الموضوع
:
حافية على جسر طبرية -رواية
عرض مشاركة واحدة
11-13-2013, 12:40 AM
المشاركة
15
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
تاريخ الإنضمام :
Aug 2009
رقم العضوية :
7565
المشاركات:
238
سامنتا
فى مطار جى اف كيندى وقفت ديان
ترقب المرأة.. الانيقة الطويلة- امريكية غنية حتى النخاع..وبجانبها تلك
الصبية الشقراء تقف فى دعة ..هؤلاء لا علاقة لهم ابداً بحياة التقشف التى
عاشتها فى الكيبوتس
لم تتقدم خطوة منهما وانتظرت
تقدمت سامنتا بتردد وهى تقول بشك
ديان
..
هزت راسها بنعم
سامنتا
لم يكن ثمة عاطفة تجمعها ولم يقطع الصمت بينهما سوى تأفف ويندى الواضح
-
هلا ذهبنا سام لدى موعد بعد ساعة
نظرت اليها ديان نظرة صاعقة وهى تحمل حقيبتها وسامنتا تهتف
دعيها حبيبتى سيحملها احدهما
ويندى هل صافحت شقيقتك
-------------
نظرت ديان بخفة لويندى التى مدت
يدها ..بلحظة جمعت تفاصيلها- شقراء بلهاء مترفة –تنفق الكثير على نعومة
بشرتها والكثير على ثياب لاتحتاجها فى الاغلب ..ترتدى معطف من الفراء
الاسود وتنورة قصيرة من نفس اللون وقد تركت شعرها فى انسدالة عابثة ..زمت
ديان شفتيها وهى تفكر فى ازدراء ترتدى الصغيرة ما لايناسبها مطلقاً .. ولكن
ماجعل عينيى ديان تضيقان وتنفر من ويندى اكثر تلك النظرة التى لم تفهم لها
تفسير
انزلت ويندى يدها الممتدة دون
بادرة ترحيب من شقيقتها الكبرى وهى تلقى نظرة هازئة على ملابسها وعلى سروال
الجينز القديم وسترتها القصيرة
.
هذه الاسرائيلية ذات الشعر القصير الباهت اللون والنمش العابث لن تروق لها نيويورك ابدا
ادارت نفسها نصف استدارة وهى تهتف بعصبية
هيا سام..قلت لك لدى موعدا
-
سام ..هيا يا فتيات
تبعتهم ديان واعماقها تربض فى
غضب..تمنى نفسها بالصبر ..لن تمكث هنا اكثر من اسبوع ..هى محطة لا اكثر
لهدفها..يستحق الليثى ان تعرف المزيد عنه من سامنتا.. وان تسافر بعدها من
نيويورك للقاهرة بجواز سفرها الامريكى
..
تمنت لو كسرت رقبة هذه الباربى
المسماة ويندى وهى تمشى امامها كاوزة منتشاة ..ابتسمت وهى معجبة لهذا
الخاطر..قد تعود يوماً وتفعلها..بينما نظرت ويندى نظرة ذات مغزى للسائق
توماس..اخذ الحقائب من الحمال
.
اطبق الصمت على ثلاثتهم فى
السيارة ..التفت ديان من نافذة السيارة
لنيويورك الغارقة فى البرودة
.
والزحام الشديد والانارات القوية والاعلانات الضخمة..شعرت بضألتها وفكرت
فى مدينتها التى لا تنام التى لا تتعدى الخمسين كيلو متراً واشتاقت
اليها..ودعتها منذ عشرون ساعة فقط ..عبست لحنينها هذا ..وتنهدت وهى تتذكر
شقتها وتتذكر خالد..ندت عنها صيحة غاضبة
تباً قالتها بالعبرية
-
ويندى- ماذا قلت
-
ديان لا شئ
ضحكت ويندى فى جزل ..نطق تمثالك الصامت سام..يبدو ان المدينة لا تروقها
زجرتها سامنتا
ويندى كفى عن العبث
ارتمت ويندى فى احضان سامنتا فربتت عليها بكل حب وقبلت وجنتها
كفى شقاوة ويندى حبيبتى
نظرت ويندى بخبث ولم يفوتها تلك
النظرة اللامعة فى عينى ديان..نظرة حملت بحرأ من الدموع..دموع طفلة وحيدة
مهجورة قضت طفولتها وصباها فى مكان لا عاطفة فيه سوى لوطن يحملها فوق
طاقتها
دلفت مع سامنتا للشقة المترفة فى افخم بنايات نيويورك
نظر توماس نظرة ازداء للحقيبة الصغيرة المهترئة
-
قالت
بالعبرية
حتى انت ايها الاسود
-
انعقد حاجبى توماس فى غضب فضحكت سامنتا وهى تقول
-
اهدئى
ديان ..توماس هو خادمى وسائقى
وطباخ المنزل وهو يهودى من يهود الفلاشا
وقد قضى بضعة سنوات فى اسرائيل لذا فهو يفهم العبرية جيدا
-
انبسطت اسارير ديان فقد نجحت فى جرح احدهم والقت نظرة عابثة على الخادم الغاضب
..
