عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2013, 03:43 PM
المشاركة 15
نزهة الفلاح
باحثة في قضايا الأسرة والمجتمع
  • غير موجود
افتراضي
تلميذة قلب أستاذها كيانهاقصة حقيقية ومميزة

سلسلة قصصية قصيرة هدية لكل رجل تعليم يصون الأمانة التي يسره الله لها..

الحلقة التاسعة والأخيرة:

خرجت كريمة من صف اللغة الإنجليزية مع رفيقتها المقربة، متجهة نحو الساحة في جولة قصيرة واستراحة قبل مادة العلوم الطبيعية والأحياء... ففوجئت بالأستاذ محمد يقف غير بعيد مبتسم كعادته، وطالما عجبت لهذا الرجل، لم تره يوما عابسا منذ رأته أول مرة، لكنها بدأت تفهم السر في هذا الرضا الذي يشرق به وجهه...

ألقت التحية على استحياء هي وزميلتها فرد التحية وسألهما عن الدراسة وأكد كعادته أنه مستعد دائما لأي مساعدة ...

ثم التفت إلى كريمة قائلا: أظنه آن الأوان لتعرفي سر ما وصلت إليه...

لو قارنا بين كريمة منذ بداية العام إلى هذ اليوم ولا تفصلنا سوى أيام قليلة على امتحانات آخر السنة...لوجدنا تحولا وطفرة بفضل الله تعالى في كل المستويات، من كريمة التعيسة إلى كريمة السعيدة

من كريمة المتشائمة إلى كريمة الموقنة في ربها المتفائلة دوما

من كريمة المضطربة المشاعر إلى كريمة الثابتة بقوة الله

من كريمة المنزعجة المتذمرة إلى كريمة المحفزة لمن حولها المنصتة المعطاءة...................... ............

ومن كريمة غير الواثقة بنفسها وبقدراتها التي تسير في أرض الله بلا هدف في الحياة ولا رسالة تحيا لأجلها... إلى كريمة الواثقة بالله ثم في نفسها التي بدأت تشق طريقها نحو حياة مميزة ورسالة وغاية...

وهذا فضل كبير من الله تعالى... جئت اليوم لأهنئك على تميزك وعلى ذكائك المميز ما شاء الله، جئت اليوم لأقول لك أن التغيير لا يبدأ من الخارج وإنما من الداخل، وأقول لك أن الاستغفار الذي بدأت به العام يوم كنت مدمرة نفسيا حتى أنك أصبحت تلومين كل العالم على مأساتك وتعاستك، هو من كان سببا في كل هذه التحولات...

إنه الدواء لكل داء امض يا ابنتي في طريقك، والزميه كل يوم ترين من الله كل خير ويبعد عنك كل شر وتدخلين جنته في أرضه وتهنئين بحلاوة لا يعرفها الكثير من الناس..

فبكت كريمة لكلامه وصديقتها متسمرة في مكانها لا تفهم شيئا، متحسرة على أنها لم تسمع كلامه الذي يردده دائما في الصف...

دعا لها وانصرف فدعت له ولأسرته الصغيرة بالصلاح والحفظ من كل سوء...

لم تكن تعلم أنه قريبا لن تره ثانية بعدها لأنها ستترك البلدة مع أهلها وتنتقل معهم إلى بلدة أخرى...انتهى العام وقد تفوقت بفضل الله وكان يوم النتائج يوم وداع صعب على النفوس لكنه لا يمحو أحلى سنة مرت بها في حياتها بكل تفاصيلها...

وتلك الشهور المعدودة كانت كفيلة بأن تترك أثرها الطيب داخلها وتلازمها إلى الآن ... بعد مضي قرابة العشرين سنة من الحدث السعيد...

لم يكن حب رجل لفتاة ولم يكن حب فتاة لرجل ولكنه كان تواصلا نقيا وأدى الأستاذ دوره بأمانة وتفاعلت هي بنقاء سريرة داعية له دوما بحفظ زوجته وابنه، فهو كان يسكن غير بعيد من بيتهم وتعرف من يكون، وتسمع عن طيبته وحسن خلقه، لكنها لم تتخيل يوما أن يرافقها بتوجيه ذكي وينير لها الطريق دونما عنف ولا تأنيب وإنما بالرأي المتزن والتقدير والتشجيع بحيث تراه كل مرة أنه في مقام الأب لا الحبيب وقد رسخ فيهم مبدأ العفة وأن الحلال يستحق الصبر والانتظار وأن الحب قبل الزواج وهم تلتهي فيه البشرية عن حب أعظم وأنقى وأسمى لا يموت ولا ينفصل ولكنه حي لأن الحبيب حي لا يموت سبحانه...

وأن الطهر والنقاء رسالة تستحق جميل صبر وحكمة وقوة من الله، فكان الاستغفار خير مرافق وكبرت كريمة في سعادة ملازمة لسر السعادة، وأصلح الله أهلها وتميزت في محيطها...

ولازالت تنعم في نعم الله التي لا تعد ولا تحصى

وكانت حكاية لا تنسى من أرشيف الأستاذ محمد الرجل المميز بفضل الله تعالى ...

و.....تمت بفضل الله

بقلم: نزهة الفلاح