الموضوع: ادجار الن بو
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-2014, 04:27 PM
المشاركة 60
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
من الغموض والخيال
دمار منزل آشر .. لـ(إدجار آلن بو)
ترجمة طارق علي السقاف

في احد أيام الخريف وفي تلك الليلة المقفرة الشديدة الظلمة سافرت لوحدي ممتطياً جواداً لزيارة منزل السيد آشر، وبعد ان ظهرت معالم المنزل من بعيد، بدأ وكأن روحي قد انقبضت وبدأت اشعر بالكآبة ممزوجة بالرهبة لاأدري لماذا، كما شعرت بحزن غريب كان قد اعتراني وهذا الحزن - كما احسست- كان انعكاساً للحزن والذبول اللذين كانا يطلان من ذلك المنزل الذي كنت متوجهاً إليه.

كانت نوافذه شديدة السواد مثلها مثل العيون السود لوجه اعتصره الشحوب، وكانت بجانبه الجذوع البيضاء لاشجار لاحياة فيها وكانت تقع على ضفاف بحيرة مياهها الراكدة تعبر هي الاخرى عن حزن وذبول ذلك المنزل. وفي النهاية اوقفت كل محاولاتي لحل لغز ذلك الشعور الغريب بالحزن الذي اعتراني، عبرت البحيرة واتجهت إلى المنزل.

كان مالك المنزل - ويدعى رودريك آشر- من اعز اصدقاء الطفولة بالنسبة إلي، ولكن مرت سنوات عدة منذ آخر لقاءلنا، وقد ارسل لي مؤخراً دعوة عاجلة لزيارته، بل لقد ترجاني لامكث عنده لبضعة اسابيع، وقد ارسل لي شارحاً بأنه يعاني من مرض عضال ألم به، مرض أثر على عقله، وقال لي بأن رفقتي سوف تخفف عنه الكثير من آلامه وهاجسه بل وستسعده. كان صادقاً في كل ماقاله لي واكثر من ذلك بأني لم اتردد في الموضوع ولبيت طلبه وهاأنذا قد جئت إلى منزل آشر.

بالرغم من ان السيد رودريك آشر كان صديقي منذ الطفولة، إلا انني لم اكن اعرف عنه الكثير، كما انني اتذكر بأنه كان دائماً هادئاً بطبعه، كما لم يكن يحب الاختلاط بالآخرين. وعرف عن عائلة السيد آشر منذ القدم ميولها الشديد والغريب للخيال وكان هذا قد انعكس على اعمالهم الفنية والموسيقية على مر العصور. كما عرفت ايضاً بأن رودريك يعيش وحيداً حالياً ولايوجد لديه اقارب إنه آخر فرد من عائلة آشر. حتى ان منزل آشر لم يعني منزل وارض فقط بالنسبة للناس ولكنه كان يعني ايضاً عائلة آشر.

وبمجرد أن اقتربت من المنزل الكئيب قفزت فكرة غريبة إلى راسي اعتقدت بأن الهواء الذي كان يدور حول المنزل مختلفاً كلياً عن الهواء في بقية المناطق، كان هواءً فاسداً اعتقد بأنه ناتج من الاشجار الذابلة والبحيرة الراكدة وكذا الحيطان الكئيبة التي كانت تحيط بالمنزل بل شعرت للوهلة بأن الهواء نفسه كان كئيباً كان يحيط بالمنزل كسحابة ضبابية، كنت اشعر بصعوبة بالغة كي اطرد هذه الهواجس من عقلي.

استطيع ان ارى المنزل بوضوح الآن بعد ان اقتربت منه بمسافة كافية، كان منزلاً حجرياً قديماً جداً بالرغم من ذلك كان البيت مكتملاً بمعنى لم ينهار أي جزء منه ولكنه وبالرغم من ذلك كان قابل للسقوط في اية لحظة، لم يكن هناك اي علامات لضعف المنزل سوى ذلك التشقق الطويل والضيق الذي امتد من أعلى السطح من الناحية الامامية للمنزل حتى مستوى الارض.

