الموضوع: أنت طالق...!!
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2014, 09:23 PM
المشاركة 36
فاتحة الخير
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأستاذة فاتحة الخير

كل الشكر على عودتك في هذه المداخلة الجديدة اتصور ان لديك الاستعداد والمعرفة للاشتغال على النصوص ونقدها بصورة ممتازة *

بل كل الشكر لك سيدي على ثقتك الكاملة

تصفين القصة بقولك" هذا النص العملاق وهو بالفعل كذلك سواء من الناحية التصويرية والأدبية وكذا الجمالية لهذا النص العميق والذي مهما بحث المختصون فيه يبقى دائما يحمل الكثير"...لكن الدكتور زياد يراه غير ذلك فهل لك ان تسهبي في توضيح اسباب اعتباره نصا عملاقا من النواحي الفنية وهل ترينه كذلك من ناحية البناء الفني ام فقط من حيث اللغة والتصوير ؟

عندما دخلت قصة ( أنت طالق) أول ما بهرني وشدني هو الأسلوب الرائع والصور البلاغية والتصويرية لحادثة الطلاق هذه، لكن القراءة الأولى كثيرا ما تكون غير مكتملة لذلك أتبعتها بثانية وثالثة، ساعتها ظهرت الحبكة الدرامية التي شيدت بها القصة، فهذا النص هو بناء متكامل من لغة راقية وعالية ومشاهد تصويرية دقيقة سلطت الضوء على أدق التفاصيل والحالة الجسدية التي تعبر عن الإعياء والكاهل المثقل بالأسى والحسرة على ما ألت إليه حياتها (توزع خطواتها على شارع المجهول)وكذا الحالة النفسي التي جسدتها بقولها (وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها) يعني أن الكاتبة هنا الأستاذة امباركة حرصت على ان يكون القالب الدرامي مكتمل من جميع النواحي، فكثيرا من القصص المأساوية تركز الحالة النفسية والداخلية للبطل، رغم أن الحالة الخارجية أو الجسد وما يبرزه من حركات وتأوهات هي ايضا ضرورية لاكتمال الصورة.

وتقولين " بالنسبة لي أرى كقارئة بعين القارئة البسيطة وليس المتخصصة، أن الكاتبة اتخذت منحى ما يسمى ب"الفلاش باك" السؤال هل نجحت في استخدام هذا التكنيك وبما لا يؤثر على بناء الحبكة وتسلسل الحدث؟

لا اخفي عنك أنني من أشد المعجبين بكتاب ( الفلاش باك) وهذه الكتابة ليست سهلة، صحيح أنها تقدم لك بعض مشاهد النهاية على طبق من ذهب.
لكن من قال أن النهاية هي الأكثر أهمية في القصص فالمضمون الذي يلي معرفة النهاية مهم أكثر، وأهميته تكمن في براعة القاص في شد انتباه القارئ وجعله ينهي قراءة النص رغم معرفته بما سيحدث في آخر القصة. فطريقة تركيب الأحداث وتفصيل المشاهد وصعود "تيرموميتر "الحبكة الدرامية قد تؤدي إلى حبس الانفاس والتوتر وشتى الأحاسيس التي تنبعث من القارئ من خلال تجاوبه مع أحداث القصة بغض النظر عن نهايتها، هي قمة ما يصل إليه القارئ من استمتاع وتواصل مع بطل أو ابطال القصة

تقولين " والكاتبة هنا لم تخرج عن منطق الواقع"....اذا القصة معزوفة واقعية وربما ان هذه نقطة القوة الاهم في النص حيث يحاكي النص الواقع ولذلك يكون بالغ الاثر في المتلقي.

