عرض مشاركة واحدة
قديم 10-17-2013, 01:15 AM
المشاركة 8
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


مضت أيام ومازال القصف مستمرا وأشباح الموت تعيث في الأرض فسادا ، يوقظنا صوت البيوت المهدمة ، وبكاء الأطفال ، وسماعات تنادي على الرجال لتصلب أجسادهم العارية .

يدخل الراوي في بداية العرض ليفصل في الأحداث .
في هذه الجملة المشبعة بمفردات الحرب : قصف ، موت ، هدم ، صلب . وبمفردات لها وقع على النفس وتعكر المزاج : أشباح ، الفساد ، البكاء ، العري .
جات هذه الجملة لتفيد الإستمرارية لظروف المقدمة من جهة ، و لتصف واقع الحرب من جهة أخرى .
هناك تركيز كبير على السمع في الجملة ، قصف ، يوقظنا صوت البيوت ، سماعات تنادي ، بكاء الأطفال ، وهو تعبير عن حالة الحصار التي يعاني منها الراوي و انغلاق الآفاق في وجه عينيه ، فهو في سجن بين جدران يترقب أشباح الموت متى تمتد إليه مخالبها .

مسلسل يومي من الوجع المميت ، كنا نتقاسم كسرة الخبز و شربة الماء ، حتى رائحة الموت والدمار ....

هذه الجملة التي تفيد الاستمرارية في المعاناة و الوجع المميت ،جاءت لتبين تلك اللحمة بين سكان المخيم ذلك التعاضد بين أفراده ، تقاسم الخبز على ندرته و الماء الذي يتم تخريب شبكته فلا يبقى غير القليل منه ، سكان المخيم يتقاسمون كل شيء حسب استرسال النقط حتى أنهم يتقاسمون الموت والدمار فكل بيت ينال نصيبه من تلك الأهوال و المصائب "


في الفقرة الثانية من العرض " من: كنت أخاف ......إلى : أو نكون في عداد الموتي ." ينتقل الراوي من المشهد العام الذي يسود المخيم إلى وسطه القريب أسرته ، ذلك لينقل بشكل جلي وعن قرب ما يجتاح الأسرة خلال هذه الأيام العصيبة ، الفقرة تتشكل من ثلاث جمل . أولها تتحدث عن العلاقة بين البطل ابراهيم و التي كانت تنظر إليه تلك النظرة الطويلة ، إنها عين الأم التي يسترسل دمعها منذ خروج البطل إلى القتال ، و تأخر عودته ، فقلب الأم تكاد تتكشف أمامه الأحداث المستقبلية ، ورابطة الأمومة هي أقوى الروابط الاجتماعية ، وهي خير معبر عن الوجدان البشري وما يعنيه الفراق والانتظار ، وصورة معبرة أكثر عن الأحاسيس الجميلة ، فاختيار الأم هنا لم يكن اعتباطيا ، فهي رمز للقدسية ، رمز للحب ، رمز للحنان ، رمز للوطن الذي يبكي أبناءه و في ذات الوقت يفتخر بهم .
في هذه الجملة يتحدث الراوي لأول مرة عن نفسه ، فالكاتبة هنا تبني شخصية الراوي وفي نفس الوقت تعمق معرفة القارئ بمختلف العلاقات الرابطة بين أشخاص النص . ولعل قوة هذا النص تكمن أساسا في طريقة البناء والأسلوب الجميل والاستعمال الأمثل للمفردة باقتصاد وبدون تكرار و إقحام المعلومة في الوقت المناسب في قالب أدبي شهي .


الجملة الأولى : كنت أخاف أن أنظر إلى عيون أمي والحيرة تسكنها ، والدمع رفيقها على غياب أخي ابراهيم ، وأبي قد أصابه الوجوم ، كنت أتمنى أن ينبس و لو بكلة واحدة .

خوف ، حيرة ، دمع ، غياب ، وجوم ، تمني " أب ، أم ، أخ " جملة مثقلة بالمشاعر و الأحاسيس ، جملة تكاد تختزل النص كاملا .
الراوي يخاف النظر إلى عيني أمه ، هو خوف من الحقيقة ، فالعين هي قرينة الصدق ، الأم مسترسلة في دمعها و الأب تمكن منه الوجوم ، و الراوي يتمنى لو تتغير هذه المعادلة دون القدرة على التأثير على المشهد ، فهو يستنجد بالأب لعله يقاوم ذهوله وحيرته وينطق و لو بكلة واحدة تعيد الثقة إلى النفوس المنهارة .




يتبع