
افتراضي مسار
ضمت إلى صدرها حاسوبها المحمول ، حملقت بعينيها في الآفاق الممتدة أمامها ، انكمشت صاغرة أمام رحابتها ، أعادت النظر فلم ينبلج ممر يشق بحر حيرتها و يحفظ سوأة عجزها عن التخلص من عباءتها و الكشف عن ساقيها و اقتحام شعابه الهادرة.
رجعت ببصرها المتعب إلى لوحتها المستندة على ركبتيها ، رسمت على صفحتها الغامقة قرصا صغيرا مضاء، وسعت الدائرة فأمست بوابة نفق ممتد تسع رأسها ، توسطها سؤال " من أنت ؟" طبعت اسم منار ، فباتت لقمة سائغة لهذه الحية العملاقة تبتلعها في هدوء .
أحست نفسها خفيفة و نورانية ، تفككت حروفها الرقمية منضمة إلى تشكيلات ومجموعات وهمية في استعراض اليكتروني بسرعة ضوئية مخلفة آثارا على الرمال لا تستطيع الصمود ، طفقت الميم مسرعة جهة الماء تروي العطشى بقبلات انتعاش . أحست نفسها مائية الطبع تسبح بانسيابية محركة زعنفاتها بيسر في أنهار التواصل ، التقط ميمها فتى حالم يسد جوعه بقطرات أثيرية آتية من سحابتها العابرة فأضحت الميم كرة طائرة تداعبها الأنامل بين إرسال و احتضان لساعات طوال ، فما إن تتخلص من زائر حتى يأتيها آخر في ثوب جديد ، تعجبت من تلك الكائنات الهشة ، الضاربة في النعومة ، المؤمنة بالخواء ،المتشبثة بالكيد الرحيم ، الناقمة على نفسها ، السابحة في محيطات الضياع حيث لا عاصم لها من الطوفان .
هبت إلى نونها فتحولت جمرة غاضبة ملتهبة تتمنى تفجير الكون من حولها ، أصبحت نفسها شعلة حارقة يتطاير شواظها كأنها مارد يحرض على الكراهية والاقتتال . تلقفتها أفواه لا تمل السب و الشتم ، تبني مجدها الجبار على أعمدة دخان ، يتميز غيظها بلا سبب ، تريد العالم حفرة حالكة يبرق فيها اللهب المستعر ، لم تكن تعلم أن نفسها الواهنة و بشرتها اللينة تغلفان بركان حقد دفين تنتفخ أوداجه باحثا عن فوهة يقذف منها حمما ماحقة ، أدهشها هذا المارد الذي يسكنها ، من أين جاء بهذه البطولة الأسطورية ؟ كيف يقتات على الألم والدمار؟ و يستمتع بتحوله من عود ثقاب ببذرته الدقيقة إلى برميل بارود برأس نووية يعبر القارات متأبطا الرعب و نافثا ألسنة لهب يتوعد بها من يحيد عن منهج الدجال ؟
أتعبتها تلك الثنائية الغارقة في التطرف ، فتمنت التخلص من ميمية اسمها المستعار و نونيته ، فلا هي كائنة ساذجة ترتوي بالأحلام و الثرثرة الركيكة ، ولا هي جندية الطبع تقتات على الحديد والنار . هناك احتضنت ألفها و راءها و بحثت لهما عن ضاد بها تترجل من ذلك العالم الفوقي و ترجع إلى أرضها التي شغفت بها حبا ، فترابيتها علمتها أن لا زرع ينمو إلا في حضنها ، وأن لا هواء في تلك العوالم الافتراضية مهما بدت آسرة ، فالروح تسكن التراب وهي من تمنحه تلك الرائحة الندية .