-
ارجو الا يسمم لى الطعام ..او يطبخ لنا لحم البشر..اخبرنى ايها التوماس هل تأكل لحم البشر
-
تجاهل
توماس سخرية ديان التى انهالت عليه بغضبها المكتوم من حياة سامنتا المرهفة
بينما قاست هى الامرين فى الكيبوتس فحتى الاموال التى كانت تبعث بها كانت
توزع على الكيبوبتس باكمله ..وتكمل هى مع اقرانها حياة التقشف.. انما شكلت
لها هذه الاموال بعضا من الحظوة والمديح
لا اكثر.بكت حتى
ارهقها
البكاء..وحزنت حتى اصبح الحزن وطنا بداخلها..حتى فرحها القصير بخالد لم
يكتمل
اه ثم الف اه عادت بافكارها لخالد مرة اخرى
لم تفق الا صوت سامنتا وهى تقول
-
اذهب توماس بحقيبة ديان لحجرتى ..ساعطيها حجرتى
نظرت اليها ديان نظرة خاوية..مازلت جميلة سامنتا فى اوائل الخمسينات ولكنك جميلة لعلها اموال زوجك الامريكى
اقتربت منها سامنتا بهدوء وهى
ترفع خصلة من شعرها..نفرت ديان وازاحت يدها..غصت سامنتا وادارت ظهرها لها
وهى تنظر عبر الزجاج لنيويورك المبتهجة تستمد منها قوة لهذه الابنة النافرة
التى تلقت منها رسالة فى رغبتها بزيارتها..تلك الزيارة التى الحت هى عليها ورفضتها ديان مرارا
همست فى ضعف
ديان..اعرف انك تعانين كثيرا يا
حبيبتى..حاولى ان تتفهمى موقفى..كنت صغيرة اذلتنى حياة الكيبوتس كثيرا..مكثت
هناك خمس سنوات..اعمل كالدابة ليل نهار..لولا ظهور جيفرى ذلك المليونير
الامريكى فى
زيارة سياحية للكيبوبتس ما كنت خرجت من هناك ..عدت ديان لنيويورك التى اعشقها وكلى امل ان استعيدك يوما
نظرت لها ديان باستخفاف
اخذ منك الامر عشر سنوات سامنتا..تذكرت ان لك ابنة بعد عشر سنوات
نظرت لها سامنتا باستعطاف ..بعد عشر سنوات تطلقت واصبحت حرة من جديدة
ضحكت ديان
ومع صك حريتك نصف ثروة جيفرى
..
-
لكنى جئت اليك ديان ..كنت فى الخامسة عشر..يومها خدشتنى باظافرك ورفضت وجودى وطردتنى وانت تصرخين
لم أياس منك ابدا ديان..رغم ان زفافك علمت به من بعض الرفاق
مسحت سامنتا دمعة فرت من عينيها..اين هو زوجك ..لماذا لم يأت
قالت ديان ببرودة
انفصلنا
-
حقا هل تركته ام تركك..العرب واليهود لا يتفقون ابدا
-
اه نسيت ان لك تجربة مع مصرى ..هذا المصرى الذى انجبتنى منه
-
لا تتكلمى عنه هكذا ديان
رفعت ديان حاجبيها فى دهشة
-
مازلت تحبينه
-
لم اكف عن هذا الحب يوماً..لم تعرفى حباً كهذا ...انه يعصف بكيانك ويورثك حزنا لا ينتهى وحقدا لا يكل ولا يمل
-
كيف يجتمع الحب والحقد سامنتا
-
غمزت سامنتا بدلال فقط اذا كان لك قلب يهودية
-
امازلت بعد كل تلك السنوات تحبينه سامنتا ..وتدافعين عن خسته معك
-
لالالا
لم يكن احمد الليثى خسيسا ابدا معى..مازلت اذكر ايامى معه كأنها
البارحة..حنونا رقيقا..يدرس الهندسة فى جامعة ميتشجن حيث اعمل
نادلة..تزوجته سريعا وخشيت دائما ان اخبره انى يهودية..لم يعرف الا بعد
اشهر ديان..لم يعرف الا لدى ولادتك..حينما اشارت ابنة عمى على وجوب ذهابى
للكنيس اليهودى.. مازلت اذكر الحسرة فى عينيه وصدمته الشديدة ..كان يكره
اليهود بشدة
-
هتفت ديان لماذا
-
جل
ما اعرفه ان اباه اسر فى حرب ال1967 وعذب فى السجون الاسرائيلية حتى
الموت..انهارت كل الروابط بيننا فى لحظة ..طلقنى بلا رجعة ..ثم عاد بعد
اسابيع..عرض على اموالا كثير كى اتنازل عنك ديان..هربت الى اسرائيل
-
اذن انت ترين ان كرهه لليهود هو ما جعله يهرب منك..انت عار على قومنا سامنتا
رفت عينا سامنتا بالدموع وهى تنظر لوجه ديان الغاضب وقد وقفت تفرد وتقبض راحة يدها
تملكها الذعر للحظات ولم يخرجها من هذا سوى توماس
العشاء جاهز سيدتى
نظرت اليها مرة اخرى..ماذا تخفين بداخلك ديان..ماذا تنوين ايتها الشقية..انهم يستخدمونك كطعما لشئ ما..شئ يثير الخوف باعماقى
رد مع الإقتباس