الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
12-31-2013, 01:11 PM
المشاركة
1078
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية
42-
-
باب الشمس
إلياس خوري
لبنان
-
تعيد "باب الشمس" (1) قراءة تاريخ فلسطين من خلال سرد حكاياتهم التي تتناسل من
بعضها بعضا على طريقة "الف ليلة وليلة"، حكاية تطلع من حكاية الى أن نصل في النهاية
الى لحظة التحام الراوي بمن يروي عنه وله، خصوصا أن الراوي في هذه الرواية الكبيرة
هو جزء من الحكاية نفسها يروي للآخر ولنفسه وكأنه شهرزاد التي فيما هي تروي لشهريار
حكاياتها الكثيرة التي تتوالد كل ليلة تتذكر حكايتها هي وتتساءل عن مصيرها الشخصي
عندما تنتهي الحكايات وينتصب الموت المهدد في النهاية
.
-
ينسج الياس خوري من
كسر الحكايات الشخصية للفلسطينيين مادة روايته مقيما معمارا تتداخل فيه حكايات
شخصياته وتتراكب ويضيء بعضها بعضا ويوضح البقع الغامضة في بعضها الآخر.
-
واذا كانت
الحكاية المركزية في الرواية هي حكاية يونس الأسدي، الرجل الذي يرقد في مستشفى
الجليل فاقدا وعيه، فإن حكاية الراوي نفسه، أو حكايات أم حسن وعدنان أبو عودة ودنيا
وأهالي مخيم شاتيلا، لا تقل مركزية عن تلك الحكاية الأساسية التي تشد الحكايات
الأخرى الى بعضها بعضا، والتي يقوم الكاتب بتضمينها في جسد حكاية يونس الأسدي
وتوزيعها على مدار النص للوصول في النهاية الى لحظة الموت وصعود الحكاية الى أعلى،
والي سدة التاريخ المخادع الذي يهزم الكائنات
.
-
تقوم رواية "باب الشمس" على
واحدة من حكايات المتسللين الفلسطينيين، الذين كانوا يحاولون العودة الى فلسطين بعد
ضياعها عام 1948 فقد شاعت في بداية الخمسينات ظاهرة العائدين خفية الى وطنهم بعد
الطرد الأول. أعداد كبيرة ممن سئموا أيام المنفى الأولى كانوا يتسللون عبر الحدود
والأسلاك الشائكة وخطر الموت لكي يعودوا الى قراهم المهدمة وبيوتهم التي سكنها
آخرون، يهود وعرب، ليعودوا ويطردوا مرة أخرى أو يقتلوا على الحدود بين "اسرائيل
"
والدول العربية المحيطة.
-
لكن حكاية رجل المقاومة المتسلل يونس الأسدي تتحول في
الرواية الى حكاية عشق ورمز صمود وشكل من أشكال المقاومة الديموغرافية للوجود
الصهيوني. وهكذا وعلى مدار ثلاثين عاما، وأكثر يذرع الأسدي الجبال والوديان بين
لبنان والجليل الفلسطيني ليلتقي زوجته نهيلة في مغارة سماها "باب الشمس" وينجب من
زوجته عددا كبيرا من الأولاد والبنات مبقيا صلة الوصل بين الفلسطيني اللاجيء
والباقين على أرضهم.
-
وإذ يحول الياس خوري حكاية المتسلل الى نموذج تاريخي، ثم يقوم
بتصعيد هذه الحكاية لتكون مثالا ورمزا، تحضر الحكايات الأخرى التي يرويها الراوي
(
د. خليل) عن جدته وأبيه وأمه وعشيقته شمس، أو يرويها على لسان الآخرين معن صادفهم
أو سمع عنهم من الفلسطينيين، لتعود الحكاية الرمزية من ثم الى أرضها الواقعية
وزمانها الراهن
.
-
تتجاذب رواية الياس خوري قوتان: قوة الترميز التاريخي من
خلال حكاية أبي سالم الأسدي وزوجته نبيلة، وقوة الحكايات اليومية الأخرى التي تشدنا
الى فجائعية الواقع وماساته وعنف التاريخ الذي كتب حكاية الفلسطينيين بحروف من دم
.
-
ومن هنا يتجادل التاريخي مع اليومي في عمل روائي يكثر من ذكر كلمة التاريخ على لسان
الراوي الذي تتصفى من خلاله كل الحكايات
.
-
يحاول الراوي الذي يستخدم دواء الحكاية ليوقظ
يونس الأسدي من نومه الذاهب باتجاه أرض الموت، أرض الأبدية البيضاء بتعبير محمود
درويش في قصيدته "جدارية"، أن يسائل مفهوم التاريخ عن تراجيديا الفلسطينيين
المستمرة بسرد قصص لا تحصى عن الخروج الكبير عام 1948، عن حكايات اللاجئين خارج
أرضهم، وعن ضحايا المجازر أثناء الخروج وبعده.
-
وهكذا تطلع الحكايات المأساوية بعضها
من بعض في عمل روائي يهدف الى إخبارنا عن عسف التاريخ وقسوته وعنفه وتنكيله
بضحاياه.
وعلى الرغم من تشديد الراوي على وهم التاريخ فإن الوقائع التي يسردها،
والقصص التي يضمنها حكاية يونس ألأسدي والتي تتوزع فصولها بين قصص الآخرين، تعيدنا على الدوام الى ملموسية التاريخ وحضوره الضاغط في رواية "باب الشمس
".
رد مع الإقتباس