عرض مشاركة واحدة
قديم 11-23-2013, 03:01 PM
المشاركة 14
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سعادة الدكتور / أيوب صابر!
قرأت بتمعن ما تفضلت به من كريم الرد و وكبير التوضيح حول موقفك من الحداثة تطبيقاتها ، و فهمت أنك تفصل بين الدعوة إليها و الدعوة لقبول ما يحسن منها.
و مما جاء في كلامك :
( ... ذلك لان بعض العقول بغض النظر عن السبب والكيفية تكون قادرة على توليد هذه النصوص المتفوقة شديدة التعقيد . وفي الغالب تكون هذه العقول قادرة على الاستشراف ايضا ويكون أصحابها أيتام او مروا بتجارب غاية في المأساوية.

واتصور ان هذه النصوص تولد في لحظة اشبه بما يعرف بلحظة الوجد حيث يكون العقل الباطن هو الذي يتولى عملية تشكيل النص ولذلك لا غرابة ان يكون الشاعر صاحب مثل هذا النص مجرد أداة ناقلة له وانا اجزم بانه لا يفهمه ولا يفهم مقصده او معانيه حاله في ذلك مثل حال المتلقي وان حاول تفسير النص يكون مجرد اجتهاد او وجهة نظر قد تصيب وقد تكون بعيدة كل البعد عن المعنى المقصود او الذي يحمله النص ...)
و سؤالي : هل هذا الشعر الحداثي نوع من الذي جاء ذكره في القرآن ( و ما علمناه الشعر و ما ينبغي له) أم انه شعر فاق بيان القرآن و إحاطته بالمستقبل ،فجاء على غير معنى الكلمة الإلهية ؟، فالقرآن يقول إن الشعر فن و له علم يتعلمه الراغب فيه و يحكم بجيده و رديئه علماء بهذا النمط الأدبي ، و العلم نقيض الجهل ، فإذا أتانا آتٍ بكلام يدعيه شعرا على غير مقاييس اللغة و معانيها ، و لم يقدم لنا ما يشفع بقبوله أو اعتذر بأنه قاله في حالة لا يدري أكان في الصحو أم المحو قلنا له: لا و لا كرامة!
فهذا حسان بن ثابت رضي الله عنه قال الشعر و جبريل يمده و يدعمه حين دافع عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فما جاء بشيء لم يفهمه أبسط الناس في المدينة.

و قلتَ بارك الله فيك:
(
وقد يكون النص غاية في التعقيد الى حد ان كل متلقى من الأزمان المستقبلية المختلفة يرى فيه شيئا جديدا والمهم في كل هذا الذي اقوله يعني ان الدماغ كون غامض وقد تكون مخرجاته غاية في الادهاش وقد تأتي على حال غاية في التعقيد والكودية والغرابة .


فلا يجوز لنا ان نرفضها لأننا نجدها عصية على الفهم والاستيعاب او لأننا نفضل ان يكون النص ضمن الأطر المألوفة والسائدة والمفهومة بالنسبة لنا.


ذلك لا يعني طبعا ان اي كلام يولد من الدماغ هو بالضرورة نص متفوق، فقد تكون بعض النصوص مجرد كلام فارغ مصفوف لا قيمة حقيقية له ولا ينطبق عليه وصف انه كودي ويحمل معاني مستقبلية بل ربما يكون مجرد انعكاس لحالة ذهانية تنم عن حالة مرضية...رغم ان الحكمة تأتي احيانا من افواه المجانين كما يقول المثل الشعبي...)
مسألة التأويل مسألة لا يختلف عليها اثنان من وجود الاتفاق و الاختلاف ، ولكن الاطلاق بعدم القدرة للوصول لكنه قول القائل ينافي العلم ،فالقران الحكيم فيه المحكم و المتشابه و أمرنا الله برد المتشابه لعلمه و لما جاء في سنة نبيه و إلي أهل العلم:
(هوَ الَّذي أَنزلَ عليكَ الكتابَ منهُ آياتٌ محكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتَابِ وأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فأمَّا الَّذين في قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منهُ ابتِغَاءَ الفِتنَةِ وابتِغَاءَ تأويلِهِ وما يَعلَمُ تأويلَهُ إلاَّ الله والرَّاسِخونَ في العِلمِ يَقولونَ آمَنَّا به كُلٌّ من عند ربِّنا وما يَذَّكَّرُ إلاَّ أُولُوا الأَلبَابِ)، فإذا قال القرآن : لا يوجد كلام إلا و له معبرون ، فكيف نقبل أن من كلام البشر ما تعجز العقول عن فهمه و تأويل غوامضه ، مع العلم أن الغموض الحداثي مقصود و هو عيب و قصور.


و من الإنصاف أن أقول:
إنّ شاعر الحداثة من مثل (أدونيس) يعي ما يقول و يتعمد التعمية كي يجتلب من يندهش بمصطنع اللفظ لقلة خبرته بالقوم أو لكي يجتذب أقلاماً من جنس فكره، و سأتحدث عن هذه النقطة في مضامين تعليقي على ما أوردته من نص (نبوءة) أدونيس.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا