عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-2013, 03:05 AM
المشاركة 10
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


5 ـ الفلسفة والتربية





الفلسفة ممارسة فكرية مرتبطة بالذات الإنسانية تتوخى البحث عن الحقيقة و من أبرز مميزاتها السؤال الفلسفي ذو الصبغة الشاملة ، إذ لا يمكن الجواب عنه إلا بالإجابة عن الاسئلة الجزئية المتفرعة عنه . و الجواب الفلسفي يقدم رؤية محددة من منظور معين للإشكالية المطروحة للنقاش( المعرفة ، الإبداع ، الحقيقة ...) مما يؤدي إلى تعدد الرأي ، والجواب الفلسفي جواب معلل وبرهاني إذ به يتوخى الإقناع و هذه المهمة تستدعي التماسك والانسجام و الوضوح في الأفكار . الجواب الفلسفي يستند إلى نسق فلسفي عام الذي هو إطارفكري كامل يفسر به الفيلسوف القضايا التي يطرحها ، إنه يشكل بذلك رؤيته الخاصة للعالم ، النسق الفلسفي يشمل مجموعة من النظريات المترابطة ، والنسق الفلسفي يحتوي ثلاثة محاور كبرى ( المعرفة ، الوجود ، القيم ) فنتحدث عن نسق أفلاطون ، نسق أريسطو ، نسق ماركس .... أما الحقيقة الفلسفية فهي لا تخضع لمنطق الصواب والخطأ بل تقدم حقائق متباينة باختلاف الفلاسفة .

إدراج فلسفة التربية كعلم من علوم التربية ليس مدعاة ترحيب عند كل الدارسين ، إذ يستند رافضو هذا التوجه إلى عدم علمية الفكر الفلسفي و أيضا كون الظاهرة التربية يتناولها الدارسون بنظريات علمية أكثر دقة لما لها من حساسية ، فهي موضوع لعلم النفس و علم الاجتماع . والتيار المعاكس يجد العلوم الأخرى تتناول القضية التربوية مجزأة ، فكل علم يتناول التربية من اختصاصه " البيولوجيا ، الاقتصاد ، علم النفس ، علم الجتماع .." ومن ثم توجد ضرورة لإيجاد مقاربة تحاول التنسيق بين جميع هذه العلوم ، ولن يقوم بهذا الدور غير الفيلسوف الذي يتجرأ على طرح السؤال و بالتفكير النقدي حيث يقول سبينسر : أن هناك ثلاثة أنواع للمعرفة معرفة غير موحدة وهي المعرفة العامية ، و معرفة ناقصة الوحدة و هي المعرفة العلمية ، و معرفة موحدة وهي المعرفة الفلسفية التي تلم شتات العلوم في إطار تركيبي متسق .


طبيعة الطفل بين الخير والشر




يقول ابن مسكويه في كتابه تهديب الأخلاق "... ذلك أن الطفل في ابتداء نشوئه يكون على الأكثر قبيح الأفعال إما كلها أو أكثرها ....إنه يكون كذوبا يحكي ويخبر ما لم يسمعه ولم يره ، ويكون طروقا نماما لجوجا ذا فضول أضر شيء بنفسه وبكل ما يلابسه " ،

أما الغزالي فيرى الطفل يولد بقلب طاهر ، و يرى الطفل كما يراه أريسطو صفحة بيضاء ، و يعتبر التربية إعدادا للفرد للحياة الأخروية . و أن الطفل أمانة في يد المربي ، إذا عود الخير سار عليه . "

يقول روسو : ليس قوام التربية الأولى أن نعلم الفضيلة والحق ، وإنما قوامها أن نجنب القلب الإثم ونعصم الفكر من الخطأ ، وأنت إذا استطعت أن لاتفعل شيئا وألا تدع غيرك يفعل شيئا ، وإذا استطعت أن تقود تلميذك السليم القوي إلى سن الثانية عشر ، دون أن يعرف التفريق بين يمناه ويسراه ، جعلت عيني بصيرته تتفتحان على العقل و حقائقه منذ الدروس الأولى التي تقدمها له بعد ذلك ، إذ مادام بعيدا عن أي فكرة سابقة وعن أي عادة ، فلن يكون ثمة شيء فيه يقاوم آثار رعايتك ."

