عرض مشاركة واحدة
قديم 11-05-2013, 04:53 PM
المشاركة 19
أحمد إبراهيم عبد العظيم
مُـفكـر وأديب مصـري
  • غير موجود
افتراضي



ذكر الممثل الراحل " تشارلي تشابلن" في الرسالة التي وجهها للعالم في فيلم "The Great Dictator"
( قد تحصن العالم بالكراهية التي صعدت بنا إلى البؤس وسفك الدماء ,, سيأتي وقت ويموت الطغاة والسلطة التي أُخذت من الشعب ستعود إلى الشعب وسوف تعود إلى الشعب حريته.. طالما البشر يُقتلون, الحرية لا تموت... )
..

ما أقبح الكراهية وما أبشعها داخل النفوس حين تكون هي المحرك وهي الوقود تحرك الإنسان ككائن بغيض أعمى لا يرى الحقيقة ولا يبصر الحق , يسير بلا ضمير أو رحمة أو قانون.
الكراهية لا تبني الأوطان ولا تعالج المشاكل والأزمات ولا تنسج حوار بناء ولا تصنع السلام , هي معول الفشل والهدم والإطاحة بالأفكار النيرة والحلول الوسطية والرؤى الجيدة , هي الخلايا السرطانية التي تحتل القيم والمبادئ وتطفئ الضمير وتأكل الفرد والمجتمع.

أشفق كثيرا على هؤلاء الكارهين والحاقدين وهم يشتعلون داخل جلدهم السميك ويتنفسون في أقوالهم وأفعالهم دخان مقيت وتنزف أقلامهم صديد أسود , حتى لو تجملوا وتواروا فضحهم الرماد وذاع بهم.
لا يعرف ولا يعي الكثير ثقافة الاختلاف , أختلف معي الآن لكن في البداية والنهاية لا جدل , لا خداع , لا كراهية , نتقابل سويا نتسامر ونجلس في المساء على مائدة العشاء.
الضدية والندية والأنوية والكراهية والتعميم عناصر تلعب بالأنفس تهرئها وتشيع في داخلها نيران أول ما تحرق تحرق صاحبها.

لا ضير ولا عيب ولا مانع أن تكره أفكار الإخوان وتختلف معهم , لكن أنظر للأمور بهدوء وعدل وضمير ..وبصيرة الحق تعلو فوق الأنا ..والعقل يحكم ودع المعطيات وحدها تتكلم.
من في الساحة الآن ليسوا كلهم إخوان ومن يدافعون عن الحق ليسوا كلهم إخوان ولا يتبنون أفكارهم ولا يناصروهم.
من يدافع عن الشرعية لا يدافع عن "مرسي" ولا يطلب بالضرورة عودته لسدة الحكم , من يدافع فهو يدافع عن الدم الذي سال , عن حرمة الدماء , عن الحقوق التي تُنتهك , عن الظلم الواقع على الأرض , عن مسار الديمقراطية , عن الحرية والكرامة والعدالة .
البعض لا يألم من شُح أو موت الحرية , ربما السبب أنه لم يتذوقها أو لم يتنفسها فهو لا يعرف معناها أصلاً ولا يفهمها فكيف له أن يقدرها.

أحد أصدقائي في عهد الرئيس المخلوع "مبارك" كان بإحدى القرى وسمع من بعض الفلاحين عن مشاكلهم في نقص حصة الري المخصصة لهم , فأتفق معهم أنه سيؤمن لهم (باص) في صباح الغد لينقلهم لفرع وزارة الري لتقديم شكوى " شكوى فقط ليس إلا " على العلم أنهم لن يتكبدوا عناء المواصلات أو قيمتها.. ويأتي الصباح ولم يحضر منهم إلا واحد فقط .. وقال لي أنهم سيتعاركون ويصطدمون فيما بينهم ويتخطفون الماء بلغة الغاب , فهم لا يفقهون الحرية ولا الحقوق ولا جرأة المطالبة بها والدفاع عنها.

تتحدث مع البعض الآن وتقول له لقد مرت مصر وعاشت تجربة الحكم العسكري وتوجعت وألمت منه لعقود وكان أهم الأسباب لتخلفها وتراجعها عن ركب التقدم والتطور .. فيقول الإخوان .. الإخوان
تقول له أنا لست ضد الجيش فالجيش المصري هو درع مصر وقوتها وعزتها ولا أقبل أبداً أن يهان أو ينال منه أي أحد بكلمة لكني ضد قادة الانقلاب .. فيقول الإخوان.. الإخوان
تقول له إلا ترى ما يتم من عسكرة الدولة والدليل حركة المحافظين الأخيرة , ألا ترى بطش الداخلية وشراستها وعودة الدولة البوليسية بكل عنف وظلم , ألا تشاهد البلطجية والانفلات الأمني , ألم تشعر بالغلاء الفظيع في الأسعار .. ومشاهد كثيرة ......... يقول ..الإخوان .. الإخوان
وهكذا .. كل حديث ينتهي بكلمة إخوان .. إخوان

هؤلاء كُثر وقد أصيبوا بمرض رهاب الإخوان , يعيشون وينطقون ويفرون لحجة ومبرر وسبب واحد فقط هو إخوان .. إخوان .. ردهم أن مصر تمر بمرحلة انتقالية وخارطة طريق وبعدها انتخابات ستأتي برئيس جديد وإذا فشل هذا الرئيس أو ظهر فساده سوف يطيحون به على الفور بثورة جديدة وأن الميادين موجودة وليست ببعيدة , أقول لهم فعلا الميادين موجودة لكنكم أيها الثوريون حتى النخاع لن يُسمح لكم مرة أخرى بأي ثورة..
بمعنى .. أنك عندما تستيقظ أخي (الثورجي) في الصباح وتتناول فطورك ويسألك أهل بيتك إلى أنت ذاهب فتقول لهم ..أنا نازل أثور في الميدان .. أطيح بالرئيس الجديد.. فأعلم أنك لم تتغطى جيداً.
..
أي وهم هذا ؟!!
الثورة لها علم , وجه , وقود , روح , معطيات , مطالب .. كما أن هناك علم خاص بالشعوب ودراسة لسيكولوجياتهم وهناك دورة زمنية للشعوب وتشريح عميق للثورات وكيفية بنائها ومسارها.
التاريخ متصل منفصل فدعونا من الانتقائية العمياء المقيتة.. ولا نختار ما نشاء من التاريخ من أحداث الأربعينيات أو غيرها لنبني عليها هوى النفس ونربطها بالمستقبل في غير موضعها , مصر أعظم وأكبر من ذلك وتستحق أن نصنع لها بساط الحرية والكرامة والعدالة وأن تسترد إرادتها وتحقق عزها ومجدها وأن لا تكون مطمع أو هدف أو مطية لأي أحد ولا على هوى الإخوان أو غيرهم في الداخل والخارج وألا تنضوي تحت جناح الحكم العسكري.
الأمر تعدى الإخوان يا سادة .. أضيئوا مصابيح ضمائركم وحكموا عقولكم ودعوا لغة حب الوطن وحدها تتحدث.





اللهم أحفظ مصر وسائر بلاد المسلمين