عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
28

المشاهدات
11973
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,185

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
09-13-2013, 11:42 PM
المشاركة 1
09-13-2013, 11:42 PM
المشاركة 1
افتراضي رد الإتهامات عن ثورة 30 يونيو (2)
رأينا فى الجزء السابق من الموضوع , اتهام الثورة بأنها إنقلاب عسكري وهو ما تم الرد عليه وتفنيده , والآن نعالج ما روجه الإخوان من أن الثورة لم تكن ضدهم بل كانت ضد الإسلام ,
ومن عجب أن يصدر هذا القول من أكبر جماعة أساءت للإسلام فى العصر الحديث وكانت المعين الذى صدر الإرهاب باسم الإسلام منذ بداياتها وبداية نشاطها الإرهابي بالنظام الخاص , ثم بالجماعات التكفيرية التى خرجت من رحم ذات الجماعة

ثانيا : إتهام الثورة بأنها ضد الإسلام !

ما كنت أحلم ولو فى خيالى أنه سيأتى يوم علينا فى مصر يمكن فيه أن يتبجح إمرؤ ينسب نفسه للعلم فيجعل لجماعة ما عنوان الإسلام كله !! , ويكون المحارب لهم محارب للإسلام ذاته !
لكننا فى زمن العجائب ..
وإن كان حصر الإسلام فى نطاق شخص أو مجموعة ــ حتى لو كانت أصلح أهل الأرض ــ هو منكر كبير وجهالة عظيمة , فما بالنا لو كانت تلك الجماعة أصلا بعيدة عن السنة والتدين الصحيح
ولعل أخطر ما في فكر الإخوان , وغائب تماما عن شبابهم والمهووسين بهم , أنهم لا يدركون أن حكم الإخوان فى الشريعة الإسلامية أنها فرقة مبتدعة .. قولا واحدا , وليس فى هذا الحكم أدنى شك .
وأحيل القارئ الكريم إلى علماء العقيدة والفرق ليتوجه إليهم بالسؤال عن حقيقة هذا القول , ويحمل إليه أدلته ثم يُحكّم رأيه وضميره ..
فالإخوان منذ نشأتها على يد حسن البنا وهى فرقة تخالف معتقد أهل السنة والجماعة فى مبدأ تشكيلها أصلا ,
ولكى يتفهم القارئ الموضوع بشيئ من التبسيط .. نقول ..
أن الإسلام يتكون من عنصرين عقيدة , وشريعة ..
أما العقيدة فهى أركان الإيمان والأصول ,
تلك المبادئ التى يجب أن يعتقدها كل مسلم ولا يشذ فيها بقول قط , بل تكون أدلتها حكرا وتوقيفا على القرآن والسنة , فلا يوجد فى أمور العقيدة شيئ اسمه الإجتهاد أو الفكر أو التعديل نظرا لأن طبيعة العقيدة ذاتها لا تسمح بذلك .. لأنها فى مجملها أمور غيبية لا يدركها العقل ولا يمكن له استيعابها لهذا كان الحل هو الإيمان بها كما وردت دون تأويل أو تكييف أو تعطيل "[1]"
كشهادة التوحيد والإيمان بالقدر والبعث والحساب والإيمان والملائكة والجنة والنار والإيمان بأسماء الله وصفاته كما وردت حصرا بالقرآن والسنة والإيمان بفرضية الأصول كأركان الإسلام الخمسة ..
أما الشريعة
فهى محتوى العبادات التى تتفرع عن الأصول وهى ذلك المجال المتاح لعلم الفقه , حيث يكون الإجتهاد فيها مسموحا ولا غبار عليه ..
وبالتالى ..
عرف الإسلام نوعين من المسلمين ..
النوع الأول : وهى السواد الأعظم من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة وهم أولئك الذين اتفقوا فى أمور العقيدة اتفاقا تاما , واختلفوا فقط فى أمور الإجتهاد , فنجم عن هذا التنوع المذاهب الإسلامية المعروفة وهى أربعة وسبعين مذهبا فقهيا وليست أربعة أو خمسة كما هو سائد , أشهرها المذاهب الأربعة المشهورة والمذهب الظاهرى ,
والنوع الثانى : وهم الفرق ولفظ الفرقة لا نطلقه إلا على جماعة من المسلمين اختلفت مع أهل السنة فى المعتقد وليس فى الفقه وأمور الإختلاف السائغ
فأى إنسان أو جماعة تتخذ لنفسها فقها خاصا , يكون مسماها فى الإسلام المذهب ..