أخذ الخادم حصاني، ودخلت بوابة المنزل، قادني الخادم بصمت عن طريق العديد من الممرات الملتوية نحو غرفة السيد رودريك، واثناء سيري مع الخادم رأيت اشياء بالرغم من انها عادية وموجودة في اي منزل إلا انه كانت لها الاثر الغريب في نفسي فقد رايت بعض من الزينة والستائر السميكة وبعض الدروع والاسلحة كما رايت صفاً من الصور وبينما كنت اصعد السلالم إلى اعلى قابلت طبيب العائلة الذي بدا وكأنه مستغرباً بل وظهر عليه الخوف بمجر ان راني.

كانت غرفة مالك المنزل كبيرة جداً ومرتفعة كما كانت معتمة، كما أنها كانت مفروشة بأثاث من الطراز العتيق في القدم، كانت هناك العديد من الكتب والآلات الموسيقية المبعثرة ولكن كل هذه الاشياء فشلت في إضفاء الحياة على المنزل، كما شعرت بأنني اتنفس هواءً مليئاً بالحزن والكآبة.

رحب بي آشر بحرارة جلسنا مع بعضنا ولبعض الوقت كنت اتطلع إليه وقد اعتراني شعور عظيم بالاشفاق عليه لقد تغير كثيراً صحيح انه كان في الماضي يبدو عليه بعض من الشحوب ولكن الآن كان شحوبه كبيراً وبالطبع لم أر في حياتي قط إنسان قد تغير تغيراً رهيباً في فترة وجيزة مثل صديقي رودريك آشر، وبدت عيناه اكثر جحوظاً من قبل وباهتة كما كان حجمها غير طبيعي كما تحولت شفتاه إلى خيط رفيع اسفل انفه، اما شعره فقد اصبح مجعداً واشعتاً كما ان وجهه بدت عليه بوادر شيخوخة مبكرة.

لم يكن التغيير في صديقي رودريك شكلياً فقط ولكن سلوكه ايضاً قد تغير فقد اصبح كثير القلق وكان الاضطراب بادياً بوضوح على وجهه وصوته ايضاً كان قد تغير ففي الماضي كان صوته جهورياً قوياً أما اليوم فقد اصبح ضعيفاً ويشوبه الكثير من القلق والحذر، كان صوته مثل رجل ثمل انتهى لتوه من شرب كميات كبيرة من الكحول. وقد اخبرني بصوته الثمل برغبته الشديدة في ان يراني كما عبر عن اعتقاده بأن قدومي سيجلب له الكثير من الراحة والطمأنينة، بدأ بالحديث مطولاً عن مرضه وعلى حسب تعبيره كان ـ أي المرض ـ لعنة قد حلت به وبعائلته من قبله وبدا مرضه لاعلاج له على حد تعبيره كما عانى كثيراً من حدة إحساسه وقد نصحه الاطباء بنوعية معينة من الاكل كان لاطعم له، كما كان مجبراً على ارتداء نوعية معينة فقط من الملابس كما لم يستطع ان يتحمل رائحة الزهور، كما كان الضوء المباشر يؤذي عينيه كما كان ممنوعاً من الاستماع لصوت الموسيقى إلاّ من بعض الآلات الموسيقية التي كانت موجودة في بيته قال لي "أنا خائف من المستقبل ليس من احداثه ولكن من تأثير احداثه عليّ، إنني ارتعد بمجرد التفكير بأتفه الامور التي ربما تزيد من حالة الاحتقان التي اعاني منها، اعتقد بأن الحالة الرهيبة التي تعتريني ـ اي الصراع مع الخوف ـ سيأتي يوم اسلم فيه روحي وجسدي لها، وهذا اليوم اشعر بأنه قريب ".

كانت صدمة عنيفة لي عندما علمت منه بأنه لم يغادر منزله منذ سنوات طويلة، قال لي " إن المنزل وحيطانه وكذا ابراجه كان لهم الأثر الكبير عليّ، فهناك قوة غريبة تقيدني بهم كما لو أنهم مخلوقات حية"، احسست بالألم ولم اجد ما أقوله لصديقي.

