عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-2013, 08:48 PM
المشاركة 3
عمر مصلح
فنان تشكيلي وأديب عـراقـي
  • غير موجود
افتراضي
قبل..
أثناء..
بعد..
كلها تنطوي على ثيمات للغياب..

أنتَ غائب..
لا وجود إلا لظلّك.

أثناءك غربة..
مابين النشوة والجفاء.

بعدك يتم..
فانتعشت الخفافيش.


عارضة القطار وحدها من تترجم هذا البوح المشحون بالعاطفة..
هي وحدها من أنكرت الغياب كأم رؤوم..
فاستبسلت "هي" بنثر البوح، وكان شاهدها الأخير..
انتظرت على حافة دمعة..
ثم مارست طقسه بصبر أيوبي.

ألقهوة رمز للمرارة التي فرضت وجودها قسراً على طعم حلاوة الانتشاء.
صافرة القطار.. صفارة إنذار تنبئ بالقهر..
لأن القطارات محملة بأسى يتكرر..
كل هذا كان .. قبل

ألعنادل تتوسل الغَبَش بالإياب..
عارضة سكة القطار تُثير أعمال شَغَبٍ في ساحاتها..
تترنح العارضة ارتفاعاً وهبوطاً، والأنثى تتضور..
تذكرها بأنوثة كادت أن تنسى أنوثتها ذات إحباط..
والندى يُمعن – استهتاراً- بالجفاف، لتتيبس الأمكنة.
فوضعتْ "هي" عملتها على سكة القطار قبل الغَبَش بعصفور، كي تتمدد..
فاستطال المخيال كثيراً، وتمادى "هو" ببخل البوح.
حتى صارت الحروف الصوائت صوامتاً أيضا.. بعد أن انتهكتها الخطى.
كل هذا كان.. أثناء

هبطت العارضة، لتعلن نهاية المطاف..
انكبت على وجهها، غير مبالية بعاطفة من تنتظر، بشراسة جلَّاد..
فباحت "هي" بسر ميلادها..
وأعلنت عن النهاية المفروضة بحتمية الزمن.
كل هذا كان.. بعد

وكل هذا قالته ابنة جلال، في ساحات البوح، غير المؤدلجة، وعلى مبعدة سنة ضوئية من التابو.

مع تقديري لكِ أيتها الواعية تماماً لكل حرف، من حيث البث والحث والمبتغى، وتحية وإجلال لمن أثار هذا البوح.. ألأستاذ عماد تريسي الموقر.