أما إن اتخذت نفسها معتقدات خاصة واجتهادات خاصة بها وتأويلات لآيات العقيدة مخالفة للإجماع فهى هنا فرقة وليست مذهبا ..
ولهذا فمن يطلق على الشيعة الإثناعشرية مثلا مسمى الجعفرية , أو أصحاب المذهب الجعفري مخطئ تماما فى ذلك , لأن الشيعة الإثناعشرية فرقة وليست مذهبا , فرقة لها أصول معتقدات تخالف تماما معتقدات أهل السنة وأول هذه المعتقدات هى الإمامة "[2]"
وكذلك الإخوان ..
فرقة مشابهة للشيعة الإثناعشرية والشيعة الإسماعيلية فى مبادئ الإعتقاد , وأولها تكفير واستحلال دماء المسلمين .. وهو الأمر الذى نضح به قادة الجماعة ومؤيدوها علانية بعد أن تركوا رداء التقية مؤقتا , واستمع الشعب المصري لحقيقة الإخوان فى جلاء عبر عام كامل وهى تكــفّر الشعب المصري بكافة مسلميه وتستبيح دماء كل من يتوجه نحوها بحرف , بل وتدعو للجهاد والقتال فى سبيل الجماعة أيضا ..
وخلاصة معتقدات الإخوان فى مرشديهم وجماعتهم تتخلص فى أنهم يرون أنفسهم جماعة المسلمين , ولمرشدهم حق الطاعة التامة المطلقة , وهى الطاعة التى لم يعرفها الإسلام على إطلاقها قط إذ حصر مفهوم الطاعة على العقل والإستيعاب فى الإستجابة للأوامر وألا تكون مخالفة للشرع ..
ولهذا عندما أمر أحد قادة سرايا النبي عليه الصلاة والسلام بعض جنوده بالدخول فى النار , لم يطيعوا الأمر واحتكموا إلى النبي عليه الصلاة والسلام , فقال لهم النبي عليه الصلاة والسلام ( لو أطعتموه ودخلتموها لما خرجتم منها أبدا .. إنما الطاعة فى المعروف )
وهذا المفهوم لا يعرفه الإخوان , فالمجادلة أو مجرد النقاش فى الأوامر ولو كانت مخالفة لأبسط منطق , هى مخالفة شرعية عندهم , وهناك أمثلة مزرية لهذا الأمر حيث تم فصل بعض أعضاء وقادة الجماعة لمجرد إختلافهم فى الرأى مع مكتب الإرشاد والمرشد , وكأنى بهم يرون فى المرشد إماما معصوما ..
والأمثلة على هذا كثيرة فى هذا المقام وأشهرها ما حدث مع سامح عيد وثروت الخرباوى وعبد الجليل الشرنوبي وأحمد بان فخروج هؤلاء الرموز من جماعة الإخوان جاء لمجرد إختلافهم فى الرأى والموقف السياسي مع الإخوان "[3]"
بالإضافة إلى إعتقادهم بأن دعوة الإخوان هى دعوة الإسلام الحق وما سواها الباطل , وهم يقسمون بقسم الولاء فى سبيل ( دعوة الإخوان ) وليس فى سبيل الإسلام , فقلصوا وحجروا مفهوم الإسلام فى تلك البدعيات التى اعتنقوها وهى تجسيد مثالى لمعنى الشرك والعياذ بالله

وهذه المعتقدات مخالفة تماما لمعتقد أهل السنة الذى يحصر العصمة فى الأنبياء وحدهم , ونعتقد أن الشريعة خـُـتمت بموت النبي عليه السلام حيث لا توجد عصمة ولا نبوة ولا إمامة مطلقة بعده , وأن من يأتى بعده هو ولى أمر المسلمين فى أمور الدنيا لا فى أمور الدين وهو قائم على تنفيذ أحكام الشريعة وفق القوانين التى تنظم ذلك من الشريعة ذاتها ,
كما أنه من أصول اعتقاد أهل السنة أن لفظ الجماعة ولفظ أهل السنة يشمل المسلمين جميعا , واختيار الحاكم يكون بالتوافق بين أهل الرأى أو حتى بالتغلب فى زمن الفتنة , ومن أصول أهل السنة والجماعة كذلك نبذ التفرق وتجريم الشذوذ عن الجماعة بحكم أو بجماعة مناوئة مسلحة تنازع الحاكم الشرعي فلا يعترف الإسلام بالخروج المسلح على الحاكم ولو كان ظالما بل تتم مناهضته بالأسلوب السلمى ــ الأمر بالمعروف وإنكار المنكر ومدافعة الظلم ــ أما رفع السلاح فلا يكون إلا فى حالة الكفر البواح أو منع الصلاة
وعليه ..
