الموضوع: العنزة ..جزءان
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-15-2013, 07:00 PM
المشاركة 4
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
العنزة ..

الجزء الثانى
________
جلس الوالى على كرسى الحكم ..يقلب بصره فيمن حوله ..ووزيره الأول يقف على يمينه ..
ومسرور متوشحا سيفه على يساره
ومستشاريه يجلسون أمامه فى صفين متراصين ..
أومأ برأسه لكبير حراسه ..ليدخل الرجلان ..ينادى كبير الجرس بصوت جهورى ..
- أصحاب المظالم يتقدمون لحضرة مولانا ..الوالى العادل ..
دخل رجلان يرتدون ملابس بالية..يعقدون أيديهم على بطونهم ينظرون حولهم فى هلع وخوف..حتى وقفوا..أمام الوالى..
أنحنوا له وطأطاوا رؤؤسهم صامتين .. ترتجف أجسادهم فى هلع بَين ..
حدق الوالى فيهما كثيرا..وأخذ يتفحصهما فى تمعن وإشمئزاز ..
وفى تعجب سأل وزيره ..
- أهؤلاء ..من رعيتى وشعبى ..
- نعم يا مولاى الأمير..وأنا أشهد بذلك..وأعرفهما جيدا..
فهذا أفقر فقراءالولا ية..والآخرجاره..ولا يختلف كثيرا عنه فى بؤسه وعوزه ..
يتجشأ الوالى .. فيصرخ الوزير ..
- صحة وهناء لوالينا العادل..
فيرد عليه كل من بالقاعة ..
- صحة وهناء لوالينا العادل ..
يعود الأمير يحدق فيهما فى اشمئزاز ..
- ليست هذه بمشكلتنا الآن..فلندع حالتهم المزرية تلك الآن..ولنستمع لمظلمتهم أولا ..
- نَعم الرأى الحكيم يا مولاى..تقدم أنت..وأعرض حاجتك ومظلمتك
- أنا يا مولاى مظلمتى عندك..فمن ظلمنى وأعتدى على حرمة بيتى
وسرقنى.. هو من يقف بجانبك ..
- أجننت يا رجل..أتتهم وزيرى بالأعتداء على حرمة بيتك وسرقتك
- لا لا يا مولاى ..أنا لا أتهم وزيرنا الجليل ..بل أتهم هذا ..
- مسرور ..أتتهم مسرورنا ..
- نعم يا مولاى..أتهم مسروركم ..فهو من أعتدى على حرمة بيتى وسرق عنزتى ..
يتجشأ الوالى بشدة ..يصرخ الوزير ..
- صحة وهناء لمولانا الوالى العادل ..
يردد الجميع ..
- صحة وهناء لمولانا الوالى العادل..
- وما هى بينتك..ودليلك على إتهامه بتلك التهمة الشنعاء ..
- هذا جارى..وقد شاهد بأم عينيه..مسرور خارجا من دارى حاملا عنزتى وتشهد أيضا بذلك زوجته..
- أذن.. قضيتك صحيحة يا رجل..سرقة وشهود عيان ..وأنت يا جاره ..تشهد بذلك ..
- نعم يا مولاى شاهدت بأم عينى..مسرور خارجا من دار جارى هذا حاملا عنزته ..وتشهد أيضا زوجتى على ذلك ..
- ولماذا لم تحضر زوجتك معك يا رجل ..لتشهد بذلك أمامنا ..
- لديها عذرها يا مولاى..فهى طريحة الفراش لا تتحرك ..وهذه مظلمتى ..
- مظلمتك ..أأنت شاهد ..أم صاحب مظلمة ..
- الأثنين معا يا مولاى ..الأثنين ..فأنا شاهد لجارى ..وصاحب مظلمة لزوجتى..
- أفصح يا رجل ولا تُطل ..لقد بدأ صبرى ينفذ ..
- نعم.. نعم يا مولاى ..سأوجز ..
عندما خرج مسرور من دار جارى حاملا عنزته..وسمعت زوجتى صراخ زوجته ..
خرجت مسرعة..وحاولت الإمساك باللص..فلكزها لكزة قوية شديدة فى بطنها ..فسقطت مغشيا عليها ..
- حمدالله على سلامتها ..
- ولكنها أسقطت حملها وفقدت جنينها..فقد كانت فى شهرها السادس
وجارى صاحب العنزة ..يشهد على ذلك ..
- أذن كل منكما..شاهد وصاحب مظلمة..ماذا تقول فى ذلك يا وزيرنا ..
فقضيتهما مكتملة الأركان ..ومظلمتهما صحيحة ..
أقترب الوزير من الوالى ..وهمس فى أذنه ..
- أسمح لى يا مولاى بمناقشتهم ..وتفنيد أدعائاتهم ..
- ما الذى ستفنده ..لقد ضاع مسرورنا الحبيب..على يدى هذان الإمعاتان ..
- حاشى لله يا مولاى ..أن يضيع مسرورنا ..فهو فزاعتنا جميعا للرعية والعامة والدهماء ..
