عرض مشاركة واحدة
قديم 09-17-2013, 02:40 PM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
كنتُ أراقبه عن كثب حين يبكي من دون سبب، خافياً بكاءَهُ عن الكبار، ومسترسلاً في دموعه أمامي غير آبه، بحكم أني صغير وغير مكترث لدموع رجل عجوز، وهو الآخر ينظر اليّ النظرة ذاتها دون اهتمام.



في هذه الجملة نجد القاص يذكرنا بأن الراوي عليم ليؤكد على مصداقية حكايته فيقول ( كنت اراقبه) . وفي استخدام كلمة (اراقبه) تسخير لحاسة البصر وايقاظها لدى المتلقي لكن بشكل صارخ هذه المرة فنجده يستخدم كلمات داله على حاسة البصر بكثافة ملفته في هذه الجملة المكونة من 31 كلمة 7 مرات (أراقبه، يبكي ، بكاءَهُ، دموعه ، لدموع، ينظر، النظرة ) ونجد ان لذلك وقع هائل على المتلقي، علما بأن الكلمات نفسها تستثير ايضا في المتلقي مشاعر ترتبط بالحزن والبكاء والدموع وربما الالم الدفين.

والحديث عن البكاء من دون سبب ظاهر مؤشر الى وجود ذلك الصراع الداخلي الذي يعصف ببطل القصة فيدفعه الى البكاء فيظن المراقب من بعيد او من قريب انه بكاء من دون سبب، لكنه في الواقع ناتج عن ذلك الصراع المحتدم في داخل ذاكرة البطل.

ونجد القاص يؤكد هنا على تلك الفكرة الفرويدية التي تطرق اليها في الجملة الاولى، وهي صعوبة الاستمرار في كبت ما يعذب النفس البشرية مما يجعل بطل القصة يعبر عن مكنونات نفسه ويعذب ضميره بالافصاح عنها من خلال البكاء امام طفل صغير...وهذا ما ييرز الصراع في القصة فيجعلها ذات اثر بالغ على المتلقي.

وفي كلمات ( خافيا بكاءه و مسترلافي دموعه ) تسخير للنقائض من جديد. كذلك نجده يسخر النقائض من خلال استخدام كلمات ( الكبار وعجوز من ناحية و صغيرمن ناحية اخرى).

ونجد ان الصفات التي يقدمها الراوي عن شخصية البطل تزيد في انسنته فهو ليس فقط بطل في قصة جامد لا حياة فيه، وانما هو حي يبكي ويسترسل في دموعه وهذا الوصف يساهم في جعل شخصية البطل شخصية حيوية نامية ومتطورة واقرب الى انسان يسكن الى جورانا فنتعاطف معه وننشد لهمه وما يثقل كاهله.

يتبع ،،