فى ضوء هذه التعريفات العلمية نريد أن نعالج موقف جماعة الإخوان لنفهم ماهيتها بالضبط فى ميزان الشرع والعقل ..
فهل هى مذهب فقهى ؟!
الجواب لا بالقطع , لأنها تنظيم حركى ليس له علاقة بالفقه ولا بالمذاهب , ومؤسسها حسن البنا نفسه ليس من أهل الفقه وليس موصوفا حتى بعلم الفقه بل كان مُدرسا إلزاميا للخط العربي , وخريجا لدار العلوم ولم يُحصّل فى حياته أو يقدم فيها ما يدل على أنه درس أو تمحص أو زاد من معارفه فى هذا الشأن .. كذلك القطب الإخوانى سيد قطب فهو مفكر وأديب وأفكاره وكتاباته فى مجال الشريعة يصنفها الباحثون والدارسون على أنها تحتوى طوام عقائدية مخالفة لأبسط مبادئ الشريعة الإسلامية ..
فهل هى جماعة سياسية مثلا ..
الواقع يقول أنها جماعة تنتهج السياسة وتسعى للحكم باعتباره حقا أصيلا لها لا يقبل المنافسة , واتخذت لنفسها طابعا تشريعيا ينتمى للإسلام , وأدبيات الإخوان تقر أن منهج الإخوان هو منهج الإسلام بنص كلام البنا !
وبنظرة بسيطة إلى مبادئ جماعة الإخوان التى أسسها حسن البنا سنكتشف بسهولة أن الإخوان فرقة شاذة عن أهل السنة والجماعة , بل إنها ــ وللكارثة ــ تعتبر نفسها الجديرة بوصف أهل السنة والجماعة وجماعة المسلمين ــ وما عداها هم الكفار المارقون أو المبتدعة فى أقل توصيف ..
ودعونا نتأمل أقوال البنا فى مذكراته وهو يشرح كيف تصرف مع الخارجين عليه من جماعة الإخوان , ولننظر إلى طبيعة الإستشهادات التى أوردها البنا لتوصيف موقف مخالفيه فى الجماعة حيث استخدم حسن البنا الأحاديث النبوية التى أوردها النبي عليه الصلاة والسلام وأوصت بقتل الخارج عن الجماعة وأخذه بالشدة والعنف , فقال نصا عن المنشق عليه :
( زين له الشيطان أن فى ذلك مصلحة الدعوة وانه يتشدد لا لنفسه وإنما للدعوة وكان هذا هو المنفذ الذى ينفذ منه الشيطان للمؤمنين ليفسد عليهم إيمانهم وكان الإسلام حكيما فى وصيته بأخذ هؤلاء الخوارج
على رأى الجماعة بمنتهى الحزم من أتاكم وأمركم جميعا يريد ان يشق عصاكم فاضربوه بالسيف كائنا من كان )

وكما نلاحظ أنه أخذ هذه الأحاديث وأنزلها على مخالفيه من جماعة الإخوان نفسها باعتباره هو الإمام الشرعي ومخالفوه هم الخوارج , هذا فضلا على أن مرشدى الإخوان من بعده انتهجوا نفس النهج فكانوا يصمون المنشقين عنهم بألقاب الخوارج وفق شهادات الشيخ الغزالى رحمه الله وشهادات المنشقين من أمثال سامح عيد وثروت الخرباوى وغيرهم كثير ..
ومن الأقوال التى استوقفتنى فى شهادة سامح عيد"[4]" قوله عن الجماعة أنهم يكثرون من استخدام حديث ( من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه .. ) !!
هذا بخلاف الطامة الأكبر ألا وهى مبدأ البيعة فى المنشط والمكره , وهذه البيعة لا تكون جائزة فى الإسلام إلا لولى أمر البلاد سواء كانت خلافة أو قطرا مستقلا ..
وهنا نضع ألف خط تحت هذا الكلام بالغ الخطورة ,
فمعنى هذا ببساطة أن حسن البنا انفرد بجماعته باعتبار أنها جماعة المسلمين ــ المعنية فى أحاديث النبي عليه السلام ــ وأنه يجوز فيها تطبيق أحكام هذه الأحاديث باعتبار الخارجين عليها خارجين على الجماعة وولى الأمر الشرعي , واحتفظ لنفسه بالولاية الشرعية كولى لأمر المسلمين يملك تطبيق أحكام هذه الأحاديث كما لو أنه يحكم جماعة المسلمين فى بلاد كافرة ليس لها ولى أمر ولا ولاية !!
وعليه ..
ننتظر من الإخوان أن يجيبوا عن هذه الأسئلة لأنفسهم وليس لنا ..
من أين اعتبر حسن البنا نفسه وجماعته هم أهل السنة والجماعة دون سائر المسلمين , ومن أى دليل شرعى اجتلب هذا المعتقد ؟!
من الذى منح حسن البنا حق ولاية الأمر الشرعية على مجموعة من المسلمين واستخدام حق ولى الأمر فى الرقاب والأموال ؟!
من أين أتى البنا بمشروعية ازدواج الولاء حيث يقسم أفراد جماعته له على الطاعة التامة فى وجود ولاية شرعية وحاكم للقطر الذي يقيمون فيه ؟
من أين أتى البنا بمشروعية الإشتراكات التى تفرضها الجماعة فرضا على أعضائها بمقدار معين وتحت أى بند يمكن توصيف هذه الأموال بينما حدد الإسلام مصارف المال فى الزكاة والعاملين عليها والخراج لولى الأمر فقط وحارب المكوس بكل أنواعها ..
فإذا الجماعة تفرض الفروض المالية على أعضائها فى الداخل والخارج , بما فيها تحصيل أموال الزكاة نفسها والصدقات والتبرعات فى أيام الإنتخابات وغيرها , ومن البديهى بالقطع أن مصارف الزكاة الشرعية لا تحتوى بندا يبيح هذا على الإطلاق , ولكن الإخوان تضعها تحت بند ( فى سبيل الله ) !!
ولا داعى للتعجب فحصيلة الإخوان من الإشتراكات أيام البنا كان يستخدمونها فى بناء مقار الجماعة والصرف على نشاطها وتسليحها وغير ذلك من الأفعال التى نعرف جيدا ما هو حكمها فى الشرع , ثم يقتنع الإخوان بعد ذلك أو يقنعون أعضاءهم أنها أموال تُــصرف فى سبيل الله !
وحصيلة اشتراكات الجماعة فى العصر الحالى داخليا وخارجيا تصل إلى نحو 30 مليون جنيه تقريبا ــ وفق تقدير القيادى الإخوانى المنشق عبد الستار المليجى ــ وهى رغم ضخامتها إلا أنها تمثل الجزء الأصغر من أموال الجماعة الطائلة فى الإستثمار الخارجى والداخلى عبر شركات ( الأوف شور ) وهو النظام الإقتصادى الدولى الذى تمارس فيه الشركات نشاطها بمقتضيات العولمة
وهذه الأموال كلها لا تخضع لرقابة أو محاسبة ويتحكم فيها خيرت الشاطر وحسن مالك على عمليات وإنفاقات لا ندرى فى الواقع كيف يمكن توصيفها تحت بند ( وفى سبيل الله ) ! , لا سيما لو تذكرنا مساخر الإنفاق المسرف على مقرات الجماعة فى المحافظات ومقار حزب الحرية والعدالة , فضلا على الملايين الطائلة التى تم صرفها على الدعاية لانتخابات مجلس الشعب والملايين التى صرفتها الجماعة فى الدعاية لمحمد مرسي !!

وأخيرا ..