أما سان أوجستان : فيرى أن الطفل الصغير هو في الواقع مخطئ كيير و فند وجود براءة الطفولة .

يفترض فرويد غريزتين أساسيتين في الإنسان : الأولى غريزة الحياة وهي مجموعة من القوى الحيوية والدوافع الغريزية التي تهدف إلى الحصول على اللذة الجنسية ، و إلى الحفاظ على النوع و حفظ الذات وهدفها تأليف الأشياء بعضها مع بعض والعمل على بقائها . والغريزة الرئيسية الثانية هي غريزة الهدم أو الموت ، و هدفها تفكيك الارتباطات ومن ثم هدم الأشياء و يفترض أن الهدف النهائي لها هو إعادة الكائنات الحية إلى حالة غير عضوية .

يرى هوبز أن المعرفة تنتج عن الإحساس وهكذا لا يكون الخير والشر إلا مرادفين للذة والألم . من جهة أخرى من طبيعة الكائنات الحية البحث عن استمرارية حياتها ، وباختزال الخير والشر إلى مجموعة من الإحساسات لن يتمكن أي شيء من إيقاف هذا الميل الطبيعي والإنساني المتعلق بدفاع كل كائن عن حياته الخاصة .


الطفل بين الإيجابية والسلبية



يعتبر فرويد الطفل عاجزا تماما ولا يقوى على فعل شيء ، معتبرا الاعتماد على الغير و العجز خاصية من خصائص الطفولة ، و ويضيف إسحاق رمزي أن فرويد يبالغ كل المبالغة ، في سلبية الإنسان ، لكأنه ينكر عليه كل حرية أو قدرة على النشاط الفردي الطليق ، و لا يجعل منه سوى مسرح تنشط فيه عوامل الغريزة الفطرية .

يقول واتسون رائد السلوكية " إذا أعطيتني عددا من الأطفال الأصحاء ، فإنني أستطيع عن طريق تنظيم البيئة التي يمكن إحاطتهم بها أن أضمن اختيار أي واحد منهم بطريقة عشوائية و أن أدربه لأجعل منه أي نوع من الاختصاصيين أختاره له : طبيبا أو مهندسا ، أو محاميا أو فنانا أو تاجرا أو حتى شحاذا و لصا . بصرف النظر عن ولعه وإمكاناته أو الجنس الذي ينتمي إليه "

في نفس الاتجاه الذي يؤمن بسلبية الطفل يقف الفيلسوف جون لوك صاحب المذهب الحسي التجريبي ، إذ يؤكد أن النفس في الأصل لوح مصقول لم ينقش عليه أي شيء ، وأن التجربة وحدها هي التي تنقش عليه المعاني و المبادئ .

بالمقابل هناك تيار آخر يجد الطفل إيجابيا من أبرزهم ليبنتز الذي ضمن تصوراته الفلسفية في كتابه "محاولات جديدة في الفهم الإنساني " حيث تناول بالنقد والتحليل كتاب جون لوك " محاولة في الفهم الإنساني " ، حيث يقول أن الإنسان ليس مجموعة من الأفعال الساكنة المتراكمة ، كما أن الذات ليست مرتعا لهذه الأفعال التي تنطبع عليها بفعل الخبرة والتجربة ، بل الإنسان هو نفسه مصدر هذه الأفعال يخلقها لمواجهة تغيرات وتبدلات الحياة التي تواجه استقراره ، وأن قوة الإرادة والنضال للاحتفاظ على الذات و توكيدها هو سر نمو الشخصية و هو نفس التوجه الذي ذهب إليه سبينوزا . أما كانط و هاربرت فأقرا مبدأ العقل الناشط عندالإنسان و يسير في نفس الاتجاه دوي و هيوم ، كما أن علم النفس الجشطالتي يعتبر أكثر صور الإنتاج العقلي الناشط .



في القادم من العرض : انتظروا المزيد
وشكرا على المتابعة

مراجع هذا العنوان :


ـ مقررات الفلسفة في الثانوي
ـ مقررات مدارس التكوين في التربية
ـ كتاب التربية العامة رونيه أوبير
ـ العنف والإنسان كتيب ترجمه الدكتور عبد الهادي عبد الرحمان
ـ حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس " منشورات اختلاف "
ـ سلسلة التكوين التربوي العدد الأول .