اعترف ـ بالرغم من انه تردد في البداية ـ من ان معظم الحزن الذي يعتريه كان ذات منشأ طبيعي وبسيط، كان حزنه يعود للمرض العضال والمزمن الذي ألم بأخته التي كان يكن لها حباً عميقاً، أخته التي كانت مرافقة له لسنوات عديدة، وكانت آخر قريب من العائلة بالنسبة له على وجه الارض، قال بصوت يملئه المرارة لايمكنني ان انساه ماحييت "أنها على وشك الموت، وموتها سيبقيني وحيداً في هذه الدنيا وآخر شخص من عائلة آشر"، وبينما كان يتحدث إلي دخلت اخته الغرفة ببطء وكانت تدعى الليدي مادلين ولم تلحظ وجودي وانا اتحدث مع اخيها في الغرفة، وعندما نظرت اليها شعرت بدهشة وخوف عظيمين لم اعرف سببا لهما، وبمجرد ذهابها استدرت لمواجهة صديقي وكان هذه المرة قد غطى وجهه بيديه حتى يحجب سيل الدموع الذي انهمر منه.

كان مرض الليدي مادلين قد اربك امهر الاطباء وجعلهم يقفون عاجزين امام حالتها، كما انها الآن لم تعد تهتم بشفائها او حتى موتها نتيجة لذلك المرض، وكان يبدو عليها الضعف الدائم والمستمر حتى بدت هزيلة وكان هذا له تأثيره الاكبر على نبضات قلبها، وبقلب جريح وحزن عميق اخبرني صديقي بانه لم يعد هناك فرق كبير بين حالتها السيئة وموتها ا لمحتوم، فقال لي بألم : "يجب عليها الآن ان تغادر الفراش كما اني لااظن بانك ستراها ثانية".

وبعد ايام من وصولي لمنزل آشر لم يذكر احدنا اسمها وخلال هذه الفترة حاولت قصارى جهدي حتى اجلب السعادة والسرور الى قلب صديقي، فقد قمنا بالرسم معا كما كنا نقوم بالقراءة وكنت استمتع بسماع عزفه على الموسيقى وكأنني كنت في حلم، وقد توطدت صداقتنا اكثر وكنا نتفق في الكثير من الآراء ولكن بالرغم من كل ذلك كان شعوره بالبؤس والشقاء اعظم.

كما انني لن انسى ساعات البهجة والسعادة التي قضيناها معا بالرغم من انني لااستطيع وصف شعوري تجاه ما كنا نقوم به معا، فقد كان صديقي آشر رجلا ذا مبادئ ومعتقدات نبيلة ولكنها تأثرت كثيرا خلال مرضه الطويل، واصبح الآن يعبر عن كل مايعتريه من شعور وافكار فقط بالرسم والموسيقي في كثير من الاحيان عامضا وعويص للفهم ليس لي فقط ولكن بالنسبة اليه هو ايضا ففي احدى المرات عندما نظرت الى احدى لوحاته ظننت باني قد فهمت شيئا ما فيها بالرغم من انني لم استطع فهمها كثيرا، انني اتذكر تلك اللوحة التي رسمها لانني كلما نظرت اليها شعرت برجفة لا اعلم سببا لها، وكانت اللوحة عبارة عن طريق طويلة جدا تحيطه اسوار منخفضة الارتفاع ملساء وبيضاء اللون، وكانت خلفية هذه اللوحة توحي بان هذه الطريق تمتد الى اسفل واسفل تحت سطح الارض، كما لايوجد طريق غيره يجذبك الى اسفل قاع الارض، لم تكن هناك اضاءات او اي مصدر آخر للضوء في الطريق بالرغم من ان اللوحة كانت مغطاة بحزمة من الاشعة الضوئية.

