عرض مشاركة واحدة
قديم 11-19-2013, 11:17 AM
المشاركة 6
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
موقف البياسي الرابع:
يًحكى أنّ محتالًا غريبًا ادّعى أنه يستطيع حياكة أثواب لا يراها إلا الصالحون , وسرى الخبر في المدينة , وسمع الملك , فاستدعاه وطلب إليه أن يصنع له وللملكة ثوبين لم يكن مثلهما من قبل , فطلب أموالًا طائلة زعمًا منه أنه سيشتري الأنسجة والآلات اللازمة , وغاب مدة ثم عاد لا يحمل إلا آلات بسيطة فقط , ولم يكن معه من النسيج شيئًا ولكنّ الجميع تظاهروا بأنهم يرون النسيج , لأن أحدًا لا يجرؤ أن يقول إنه لا يراه .. فالنسيج لا يراه إلا الصالحون
ثم تظاهر أنه شرع في العمل في ناحية من القصر ,فكان يحرك يديه ورجليه على آلات الحياكة وكأنه ينسج فعلًا .. فكان إذا مرّ به أحدٌ من جماعة القصر سأله : ما رأيك بالشكل والألوان وكذا وكذا ؟ فلا يستطيع المسؤول إلا أن يبدي إعجابه الشديد , رغم أنه لا يرى شيئًا .. لأن النسيج لا يراه إلا الصالحون ! فإذا قال : لا أرى شيئًا فمعنى هذا أنه غير صالح
وانطلت الخدعة على الجميع , وجاء الملك بحاشيته ووزرائه ليرى الثوبين العجيبين ..
ولكنه لم يرَ شيئًا !!!
فاستحى أن يقول : لا أرى شيئًا , فالجميع يدَّعون أنهم يرون , ولو قالها الملك لعرف الجميع انه غير صالح
فالثوب لا يراه إلا الصالحون
والتفت إلى الملكة وسألها , فارتبكت , ثم تماسكت وقالت : يا الله إنه ثوب بديع .
وصاحت الحاشية والوزراء : نعم نعم إنه ثوب رائع وبديع ,, أحسنت أيها الحائك الخياط !!
ثم جاء يوم الوعد..
يوم خروج الملك والملكة بالثوبين في موكب مهيب أمام حشد هائل من أهل المدينة .
وجاء الخياط الحائك وشرع في إلباس الثوبين للملك والملكة ...
ولكنهما لم يريا ثوبًا ولا نسيجًا .. فبقيا عاريين
ثم خرجا في الموكب
واحتشد الناس
وصعقوا حين رأوا الملكين عاريين من غير ثياب ..
ولكنّ أحدًا - بالطبع- لا يجرؤ أن يقول إنه لا يرى الثوبين
وصفّق الناس خائفين ..
حتى جاءت اللحظة الحاسمة حين صاح طفل صغير من بين الجمهور : الملك والملكة عاريان .
وتشجع الناس حينئذ .. وصاحوا : نعم الملكان عاريان .
حينها شرع الملك والملكة في إخفاء ما بان من عورتيهما ..
وعلما أنهما وقعا فريسة محتال محترف , وحين طلبه الملك كان قد فرّ بعيدًا وسعيدًا بما حصل عليه من جائزة

هذه القصة تنطبق على واقع حالنا الشعري اليوم..
شعراء الحداثة يكتبون كلامًا , هم أنفسهم , لا يفهمونه , وكذلك لا يفهمه الناس ..
وخاصة إذا وصل الشاعر إلى مكانة هيّأتْها له الظروفُ .. والماسونية .
فإذا تجشأ شاعرهم قالوا : الله اكبر ..قصيدة رائعة !
لماذا ؟
لأن أحدهم إذا قال : لا أفهم , فسوف يصفونه بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة التطور الهائل في الأدب والشعر .
وسوف يضعونه في آخر الصفّ !
وسوف يصفونه بأنه جاهل , لا علاقة له بالثقافة , ولا علاقة له بالعالمية والأدب العالمي .
.
.
نحن لا نرى أثوابكم أيها المحتالون
أنتم عراة تمامًا أمامنا الآن
وستكونون عراةً أمام الجميع قريبًا حين يقول التاريخ كلمته .

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا