عرض مشاركة واحدة
قديم 01-13-2014, 09:06 PM
المشاركة 35
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ أحمد الوراق

لكي لا يضيع الشمال في النقاش

سالتني عن العقيدة و سأوضح العقيدة الإسلامية موثقة بعد هذا التفسير الخاص ، فالعقيدة هي معلم حياة الفرد ، فهي تلك التوابث التي يرجع و يستند عليها كحقائق تابثة ، وعليها يبني كل سلوكياته . فالعقيدة ليست هنا مجرد افتراض لكي نبحث البرهنة عليه ، إنها معطى تابث لا يقبل التأويل . فكل العلوم لها توابث من خلالها تبني علاقات و قوانين . فلو تصورنا أن شخصا انحرفت عقيدته عن الإيمان بالله و اتخذ قيمة من القيم معلما لحياته ، وعليها يبني كل تصواته كمثال " العدالة الاجتماعية ، الحب ... " و أضحت تلك القيمة مصدر إلهام لفلسفة في الحياة فمتى فشل في الوصول إلى تلك القيمة و تطبيقها في المجتمع ، رجع على أعقابه وانسلخ عن ذلك المعتقد ، إما بالنقد الذاتي و التحول إلى النسبية ، أو بالبحث عن بديل آخر ، فيكون تائها بين القيم أيها تصلح لتبني فلسفة قابلة للتطبيق ، و يقبل عليها الناس بسهولة و يسر .
هنا قوة العقيدة الإسلامية ، فهي المعلم الوحيد الذي يمكن البناء عليه دون أن يتملكك الملل ، لأنك تؤمن و تعتقد أن الفاعل هو الله و ليس أنت ، وأن كل ما تراه ماهو إلا توفيق من الله ، فحتى عندما تسعى إلى تحقيق فريضة الاستخلاف في الأرض و تفشل ، فعقيدتك تهيئك أن اجتهادك لم يذهب سدى ، و أن الله لا يضيع أجر العاملين .
عقيدتنا أخي الكريم هي العبودية لله ، ولا أعتقد أن العبودية تحتاج إلى شرح كبير ما دام القرآن نزل في زمن فيه عبيد . فعندما يعتقد البعض اليوم أن العبودية لا أخلاقية فنحن لا نزال نفتخر بأننا عباد لله الواحد الأحد ، و أن عبوديتنا مصدر و قوة حريتنا و سيادتنا ، فمن أقر بعبوديته لله ، تحرر من كل أنواع العبودية للطاغوت .
أخي الكريم ، قلت سابقا أن الأخلاق مفهوم فلسفي تتنازعها التعاريف و تظل الأخلاق في تطور ، فالقوانين هي أخلاق تتحولت إلى قواعد قانونية ، والأخلاق من سمتها التطور و تخضع للنسبية ، بينما العقيدة الإسلامية تابثة لا تتغير أبدا ، و حتى التشريع الإسلامي قليلة قطعياته ، و منطقة العفو واسعة فسيحة تركت للاجتهاد ، ليميز كل جيل أخلاقياته و يحولها إلى قواعد قانونية لا تصطدم مع مع ماهو قطعي و لا تصطدم مع ما نهى عنه الشرع ، أما المباح فمن الممكن تعطيله مرحليا متى وجدت أسباب لذلك . أما العقيدة أستاذي الكريم فلا يمكن أبدا مساومتها ، فالإيمان بالله ليس فيه منطقة عفو فهو تابث ، إما إيمان بالله أو كفربه .
القطعيات في التشريع هي إبراز و ترسيخ العبودية لله ، وهي امتحان على القدرة على جعل الفرد ينجح في امتحان العبودية و الإيمان .
جميل ما تفضلتم به حول أساليب الدعوة و إظهار أخلاقية الدين الإسلامي انطلاقا من إبراز محاسن الأخلاق الإسلامية و إعمال العقل ، سعيا إلى إظهار قوة الدين الإسلامي ، لعل المخاطب يجنح إلى تحقيق العبودية لله ، وليس فقط سعيا لجعله إنسانا متخلقا بالفضائل . فالصدقات تعطى للمؤلفة قلوبهم و ذلك ترغيبا لهم و جعل عقولهم تتفتح على حقيقة أن الإسلام لا يبتغي الحياة الدنيا وحدها بل أن الأبقى والأجدر بالتعب أكثر هو الآخرة . و لعل شخصا مؤمنا بأخلاقيات العصر كان اعتبر ذلك نوعا من الاستقطاب بطرق لا أخلاقية ، لكن هنا الأمر أجل إنه سعي لتأليف القلوب و جعلها تؤمن بخالقها و تحقيق العبودية لله و هي وحدها المعلم الصريح الذي تستوي حياة الأفراد والأمة به لأنه متى تحقق التصديق واليقين والإيمان بالله ، تجلى ذلك في الإمتثال لكل أنواع العبادات و الأخلاق الإسلامية .

يتبع