عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2013, 12:16 PM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
مازلتُ اتذكّرُ صوته البعيد، وارتعاشَ يدهِ الشائخة. سألني ليلتها عنحال المدرسة وهموم المذاكرة، وكفي تخطُّ على الورقة خطوطاً لا اعرفُ مغزاها، سوى أنالحركةَ كانتْ تحولُ بين عيني ّ وعينيه اللامعتين "بخير" أجبته ببساطة.
في هذا الجملة ايضا يستمر القاص في تسخير الحواس فيبدأ بحاسة السمع ( صوته البعيد) ثم حاسة اللمس وذلك من خلال ذكر كلمة (يده الشائخة) وفي الارتعاش حركة، ثم حاسة اللمس مرة اخرى من خلال كلمة ( وكفي تخط ) وفي تخط حركة، وفي استخدام كلمة ( الحركة ) تأكيد على حركة اليد. ثم باستخدام كلمة ( عيني وعينيه اللامعتين ) تسخير لحاسة البصر من جديد. وفي استخدام كلمات ( سالني + واجبته ) تسسخير للتضاد.
كل هذه المحسنات تجعل النص ينبض بالحياة، ويوقظ في المتلقي حواسه فيظل متابعا للنص مهتما بتطور الحبكة محاولا فهم طبيعة ذلك السر الذي يمثله ذلك الصراع الداخلي الذي يعصف ببطل القصة.
ولا شك ان القاص ينجح ايما نجاح في شد المتلقي لنصه من خلال ذلك التصوير الجميل والمؤثر من خلال وصف المشهد بتفاصيل دقيقة وموحية من ناحية، ومن خلال وصف حالة البطل ( الرجل الشائخ ) ونقيضة (الطفل)، حيث يظهر البطل ( مرتعشا صوته بعيد ) بسبب السن من ناحية وبسبب ما يدور في ذاكرته من ناحية اخرى، وكذلك الطفل نجده مضطربا وما يؤشر لذلك الاضطراب حركة كفه التي ترسم خطوط لا يعرف مغزاها وكأنها تتحرك لوحدها، ثم تجنبه للنظر في عيني جده...
وفي ذلك ما يشير بأن القاص لديه معرفة بعلم السلوك البشري وهو يسخره ليجعله سحريا مؤثرا في المتلقي، فمعالجة الجوانب الخفية من النفس البشرية يظل مصدرا للادهاش والسحرية.

يتبع ،،