عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2013, 09:24 PM
المشاركة 33
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الموسيقى أسمى الفنون ، و أعلاها ، و اقدمها .. و هى فى حقيقتها القديمة ، هذا اللحن العلوى ، الذى تحرك فى سلمه السباعي ، يحكى منازل الإنسان و هو يسير فى طريق الاغتراب ، ثم يحكيها و هو يسير فى طريق الرجعى إلى الوطن القديم .. هذه الحركة المحكية فى قوله ، تبارك و تعالى ، ( لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم * ثم رددناه اسفل سافلين * الا الذين آمنوا و عملوا الصالحات ، فلهم اجر غير ممنون ) فى هذه ثلاث الآيات جاءت صورة الاغتراب ، و صورة العودة من الاغتراب .. هذه الحركة فى الهبوط و فى الرجعى ، هى حقيقة الموسيقى .. و هى فى جميع مراحلها فى البعد و القرب ، ذات سلم سباعي ، مرحلتها الأولى ، فى طريق البعد ، الصفات السبع : الحى ، العالم ، المريد ، القادر ، السميع ، البصير ، المتكلم .. و مرحلتها الثانية الحواس السبع : القلب ، و العقل ، و السمع ، و البصر ، و الشم ، و الذوق ، و اللمس .. و مرحلتها الثالثة النفوس السبع : الكاملة ، و المرضية ، و الراضية ، و المطمئنة ، و الملهمة ، و اللوامة ، و الامارة .. و مرحلتها الرابعة الأيام السبعة : الأحد ، و الاثنين ، و الثلاثاء ، و الأربعاء ، و الخميس ، و الجمعة ، و السبت .. و مرحلتها الخامسة السموات السبع : السماء السابعة ، و السادسة ، و الخامسة ، و الرابعة ، و الثالثة ، و الثانية ، و الأولى .. و مرحلتها السادسة الأرضين السبع : الأرض الاولى ، و الثانية ، و الثالثة ، و الرابعة ، و الخامسة ، و السادسة ، و السابعة .. و مركز هذه هو اسفل سافلين المشار اليه فى الآية الكريمة ( ثم رددناه اسفل سافلين ) .. و قد نزل الإنسان هذه المنزلة فى مرحلة التنزل السابعة .. ثم انه استأنف سيره فى طريق الرجعى ، من هذا البعد السحيق .. و لقد جاءه الأذن بان يأخذ فى طريق الرجعى ، و ذلك حيث حكى الله تبارك و تعالى عنه ( فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه ، انه هو التواب الرحيم ) و إنما تاب عليه ليتوب - يعنى ليرجع .... يتواصل
هذه المشاركة هي جزء من كتاب (الفنون و الإسلام) لمحمود محمد طه، و الكتاب عبارة عن مقدمة باللغة الفصحى في 21 صفحة تليها متن المحاضرة التي ألقاها في يوم الثلاثاء 24م9م1968م، على طلبة (( كلية الفنون الجميلة و التطبيقية))..
و سأعلق هنا حول السطر الأول منها:
( الموسيقى أسمى الفنون ، و أعلاها ، و اقدمها .. و هى فى حقيقتها القديمة ، هذا اللحن العلوى ،...)
المتصوفة يعلون من شأن الموسيقى مع حرمتها عند الغالب الأعم من جمهور علماء المسلمين قديماً و حديثاً، و المقتول بحد الردة (محمود محمد طه)يقر هذه الحرمة لكن للمبتدئين و العوام و لا يقرها للمستوين و الواصلين و الأولياء فيقول من نفس الكتاب ص 21:
( و الانشغال بها و بضروب الفنون الأخرى ، و بخاصة للمبتدئين، انشغال بخلاف الأَوْلى ، و تقديم للمفضول على الفاضل ، و مضيعة للوقت في غير وجه حكيم .. و هذا ما من أجله حرمت الفنون في الإسلام .. أما للمنتهين المستوين على الجادة في نهايات السلوك ، فإنها غير محرمة ...)

و اللافت في كلام محمود محمد طه التناقض الفاضح ، فتجده يقول كلاماً ثم يناقضه في موضوع آخر
و من هذا ، نجده يحرم الفنون كما ورد أعلاه على المبتدئين ، نجده يربط الفنون بالدين ربطا لا ينفك فيقول ص 28 :
( لكن يمكن للإنسان أن يقول: أنه ما من فن من الفنون إلا و نشأ في معابد الدين ، أصلو ما عرف دين ما فيهو موسيقى ...)

وكما أكد على كون الموسيقى أقدم الفنون، يأتي في ص25 فيقول مناقضا نفسه :
( الفنون كثيرة ، ما نعرف منها، و ما سنعرف ... و يمكن للإنسان أن يقول: الأصل فيها كلها الصورة ...)

و سنتحدث في المشاركة القادمة إن شاء الله عن قوله:
( و هي في حقيقتها القديمة ، ذلك اللحن العلوي..)

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا