عرض مشاركة واحدة
قديم 01-08-2014, 04:47 AM
المشاركة 28
نزهة الفلاح
باحثة في قضايا الأسرة والمجتمع
  • غير موجود
افتراضي
رجل بالفطــرة... خبـرة وعبـرة ...قصة حقيقية

قصة مسلسلة قصيرة

الحلقة العاشرة والأخيرة

وصل الابن بعد سنوات من الشوق، واكتشف الأبوان أنه عاد بخفي حنين، لم يكمل دراسته، بل ألف الرسوب فطردوه، ولا مجال لمن يتلاعب بالعلم هناك..

شعر أحمد بالغبن وأدرك أن ابنه غير مسؤول، لا يحس بشيء وكأنه لا يعلم أن والده يعمل في دأب ليوفر له مصاريف الحياة هناك.. حيث اعتاد الليالي الحمراء والتهى عن دراسته ونسي رب السماء..

أما الأم فقد بكت طويلا بعد صلاتها داعية ربها أن يهدي ابنها الأكبر الذي دللته ظنا منها أن في الدلال الخير فوجدت فيه كل ضرر..

مرت سنوات وقد بدأ الابن حياته من جديد في بلده ودرس في الجامعة والأبوان ملازمان للدعاء له ولإخوانه بالصلاح وتيسير الأحوال..

وأكرمه الله بعد سنة فأقلع عن الخمر بعد أن أصيب بقرحة المعدة. وكما يقال: رب ضارة نافعة..

كبر الأبناء وكل منهم نال شهادة عليا، وبدأ رحلته في البحث عن عمل..منهم من وجد ومنهم من سافر إلى الخارج سعيا وبذلا للأسباب..

مرض أحمد بالتهاب المفاصل.لكن السنوات لم تغير عادته، ففي نهاية التسعينات ترك العمل، لأن أبناءه أصروا على ذلك فسمح لهم أن يريحوه بقية حياته إن شاء الرحمن..

فتح الله أبواب الرزق على أبنائه الستة، فمنهم المهندس والطبيب والمحاسب والأستاذ والصحفي..

أكرمهم الله فاشتروا بيتا وجهزوه ووفروا فيه سبل الراحة والجمال..

ورزقهم الله عمرة جميلة مع ابنتهم، فرعتهم وأكرمتهم وبرتهم وكأنها ترد لهم ما فعلوه مع والديهم..

تزوج كل الأبناء وبقي أحمد وزوجته في البيت.. يؤنسان بعضهما ويتجولان بين بيوت أبنائهما بين داخل البلاد وخارجها ..

توالت الفرحات بالأحفاد وصلاح الأبناء بفضل الله ومواظبتهم على بر والديهم وسعة رزقهم وحسن أخلاقهم..

وكان أحمد صاحب نكتة وقصة وأمثال وحكم..

يجمع أبناءه وأحفاده ويضحكهم بطرائفه الجميلة وقصصه الحكيمة..

وفي بداية سنة 2013 مرض أحمد مرضا شديدا.. فأكرمه الله برعاية زوجته وأبنائه..

فعلوا ما بوسعهم ليشفيه الله، استعملوا نفس سلاحه في مواجهة الابتلاءات ( ملازمة الاستغفار) لكن الله تعالى اختار استعادة أمانته بعد شهر من المرض، طهره فيها من الذنوب وجعل القلوب القاسية تذوب وتؤوب وتدرك أنها لربها راجعة في يوم وتؤوب..

مات أحمد تاركا وراءه ذرية صالحة بفضل الله ثم بفضل تقواه وصلاحه هو وزوجته حفظها الله..

مات أحمد رحمه الله تعالى ولكن سيرته العطرة لازالت تملأ بيته وحيه وقريته بالخير والتجارب الوفيرة المفعمة بالعبرة والخبرة...

وسبحانك ربي مات بنفس الطريقة التي مات بها والده، وبنفس المرض، ورعاه أولاده واعتنوا به كما فعل هو بوالده.. رحمهما الله تعالى وألحقنا بهم مسلمين لله بقلب سليم..

وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4) سورة هود

ملحوظة: القصة حقيقية مع بعض التغييرات البسيطة حفاظا على خصوصية أصحابها، شكر الله لهم ورحم والدهم رحمة واسعة..

تمت بفضل الله تعالى

بقلم: نزهة الفلاح