من أين أتى البنا بمشروعية تشكيل ميلشيات مسلحة تأتمر بأمره استخدمها لإباحة دماء خصومه من المسلمين وتفجير المنشآت التى نجم عنها مئات القتلي قبل ثورة يوليو لمجرد الضغط على حكومات الوفد والوفد , بل واعتبر البنا أن قتل الخازندار كان قتلا خطأ أدت الحكومة عنه الدية فيه , والمشكلة أن الإخوان يفاخرون بذلك على اعتبار أن البنا ندم على قتل الخازندار دون أن يبرروا لنا من الأصل من منح البنا حق إباحة دم الخازندار وغيره وحق تطبيق العفو أو الدية وتشريع الإغتيال ذاته , بينما نفي النبي عليه الصلاة والسلام الإيمان عن الفاتك أو مرتكب قتل الغيلة فى قوله :
( الإسلام قـيّد الفتك , فلا يفتك مؤمن )
فحتى فى حالة ولى الأمر الشرعي للمسلمين لا يجوز له قتل الخارج عليه بالسلاح إلا فى غمار حرب ضد الدولة ونظام الحكم , أو بحكم القضاء الشرعي وحده
وبالتالى ..
فنحن أمام فرقة من الفرق وليس مجرد حزب أو جماعة سياسية , وحكمها فى الإسلام حكم الفرق المبتدعة خاصة إذا نظرنا للإختلاف العقائدى الذى يختص به الإخوان عن سائر المخالفين لهم من عامة المسلمين ,
يؤيد هذا الكلام فوق الأدلة السابقة الفتوى الرسمية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية فى 17 / 2 / 2009م , فى جواب على سؤال حكم الإنتماء للجماعات الإسلامية المختلفة الموجودة على الساحة ومنها جماعة الإخوان , فأوردت الفتوى المفاهيم السابقة التى نوهنا عنها ثم قالت بالنص :
( فهذه التجمعات طالما كانت ملتزمة بـما عليه أهل السنة والجماعة، ولم تخرج على ما هم عليه، ولم تدعُ إلى مبايعة قوادها والخروج على جماعة المسلمين، فالعمل معهم أمر لا بأس به؛ لأن الأعمال الجماعية لها أثر إيجابي في هذه المجالات من الأعمال الفردية. وأخيرًا نقول: قد تبين لنا مما سبق ذكره أن الشرع الشريف أمرنا بلزوم جماعة المسلمين وعدم الخروج عليها، حتى لو كانت النية صالحة؛ لأن هذا يؤدي إلى الفرقة والتشرذم بين المسلمين، أما التجمعات التي تحدث داخل جماعة المسلمين ويقصد بـها نفع المجتمع مثل جمع الزكاة والأضاحي وكفالة اليتامى وأمور الخير والبر، فلا بأس به؛ لأنه ليس فيه خروج عن جماعة المسلمين. أما غير ذلك من جماعات -لها برامجها السياسيةوالعسكرية المخالفة للأمة والتي تبايع إمامها حتى على قتال إخوانـهم المسلمين إن صدرت لهم الأوامر بذلك - فلا يجوز الانتماء إليها، سواء انتهجت نـهجًا سياسيًّا أوعسكريًّا، أو سياسيًّا قابلا للتطوير العسكري )
وعليه ..
فالإنتماء إلى تجمعات خيرية تهدف للخير فى الإطار العام لجماعة المسلمين أمر لا غبار عليه , أما الإنتماء إلى جماعة تختط لنفسها خطا معينا ويُبايَع قادتها على السمع والطاعة فى المسارات السياسية والعسكرية بالمناهضة لأى نظام حكم قائم , فهذا هو التفرق المذموم والبدعة المطلقة التى حذر منها النبي عليه الصلاة والسلام مرارا فى أكثر من عشرين نصا
وجدير بالذكر ..
أن الإخوان المسلمين ومن شاكلهم فى أمثال هذه التنظيمات احتجوا فى مشروعية إقامة هذه الجماعات بنظام البيعة والطاعة بأمر سقوط الخلافة , وأنه بسقوط الخلافة الجامعة لأمر المسلمين تحت مظلة حكم واحد , سقط مفهوم الجماعة الوارد فى السنة النبوية , وعليه فهناك جواز لتكوين جماعات مستقلة تسعى لإحياء الجماعة الكبري للمسلمين ..
ولا شك أن هذا الإحتجاج باطل شكلا وموضوعا ..