في احد الايام كنا نتحدث واخبرني بانه يؤمن بان كل انواع النباتات لديها القدرة على الشعور والاحساس، كما اخبرني ايضا عن ايمانه بان الاشياء الجامدة ايضا لها هذه القدرة تحت ظروف معينة. وكما اسلفت سابقا فان معتقده هذا يرتبط بالحجارة القديمة الغبراء التي كانت متراصة فوق بعضها لتشكل منزله القديم، فقد كان يعتقد بان هذه الحجارة الغبراء العتيقة والطريقة التي تمت بها مرابطتها مع بعضها قد اعطتها نوعا من الحياة، وكذا مياه البحيرة والاشجار الميتة المحيطة بالمنزل كلها قد اشتركت مع بعضها في خاصية الحياة فقد قال لي : "الدليل على وجود حاسة الشعور لدى مياه البحيرة والحيطان وكذا الاشجار الميتة يكمن في التطور التدريجي للهواء المحيط بهم" عندما تذكرت الشعور الذي اعتراني عندما رأيت كل هذه الاشياء بمجرد وصولي لمنزله، فحبست انفاسي اثناء متابعة كلامه فقال لي : "ان لهذا الهواء تأثيرا صامتا ورهيبا على عائلتي، وهو السبب لما انا عليه اليوم" . لم استطع ان اقول شيئا لصديقي.

ذات مساء ابلغني آشر بوفاة شقيقته الليدي مادلين، وكان هدفه - كما اخبرني - بان يحتفظ بجثتها لمدة اسبوعين في احدى غرف المنزل الكثيرة الموجودة في الاسفل قبل ان توارى الثرى، وكان سببه في هذا القرار يبدو لي منطقيا الى حد ما فقد اخذ في اعتباره طبيعة المرض التي كانت تعاني منه، بمعنى انه كان يريد ان يتأكد من موتها قبل دفنها في مقبرة العائلة.

وقد ساعدته في عمل كل الترتيبات اللازمة حيال ذلك، وقمنا نحن الاثنان بحمل الجثة داخل النعش ووضعناها في احدى الغرف الصغيرة في الطابق الاسفل وكانت مظلمة ورطبة، كانت الغرفة تستخدم في الماضي في الاوقات العصيبة التي مرت بها عائلة آشر، فقد كانت مخزنا للذخيرة وبعض المواد الخطرة الاخرى، وجزء من ارضيتها ومدخلها كان مغطى بالنحاس، كان باب الغرفة الحديدي الكبير مغطى هو الآخر بالنحاس، قمنا بوضع التابوت على طاولة صغيرة، وفتحنا غطاء التابوت بشكل جزئي والقينا نظرة على الجسد المسجى داخله، وادركت عندها حجم الشبه الكبير بين الاخ واخته، نظر الي صديقي آشر وكأنه كان قد قرأ افكاري وقال لي بانهما - هو واخته - كانا توأم، كما ان عاطفتهما الكبيرة كانت مشتركة ايضا بينهما ،كان هناك لون باهت على وجه الفتاة ورقبتها، وبدت ابتسامة باهتة ظهرت جلية على شفتيها، لم ننظر طويلا لها وقمنا باغلاق التابوت وعند خروجنا من الغرفة اغلقنا الباب خلفنا وتوجهنا نحو الطابق العلوي من المنزل.

بعد ثلاثة او اربعة ايام من الحزن الشديد لاحظت تغيرا محلوظا في سلوك صديقي، بدا وكأنه قد اهمل او هجر هواياته المفضلة من العزف والرسم والقراءة، وكان يتنقل من غرفة الى غرفة شاردا حزينا، وبدا ان وجهه ازداد شحوبا، كما انطفأ بريق عينيه، في بعض الاحيان شعرت بان هناك سرا في حياته اراد ان يخبرني به ولكنه لم يمللك الشجاعة الكافية للبوح لي به، وفي اوقات اخرى كنت اراه جالسا لساعات طوال مصغيا بانتباه شديد لبعض الاصوات الخالية كما لو انه يتوقع حدوث شيء له غير طبيعي. وياللعجب بدأت حالته الغريبة تملأني بالخوف لانني بدأت اشعر بتأثير قوي لافكاره الرهيبة تنتقل الي.

