عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
17

المشاهدات
7229
 
فاطمة جلال
مراقبة سابقة

اوسمتي


فاطمة جلال will become famous soon enoughفاطمة جلال will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
8,285

+التقييم
1.56

تاريخ التسجيل
Nov 2009

الاقامة

رقم العضوية
8124
10-09-2013, 11:36 PM
المشاركة 1
10-09-2013, 11:36 PM
المشاركة 1
افتراضي الأنفاس الآخيرة ( ويحكى آن )
[tabletext="width:80%;background-color:white;border:9px outset red;"]

الأنفاس الأخيرة ( ويحكى آن )


المطر غزير والسماء تزمجر رعدا وبرقا , تعالت أصوات الرصاص ,ومدرعات حربية قد نُصبت على أطراف المخيم , وكأننا على وشك
حرب دامية, وخرج شباب المخيم ومعهم - ابراهيم - نظرتْ اليه طويلا وكأنه الوداع الآخير ،ربما هو شعور خالجها في ذلك الوقت
فبكت ليال طويلة .
مضت أيام وما زال القصف مستمرا, وأشباح الموت تُعيث في الأرض فسادا ،يوقظنا صوت البيوت المهدمة وبكاءالأطفال ، وسماعات
تنادي على الرجال لتصلب أجسادهم العارية .
مسلسل يومي من الوجع المميت ، كنا نتقاسم كسرة الخبز وشربة الماء ،حتى رائحة الموت والدمار ... كنت أخاف أن أنظر في
عيون أمي و الحيرة تسكنها والدمع رفيقها على غياب أخي ابراهيم ، وما صارت اليه أحوالنا ...أما أبي قد أصابه الوجوم ,كنت
أتمنى أن ينبس ولو بكلمة واحدة ..كان يقضي وقته بصلاة وتسبيح حتى غارت عيناه ،وخارت قواه ، وعندما يهدا القصف
أتسلل نحو النافذة البعيدة أسترق الأخبار لكن لا جديد سوى دمار ودمار وسحب من دخان .


حتى كانت الليلة السابعة على التوالي من الحصار ، الساعة قاربت على الثالثة بعد المنتصف ، نظرت إلى إخوتي نائمين متلفين حول
أمي فقد استبد بهم الجوع والعطش ،كنا نحتمي بجدار اسمنتي في زاوية من البيت تكاد أن تكون أشبه بزنزانة لا نوافذ فيها ولا ضوء ،
بعد أن تصدعت الجدران ..ولم يعد يسترنا من البرد إلا غطاء رقيق، والموت يحيط بنا من كل جانب .
ولأول مرة أعرف أن الجوع كافر ...لم يعد ما يسد رمقنا يا الهي ...وماذا بعد ...!!!؟؟
وكلما جن الليل لا نعلم هل ستشرق علينا الشمس أو نكون في عداد الموتى ،كان تبادل إطلاق النار عشوائيا , حتى تبعه دوي
انفجار هائل ، فشعرت أن البيت تَهدم على رؤوسنا .. امتلكنا الذعر ،وسمعت أصوات تكبير وتهليل وقلت في سري رحماك يا رب ، رحماك ....
فاستفاق اخوتي مذعورين فاحتضنتْهم أمي ، نظرتُ الى أبي ما زال على حاله منذ الأيام الماضية يتكأ على عصاه فهو لم يتذوق طعم
النوم ، وصوت أنفاسه تَشق الصمت .



وعاد تبادل اطلاق النار بكثافة ، يا ترى ماذا خلف هذا القصف وهذا الهدم تملكني الذعر والخوف وافكار تحملني بعيدا فشعرت
ببرودة في أطرافي حتى أن أسناني بدأت تصطك دون وعي مني ، حينها شعر بي أبي ..أمسك بيد ي وقال :

- أراك كقطعة ثلج باردة عودي الى نومك وتدثري .
- لقد فارق النوم العيون يا أبي ، وكيف أنام ..!!!
- نامي با ابنتي ....
فضمني إلى صدره بحنان لم أعهده ، وبدأ يرفلنا بالدعاء حتى سمعت شخيره يعلو ، فقد غلبه النعاس ..فحاولت جاهدة ابتلاع

أنفاسي وبقيت عيناي تحلق في الفضاء.

فسمعت صوت أنين في الخارج ، اختلط الصوت بالشخير ، حاولت الإفلات من يده بهدوء فسقطت عصاه ...

ما بكِ ..؟؟!!
- صوت في الخارج ، أتسمع ...إنه أنين
التزمنا الصمت للحظات
فإذا بطرقة خفيفة على الباب ، أتكأ أبي على عصاه واقترب رويدا لينظر من الشق ، فتح الباب فإذا بجسد يغرق في الدماء
ونفس ما بين صاعد وهابط ، بالكاد استطعنا أن نسحبه الى الداخل ، جثى أبي على ركبتيه ، خلغ اللثام ومسح بيده الدماء عن
عينيه ، أشعلت له شمعة حتى نتعرف الى هذا الشخص ، أصيب أبي بالوجوم وعندها وفقد القدرة على النطق ...
صرخت أمي أنه ابراهيم ...




ابراهيم يا ولدي إنني أشتم رائحة أنفاسه ... ما بك يا قرة العين ضمته إلى صدرها ، حاولَ الكلام ، فسبقته روحه صاعدة الى خالقها ،
صرخت صرخة مدوية مزقت الصمت العربي ... وسقطت عصا أبي ليلفظ انفاسه الأخيرة .

وما زلنا نحلم بفجر قادم
فاطمة جلال ( ليلة من ليالي المخيم )
( ويحكى آن )
13-01-2013


[/tabletext]


تَعَـالَ ...
نَعْـجِن مِـن الحِـرَفِ رَغِيفًـا عَـلَى مَوَائِـدِ الـكَلَامِ ...
وَنَـكْتُب رَسَائِـلَ الحَـنِينِ إِلَى اليَـاسمِينِ ....

تعـالَ...
فمن تشتاق الـروحُ اليـهم ؛ قـــد أوغلـوا فـي الغيـاب !

فاطمة جلال

.....