- أرنى ما ستفعله..لإنقاذ رقبة مسرورنا الحبيب.. فالتهمة ثابتة عليه
- سوف ترى بنفسك يا مولاى ..ما سيفعله وزيرك المخلص الأمين
يعتدل الوزير .. ويتناول صك ورقى من كبير الحراس ..
ويتحدث بصوت عالى ليسمعه جميع من بالقاعة ..
- أنت يا صاحب العنزة..أقترب منى ولا تخف..أنظر فى هذا الصك جيدا ..أنظر ودقق ..أليس هذا توقيعك ..
- أنا أجهل القراءة والكتابة يا سيدى ..ما هذا الصك ..
- هذا أقرار فقر ..قدمته لديوان الوالى ..لإعفاءك من جزية المال ..
- نعم.. نعم ..تذكرت ..لقد كتبه لى أحد الكتبة بالسوق ..
- أذن أنت تعترف ..بأن هذا الصك ..والمذيل ببصمتك ..هو لك..
- نعم ..
- وتقر فيه أنك لا تملك أى خردلة..أو حيوان أو طير داجن بمنزلك
- أنا لا أعلم ما كتبه كاتب السوق ..
- ولكنك تقر أنك الباصم أدناه..فمن أين حصلت على هذه العنزة والتى تدعى على مسرور بسرقتها..
أجب..أعترف..
هل سرقتها .
يقف الملك فى نشاط ..ويتجشأ ..فيردد جميع من بالقاعة ..
- صحة وهناء لمولانا الوالى العادل ..
- نعم..نعم سرقتها من قطيع الوالى..أيها اللص اللعين..وتدعى على الشرفاء بالكذب..
جريمتك الشنعاء تلك عقابها عندى رقبتك..أو ..
- نعم يا مولاى ..أو ..
- أو تعترف بكذبك وإدعائك الكاذب على المسكين مسرورنا بالكذب
- نعم يا مولاى..أنا كاذب ومدعى .. فأنا أولى برقبتى من عنزتى ..
- حكمنا عليك ..
أن تركب حمارا بالشقلوب..وترتدى الطرطور الأحمر..
ويعلق فى رقبتك جرس وتجرس فى جميع الأسواق وتبرأ مسرورنا المسكين من تهمتك الشنعاء التى ألصقتها به كذبا..
يتجشأ الوالى ..فيسبق صاحب العنزة الجميع صارخا ..
- صحة وهناء لمولانا الوالى العادل ..
يعود الوالى ليجلس على كرسيه ويطلب من الوزير أن يواصل
يبتسم الوزير فى وجه جار صاحب العنزة..وزوج المرأة الساقط حملها ..
- أما أنت يا صاحبى..فلك كل الحق فى مظلمتك..
ومن حقك على الوالى أن يرد لك حقك وحق امرأتك ووليدها ..
ويعود الحال لما كان عليه ..
يسأله الوالى فى فضول ..وفى رنة صوته بعضا من السخرية ..
- وكيف ذلك يا وزيرنا الهمام ..كيف يرد وليدها ..
- نعم يا مولاى..مسرور عليه أن يرد وليد المرأة ..كما تسبب فى فقدها أياه..
- كيف ..
- بأن يرسل الرجل زوجته ..
ويسلمها أمانة عند مسرور ..ولا يستلم أمانته ..
ألا وهى حامل فى شهرها السادس..كما كانت من قبل ويكون بذلك.. قد رد الأمانة لأهلها ..
يهلل الملك فرحا ..
- نعم..نعم..صح لسانك يا وزيرنا الهمام..هيا يارجل أذهب وإحضر زوجتك..
ليرد لك مسرور أمانتك التى تسبب فى فقدك وزوجتك أياها..هيا ..أسرع ..أسرع ..ولا تتلكأ..
يقف الرجل مبهوتا لا يتحرك..
ثم فجأة..أخذ يضحك بجنون وهو يضرب كفا بكف..ويحدث نفسه ..
- أحضر زوجتى ..وأتركها أمانة عند مسرور ..
وأعود لإستلامها وهى حامل فى السادس..كما كانت..
وعندها أكون قد إسترددت حقى
رفع رأسه إلى الوالى وهو يهز رأسه يمينا ويسارا فى جنون ..
- ولكنى يا مولاى لست بمتزوجا ..وليس لدى زوجة أحضرها ..
- أذن..فقد كنت تكذب ..وتدعى بالكذب على مسرورنا الطاهر الشريف العفيف ..
- نعم ..كذبت ..وإدعيت ..على مسروركم الطاهر الشريف العفيف
- إذن حكمنا عليك..أن يُفعل بك ما فُعل بصاحب العنزة ..
والآن بعد أن ثبتت براءة مسرورنا الحبيب من التهم التى أُلصقت به..
وقد شهدتم جميعا عدالتى ونزاهة حكمى ..دعونى أعود لأُ كمل خلوتى ..
يشير لمسرور أن يقترب منه ..ويهمس فى أذنه ..
- لقد فُتحت شهيتى للطعام ..وبدأت أشعر بالجوع الشديد ..
- وماذا يشتهى مولاى ..لأحضره من فورى ..
- أشتهى حًمل أوزى مشوى على نار هادئة ..
هيا ..هيا أسرع واجلبه لى.. يا مسرورى الحبيب..

( النهاية )