بعد سبع او ثمان ليال من وفاة الليدي مادين، بدأت استشعر بالقوة العظيمة لهذا الشعور، فقد كنت مستيقظا لساعات طوال في الليل، مقاوما اي شعور بالخوف يداهمني، وقد ارجعت الكثير من شعوري هذا الى كل مايحيط بي في الغرفة مثل الاثاث المترب والستائر الممزقة التي كانت تتمايل بقوة بفعل الرياح والعواصف التي كانت تهب بالليل وكذا السرير العتيق الذي كنت مستلقيا عليه، ولكن كل محاولاتي لمقاومة الخوف باءت بالفشل واخيرا استيقظت مذعورا ونظرت حولي بكل ما اوتيت من قوة فقد كانت الغرفة شديدة الظلمة، سمعت او خيل الي باني سمعت بعض الاصوات الخافتة تأتي من وقت لآخر، وقد استغللت وقوف الرياح العاتية لوقت قصير فقمت وارتديت ملابسي بسرعة، وكنت ارتجف كثيرا، ولكن هل من شدة الخوف او من شدة البرد لست ادري.

ولتهدئة روعي مشيت بسرعة ذهابا وايابا داخل الغرفة، قمت بذلك حوالي مرتين او ثلاثا عندما كان هناك طرقا خفيفا على باب غرفتي ودخل آشر الغرفة، كان حاملا معه مصباحا والذعر باديا على عينيه صاح نحوي فجأة قائلا : "انت لم تره؟ ، ولنك انتظر سأجعلك تراه"، قال هذا وسلط بحذر ضوء مصباحه واسرع نحو احدى النوافذ وفتحها ورماه نحو العاصفة في الخارج.

دخلت العاصفة من النافذة ومن شدة قوتها بدأت برفعنا الى اعلى، ولكن لم تكن الرياح العاتية هي من شد انتباهنا ولاالسحب الكثيفة التي كانت تدور حول المنزل في كل الاتجاهات، لم نكن نرى القمر ولا النجوم، ولكن المنزل وكلل الاشياء التي كانت تدور حوله حتى السحب من فوقنا كانت تومض بوميض غريب، كان ضوء غير اعتيادي كان ذلك الضوء الغريب ينبعث من الحيطان المحيطة بالمنزل وكذا من مياه البحيرة فصرخت بوجهه بفزع قائلا : "لايجب عليك ان تنظر الى هذا" في الوقت الذي قمت بحسبه من النافذة الى احد كراسي الغرفة، فقلت له محاولا تهدئته : "ان هذا الضوء الذي يزعجك ما هو الاتشوش كهربائي لايونات الهواء، دعنا نغلق النافذة، لان الرياح عاتية وباردة وهذا خطير على صحتك، هذا احد الكتب المفضلة لديك، ساقرأ لك شيئا منه حتى تستطيع ان نمرر الوقت معاً في هذه الليلة الرهيبة"، بدأت بقراءة الكتاب وبدأ آشر بالاتماع او تظاهر بالاستماع الشديد، كان الكتاب عبارة عن قصة معروفة للكاتب السير لونسيلوت كاننج، وبعد كنت اقرى لثمان او عشر دقائق، وصلت للجزء من القصة الذي فيه كانت الشخصية المحورية تتجه الى منزل الاعداء، وهناك يجب علي تذكر ذلك المقطع من القصة، وكانت الكلمات كالتالي:

"وانتزع اثليرد سيفه، وضرب الباب بضربات عديدة قوية، وقام بشق وكسره، وكان صوت تكسير وتهشيم الباب الخشبي قد ملأ ارجاء الغابة" . مع نهاية هذ الجملة من القصية توقفت قليلا واعتقدت باني اسمع سوتا غريبا مثل الصوت المذكور في القصة، كان صوت تحم خشب، بدا وكانه قادما من احدى الغرف السفلية من المنزل، اعتقدت في البداية بان هذا الصوت ناجم عن بعض الاعطاب الناجمة عن الرياح العاتية، اعتقدت بانه لاداعي للقلق واستمريت في قراءة القصة وكانت : "بعدها قام البطل اثليرد بدخول المنزل عبر الباب الذي قام بكسره، ووقف على ارضية من الفضة، كان امام حيوان مفترس، وكان خلف هذا الحيوان ترس عظيم مصنوع من النحاس الاصفر معلق على الحائط، وكان عللى الترس كلمات مكتوبة تقول:

"يدخل هنا المنتصر فيقتل الحيوان المفترس فينتصر الترس".