فالسنة النبوية أبرزت فى وضوح معنى جماعة المسلمين فى حالة اتحادهم , كما أنها حددت طرق التصرف والبيعة فى حالة تشرذم جماعة المسلمين وانهيار وحدتهم وذلك فى نص صريح عن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
( يد الله مع الجماعة , فعليكم بالسواد الأعظم فإن من شذ .. شذ فى النار )
وتكررت الإشارة من النبي عليه الصلاة والسلام مرارا إلى اتباع أمر السواد الأعظم من الناس , كما أن علماء المسلمين حددوا أن مفهوم الجماعة فى حال سقوط الوحدة بين المسلمين إنما يتحقق بالسواد الأعظم من المسلمين فى أرجاء العالم الذين يتفقون على القرآن والسنة الصحيحة كمصدرين للتشريع .. وفى هذا يحدد الإمام الشافعى مفهوم الجماعة فى كتاب ( الرسالة ) فيقول :
( قال : فما معنى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم جماعتهم ؟
قلت: لا معنى له إلا واحد قال : فكيف لا يحتمل إلا واحدًا ؟
قلت: إذا كانت جماعتهم متفرقة في البلدان فلا يقدر أحد أن يلزم جماعة وأبدان قوم متفرقين، وقد وجدت الأبدان تكون مجتمعة من المسلمين والكافرين والأتقياء والفجار، فلم يكن في لزوم الأبدان معنى؛ لأنه لا يمكن، ولأن اجتماع الأبدان لا يصنعشيئًا، فلم يكن للزوم جماعتهم معنًى إلا عليهم جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما ، ومن قال بـما تقول به جماعة المسلمين -أهل السنة والجماعة- فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أمر بلزومها )
وهذا بلا شك حكم قطعى واضح بفساد أمر التجمعات الخاصة التى تدعى لنفسها مشروعية الجماعة دون أدنى مبرر شرعى , هذا فضلا على أن القياس الفاسد الذى اتبعته جماعة الإخوان فى قولها أنها تسعى لإحياء مفهوم الجماعة والخلافة , فلو أنها كانت كذلك بالفعل لما جاز لها أن تطبق النصوص الشرعية التى تحمى الجماعة وتمارس تطبيق هذه النصوص قبل أن تنجح فعليا فى إرساء الوحدة الإسلامية التى يتاجرون بها والتى تتيح لها عندئذ معاقبة الخارجين عليها ..
بل إنها مضت مباشرة منذ بدايتها الأولى أيام حسن البنا وهم بضعة أفراد إلى تطبيق حد الخروج عن الحاكم والفتك بالمعارضين وأعداء الجماعة تحت زعم أنهم محاربون لجماعة المسلمين , ولا شك أنها هذه المعتقدات هى معتقدات مسمومة لا علاقة بصحيح السنة ,
لهذا لم يكن غريبا أبدا أن ينشق عن جماعة الإخوان كافة الرموز الدعوية والفكرية التى انتسبت لها فى البداية مصدقين إدعاءهم أنهم جماعة تدعو إلى الله , فغادرهم فى وقت مبكر كل من الشيخ الشعراوى والشيخ الغزالى والسيد سابق وهاجمهم عباس العقاد وجمهرة غفيرة من علماء الأزهر على مدار تاريخهم , فضلا على أن جماعة الإخوان ذاتها لم تعرف فقيها واحدا معتدا به أو عالما فى شأن من شئون الشريعة صحيح العقيدة إلا فيما ندر ..
والمتأمل فى تشكيلة مكتب الإرشاد الحالى يدرك أن رءوس هذه الجماعة الذين ينصبون أنفسهم حكاما بأمر الله هم مجموعة من التجار المحترفين لا أكثر ولا أقل , يعبثون بأموال الناس فى تجارتهم وشهوتهم للحكم والسيطرة , ويعبثون بدماء الناس أيضا فى تحقيق أغراضهم بينما هم فى معزل عن نداءات الجهاد التى يـُـصدّرون فيها شبابهم من الريفيين البسطاء ..
وفور إلقاء القبض على هذه القيادات , تبين من خلال التحقيقات أن الإخوان ليس فيها رجل واحد على قدر المسئولية فصفوت حجازى وبديع والبلتاجى اختفت منهم فور القبض عليهم اللهجة العنترية والتهديدات بالتصعيد وحرق البلاد وتبرءوا حتى من أتباعهم الذين أشعلوا الحرائق وقتلوا وأصابوا العشرات وارتكبوا أعمال الإرهاب ضد عامة الناس فى الميادين والشوارع !!
