عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-2013, 03:52 AM
المشاركة 11
نزهة الفلاح
باحثة في قضايا الأسرة والمجتمع
  • غير موجود
افتراضي
تلميذة قلب أستاذها كيانهاقصة حقيقية ومميزة

سلسلة قصصية قصيرة هدية لكل رجل تعليم يصون الأمانة التي يسره الله لها..

الحلقة الخامسة

حسمت كريمة أمرها وقوت قلبها، وفتحت موضوع الحجاب ووالدها ينظر إليها فقط وفجأة اعتدل بعد أن كان متكئا فتراجعت إلى الوراء وقلبها قد سقط بين يديها من الخوف...

فقال: يا ابنتي إن سمكة واحدة نتنة تفسد كل شيء..

والبنات في زمننا هذا منهن من تلبس الحجاب وتفعل أمورا لا تجرؤ عليها من لا تلبس الحجاب..

وأنا يا ابنتي أخشى عليك من كلام الناس ومن التزمت والغلو والانعزال.. ومن أن يتتبع خطواتك أعوان السلطة حتى لو أنت لا تفعلي شيئا ولا شأن لك بالسياسة ..

فرفعت رأسها بقوة ممزوجة بالحنان وقالت: يا أبتي إن الله خير حافظا، فكيف أخشى من كلام الناس وأنا أرضيه؟ وكيف أخشى أعوان السلطة ولا أخشى خالقي وخالقهم؟

يا أبتي لست صغيرة، فقد وضعته في الصف الخامس الابتدائي فحرمتموني منه بحجة الصغر، وضيعت بعدها الطريق الجميلة التي بدأت فطرتي حينها تتذوق حلاوتها...

يا أبتي، وهل تستطيع حمل وزري أمام الله؟

خفض رأسه مفكرا وصمت...

فقالت: أبي، الأستاذ محمد أستاذ التربية الإسلامية يود مقابلتك غدا صباحا...

هز الأب رأسه وقال باستغراب: لم؟

فقالت وهي تنظر إليه وقلبها يتزايد خفقانه: لكي يناقشك في قرارك بخصوص حجابي..

صمت برهة ثم نطق بيأس: افعلي ما شئت ولكن إن خلعته بعدها احملي ذنبك بنفسك...

استغربت لم لم يؤنبها أو يسألها وما شأنه لكنها تجاهلت الأمر طالما أن المهمة تمت بنجاح بفضل الله ثم بفضل الأستاذ محمد الذي أخبرها بمفتاح ووعدها أن يشرحه لها بعد تمام المهمة بإذن الله....

قامت كريمة وقلبها يرفرف فرحا وقبلت رأسه ويده وقالت: أنا لها بإذن الله يا أبتي...

وفي الغد خرجت من بيتهم مجبورة الخاطر، منشرحة الصدر... وكان يوم جمعة وأول حصة كانت للرياضيات.. مع المدرس رشيد الذي كان فعلا رشيدا وأخا أكبر لتلامذته...

وأول ما دخلت الصف حتى عمت الفرحة المكان، والكل فرح لها بالنصر على أول معوق في طريق معرفتها لله...

أي نعم زميلاتها وزملاؤها لم يكونوا قريبين بما يكفي من الله... إلا أن هذا الصف كانت تجمعه أواصر الأخوة والسبب أستاذين فاضلين كان لهما الفضل بعد الله في ترك جميل الأثر الذي امتد مع البعض حتى حياته الزوجية، فالأستاذ محمد كان لا يقول لهم حرام وحلال هكذا مجردة مراعيا طبيعتهم والمرحلة العمرية التي تتسم بالعناد والتمرد، ولكنه كان يناقشهم ويرفع مستوى وعيهم، كان مبتسما لم ير على مدار العام كله إلا وهو باسم المحيا بشوش الوجه حلو الكلام طاهر اللسان...

والأستاذ رشيد كان يعلمهم الذوق في التعامل من خلال القدوة، والتأني في القرار والنظر الطاهر العفيف رغم أنه كان عليه هجوم من بعض التلميذات فهذه تترك له رسالة غرامية على المكتب، وهذه تكتب له على السبورة أحبك وهذه تبحث عن الفرصة لأي سؤال، وهذه تنتظره أمام الفصل ليشرح لها المعادلة بين الميتافيزيقا الفلسفية والدوال العددية...

مر شهر فجاء امتحان أول دورة دراسية، وكانت كريمة – على ذكائها وتفوقها- تعاني من جو مزعج في بيتها، لا تركز بسهولة في دراستها... فطلبت العون من الأستاذ محمد فكان هذا اللقاء عند بوابة الإدارة فاصلا في كل حياتها..

يتبع بإذن الله

بقلم: نزهة الفلاح