استل اثليرد سيفه مرة ثانية بعد قراءته لهذه الكلمات على الترس، وقام وضرب رأس الحيوان المفترس، اطلق الحيوان المفترس صرخات مدوية اخترقت جدران الغرفة وبعدها خر جثة هامدة، وسقط الدرع مباشرة الى الارضية بجانب قدمي البطل اثليرد" مرة ثانية وانا اقرأ القصة شعرت بشعور غريب وخوف كان قد اعتراني فجأة وكنت مجبرا هذه المرة على وقف قراءتها، كان - دون شك هذه المرة - بان كنت قد سمعت صوتا او بالاحرى صرخة الم،وصدرت مباشرة بعد سماع اصوات بعيدة لمواد معدنية كانت قد ضربت بقوة، لم اكن متأكدا بان آشر كان مثلي قد سمع تلك الاصوات، اندفعت مرتعشا نحو الكرسي الذي كان يجلس عليه، كانت عيناه مثبتتان صوب الباب، كانت شفتاه تتحركان وبعد ان انحنيت امام شفتيه سمعت هذه الكلمات التي كان يتمتم بها وكانت تقول : "هل انا اسمعها؟. نعم انني اسمعها، نعم انني اسمعها لفترة طويلة، طويلة جدا لعدة دقائق او عدة ساعات او ربما عدة ايام، هل سمعتها؟ بالرغم من انني لااجرؤ، او مااتعسني، انني انسان تعيس، لااجرؤ على الكلام، لقد وضعنا حياتها في تابوت، لم اخبرك بان حاستي قوية جدا؟ وانا الآن اقول لك باني اسمع حركاتها الاولى قبل ع دة ايام، بالرغم من اني لااجرؤ على الكلام. والان الليلة - اثليرد - هاها - كسر الباب وصرخة الموت للحيوان المفترس وسقوط الترس، قل بدلا من دفع تابوتها وصرخاتها وصراعها من داخل التابوت، اوه اين يمكنني ان اختبئ؟ هل يمكن ان تكون هنا في الحال؟ الا يمكن لها ان تأتي الى هنا وتوبخني على تهوري هذا؟ الم اسمع وقع خطواتها على السلم؟ الا يمكنني سما ضربات قلبها المتسارعة؟ مجنون" بعدها قفز على قدمه وصرخ صرخة مدوية الكلمات التالية : "مجنون، انني اخبرك انها تقف الآن خارج الباب".

كما لو ان هناك قوة خفية تولدت من جراء صوته المدوي، انفتح الباب الكبير ةمن جراء العواصف العاتية ولكن بعدها وخارج الباب وقفت هناك هيئة طويلة مرتدية كفنها، كانت الليدي مادلين اخت آشر، وللحظة بقيت ترتجف على الباب، بعدها اطلقت صرخة خافته وسقطت بجانب اخاها، شعر آشر بصدمة قوية عاجلت مما جعله يسقط جثة هامدة من هول المفاجأة، وما هي الا لحظات قليلة حتى تسقط آخته صريعة بجانبه.

هربت من تلك الغرفة وكذا من المنزل بكل ما اوتيت من قوة وكنت مرعوبا جدا، ولم انظر خلفي حتى وصلت الى تلك البحيرة، سمعت صوتا مدويا كان قد ملأ الاجواء من حولي وبمجرد ان نظرت حولي بفزع سمعت صوتا قويا ومرعبا كنت قد سمعته من قبل، ذلك الصوت الذي كان قد خرج من سقف المنزل الى الارضية التي كانت تلفها الرياح العاتية كان صوت يشبه ذلك الصوت الذي اطلقه الحيوان المفترس عندما قتله اثليرد في القصة، انهارت اعمدة المنزل وصاحب ذلك الانهيار صوت مدوي، كان صوت مياه البحيرة، وكانت هائجة جدا وفجأة اتجهت مياه تلك البحيرة المظلمة السحيفة العمق صوب المنزل و.....والتهمته في الحال.