عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-2013, 03:52 AM
المشاركة 8
نزهة الفلاح
باحثة في قضايا الأسرة والمجتمع
  • غير موجود
افتراضي
تلميذة قلب أستاذها كيانهاقصة حقيقية ومميزة

سلسلة قصصية قصيرة هدية لكل رجل تعليم يصون الأمانة التي يسره الله لها..

الحلقة الرابعة

حول الأستاذ محمد بصره نحو السبورة، وقد أخفى خيبة رجت صدره، فاستغفر ربه وقال في نفسه: لعله خير...

لقد خلعت كريمة الحجاب... وطأطأت رأسها هروبا من نظرات من حولها، لكن نظرات أستاذها اخترقت قلبها فاستجابت الدموع وفرت من العيون لتأخذ معها بعضا من الأسف والحسرة والحزن الذين لا يعلم عنهم أحد شيئا...

بين الخضوع والعصيان، بين البر وطاعة الرحمن و بين الإرادة والفقدان...

جلس الأستاذ محمد على مكتبه أسفا حزينا، وبدأ الدرس عن مقاصد الإرث في الإسلام ...

وقبل نهاية الحصة بدأ نقاشاته مع تلامذته عن الحياة ومواضيع شتى... وبدأ يتكلم عن القناعات والثقة بالله والمجتمع ومؤثراته وأسرار السعادة الإنسانية...

فانفجرت كريمة بالبكاء وقد غاظها تجاهله لفعلها، وتعامله الاعتيادي وكأن شيئا لم يكن... فقالت له: أستاذ لا تظلمني أرجوك، تعلم جيدا اننا جميعا هنا وجدنا فيك الأب الحنون والأخ الخلوق..

والدي كان مسافرا حين لبست الحجاب ولما عاد البارحة وعرف قراري، بدأ يناقشني بلين عن القناعة وأنني مازلت صغيرة وأنه خائف علي ...

وحين أصررت على قراري، فرض رأيه وقال لي: انتهى النقاش، يخلع الحجاب وإلا فلا تلومين إلا نفسك ..

وأجهشت بالبكاء...

وصديقتها تهدئها، وكل الصف تفاعل معها، والأستاذ محمد يفكر في هدوء، رغم الضجيج الذي عم القسم والكلام بين التلاميذ...

دقائق معدودة ثم قال بصوته الرزين الجهوري مرفقا بابتسامته المعهودة: كريمة... أخبري والدك أن يأتي غدا معك ، سأكون بإذن الله في القاعة رقم 4 في الصباح ..

مسحت كريمة دموعها وقد زادت حيرتها، والدها نعم متفهم رغم كل شيء، ومنعها ماهو إلا تخوف، لكنه يعمل صباحا وصعب جدا إقناعه بهذا الأمر...

فوضت أمرها لله، وكل اليوم وهي تفكر في مفاتيح وطرق وتستعين بأمر أرشدها إليه الأستاذ محمد عند كل هم أو مشكلة....

وصلت إلى بيتهم أخيرا في المساء... وكانت صائمة، فوجدت الفطور على المائدة في انتظارها، ووالداها جالسان كعادتهما اليومية يشربان الشاي ويتحدثان... وإخوتها بين من يدرس ومن يتفرج ومن ليس بالبيت ومن بالمطبخ ...

فقبلت أيديهما وجلست تأكل، وتتحدث معهما وتتحين الفرصة لتفتح الموضوع الذي يعتبر بالنسبة لوالدها منتهيا... لاسيما وأن شخصيته آسرة ( كاريزما) ورغم قسوته معها إلا أنه يحبها جدا ويخاف عليها كثيرا...

أخيرا حسمت أمرها وقوت قلبها، وفتحت الموضوع وهو ينظر إليها فقط وفجأة اعتدل بعد أن كان متكئا فتراجعت إلى الوراء وقلبها قد سقط بين يديها من الخوف...

يتبع بإذن الله

بقلم: نزهة الفلاح