مهما صورت لنا القصص من مشاهد تخيلية ومهما صاغتها ولونتها بألوان تصويرية وفنية جميلة يبقى الواقع أعظم قصة نعيشها ونسمعها

وتقولين " إلا أن الكاتبة صورت لنا أروع صورة للمطلقة العربية، وهي الحيرة والتفكير في المجهول والتذبذب والصراع الداخلي حول إطلاق صرخة التحرر أو التقوقع داخل هوان الطلاق.
وهنا تكمن روعة النص" اذا ان تعتقدين انها نجحت ايما نجاح في بناء شخصية البطلة وتمكنت من جعلها شخصية دائرية round figure ؟

المطلقة العربية دائما ما يكون طلاقها مأساويا حتى لو هي من اختارت هذا الطلاق نظرا لنظرة المجتمع المشوهة للمرأة المطلقة وكذا ألأرملة وكأن الزوج هو الحامي المطلق للمرأة في الصورتين وكأنه هو من ينفث فيها الأخلاق الفاضلة ويغرس فيها الحياء والبعد عن الرذيلة.
فدائما ما تحظى المطلقة والأرملة على حد سواء من سوء الفهم لتصرفاتها بل تراها دائمة الخوف من الآخر ومن نظراته...

وتقولين " من ناحية المحسنات أرى أن النص كله عبارة عن صور إبداعية وجمل بلاغية وأسلوب غاية في العطاء الأدبي والشموخ التصويري، حيث ارتوى وشرب من شتى ينابيع الإبداع الحسي واللفظي " أنا شخصيا اتفق معك في هذا لكن ماذا تقولين في من يرى بأن ذلك اثر على جودة البناء السردي فكان النص اقرب الى الخاطرة؟

بصراحة لا أعرف كيف ستؤثر الصور الإبداعية والفنية التصويرية للنص في جودة بنائه السردي، فما افهمه أنا عن القصة انها كل هذه المؤثرات الهيكلية والحسية مجتمعة، كما وجود مكان وزمان وديكور صنع بإحكام لاحتواء أي عمل قصصي.

وتقولين "شيء اخير لو سمحت لي وهو اختيارك لعنوان " خناجر الألم" في رأيي أن هذا العنوان أيضا يلمح لمضمون النص وهو وجود ألم من البداية للنهاية، وربما عنوان " دوامة" سيكون الأقرب لمعانات بطلة قصتنا، أو ربما " تيه" "الضحية"...السؤال هو ما الغاية من العنوان ؟

يقولون أن الجواب يفهم من عنوانه، لكن بالنسبة للقصة ليس من الضروري أن يكون العنوان عاكسا لما يحتوي عليه نص القصة، بل ربما يكون نقطة فقط من نقاط ما يدور من أحداث أو ربما يكون مبهما لا يفهم إلا في نهاية القصة وربما يظهر الفكرة الأساسية للنص ويترك التشويق في التفاصيل المصاحبة للفكرة الرئيسية.

وتقولين "ربما سأسبق زمن التحليل، وأنوه بشدة على القفلة البارعة التي ولدت من رحم المآسي والتي أرى فيها بنظرتي المتواضعة لهذا النص العملاق، إرتماء الضحية في حضن الأم وكأن الكاتبة تريد أن تفتح لنا فجوة ولو ضيقة من ضوء وأمل في نهاية النص." لكن السؤال هو هل هذه النهاية الافضل من الناحية الفنية؟

لا أستطيع أن أقول أن هذه النهاية هي الأفضل، فأي عمل وكيف ما كان يبقى ما خفي ولم يدرج فيه هو الأفضل. لكن النهايات التي ترسم علامات استفهام، هي نهايات جيدة لأنها تجعل كل قارئ يرسم نهاية تليق بما وصل إليه من فهم وإدراك للقصة حيث يصبح القارئ ليس مجرد متلقي بل ايضا فاعلا في القصة.


شكرا لك استاذة فاتحة الخير

كل الشكر لك سيدي، وممتنة كثيرة بنعتي بالأستاذة رغم أنني أرى نفسي تلميذة في حضرة الكبار.