فى لحظة واحدة تنازلوا عن كافة ما كانوا يرددونه على منصة رابعة تاركين من اغتر بأقوالهم واستجاب لتحريضهم نهبا لاهتهامات الإرهاب التى سوغوها لهم باعتبارها جهادا مشروعا

والمشكلة ليست فى نفاق القيادات أو فى أنهم لصوص عقيدة ودين , فهذا الأمر ليس مستغربا على أى بشري , لكن الكارثة الكبري فى الأتباع ,
فالقيادات يحق لها أن تتمسك بالجماعة ومعتقداتها ما دامت تتكسب من ورائها الجاه والسلطة والأموال والطائلة , لكن ماذا عن المغيبين ومعلبي العقول من الأتباع , كيف استمرت الخدعة تنطلي عليهم حتى بعد عام من تجربة مرسي والجماعة فى الحكم وافتضاح أمرها على الملأ , وسقوط كل الثوابت التى نادوا بها وتاجروا طيلة ثمانين عاما ..
هناك بلا شك من اكتشف ذلك وانشق عنهم وهو جمع غفير قدره الباحث الإخوانى السابق أحمد بان بحوالى عشرين ألف عضو , لكن تتبقي هناك أعداد أخرى آمنت بالجماعة وأنها لا تخطئ وبررت كافة تصرفاتها بشكل مخز , وماكينة التبرير لديهم تتيح لهم الدفاع عن الموقف ونقيضه فى نفس اللحظة !! هكذا بدون ذرة خجل
فالجيش المصري بالأمس القريب أيام المجلس العسكري كان هو المجلس الوطنى الذى دافع عنه الإخوان وعن كل أخطائه السياسية ضد الثورة , وباعوا دم الشهداء رخيصا فى مقابل الإنتخابات , وأفتى شيوخهم بقتل المتظاهرين ضد حكومة الجنزورى فى أحداث مجلس الوزراء
واليوم انقلب الإخوان لوصف الجيش بالكفر والعدوان وأنه صاحب عقيدة علمانية !!
والبرادعى بالأمس كان قامة وطنية وكان مفجر الثورة وفجأة أصبح البرادعى شيطانا رجيما !!
واليهود والأمريكيين كانوا بالأمس هم الشيطان الأعظم وبعد الحكم أصبح اليهود والأمريكيين أقرب الحلفاء والأصدقاء الأعزاء !!
وبالأمس كان مبارك أب لكل المصريين وزكريا عزمى وفتحى سرور وبطرس غالى قامات وطنية يخلى الإخوان دوائرهم فى الإنتخابات النيابية , وبعد الثورة أصبحوا رجال النظام السابق الفاجر العلمانى !!
وبالأمس يقول الإخوان قبيل ثورة 25 يناير أنهم ليسوا أهل ثورة ولديهم نصائح لتهدئة الشارع , وبعد الثورة يتاجر الإخوان بثورة يناير ثم يصل بهم الدجل فيزعمون أنها ثورتهم وأنهم مفجروها !
والواقع يقول أن أمثال هؤلاء يستحقون أن تنطلي عليهم تلك الأكاذيب بعد أن شاهدناهم يصدقون مزاعم خطباء الإخوان بأن جبريل تنزل من السماء فصلي معهم , وأن النبي عليه الصلاة والسلام قدم مرسي للإمامة فى الصلاة وهو حاضر !! , وأن الملائكة ستتنزل عليهم لتنصرهم فى معركة الفرقان بينهم وبين الشعب المصري وجيشه !!
وكان آخرهم من أقسم بالله وبالطلاق أن مرسي سيعود وأن من يشك فى عودة مرسي كمن يتشكك فى الله !!
فإذا ما كان هذا الدجل الرخيص ينطلي عليهم فبلا شك لا داعى للعجب والدهشة , وعندنا سجل الأكاذيب الإخوانية بدء من مشروع النهضة وحتى وهم الخلافة وأستاذية العالم الذين يشترون به أحلام الناس
ويكفي أن نتعوذ بالله من فتن كقطع الليل المظلم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ..

الهوامش

[1]ــ شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ــ تحقيق العلامة الألبانى

[2]ــ كتاب ( أوائل المقالات ) ــ لشيخ الطائفة المفيد ـ مركز الأبحاث العقائدية التابع للمرجع الشيعى السيستانى
[3] ــ سجل كل منهم تجربته الخاصة فى كتاب أو أكثر بالإضافة إلى اللقاءات المتعددة فى الفضائيات
[4]ــ شهادة سامح عيد مسجلة فى خمس حلقات مع الأستاذ إبراهيم عيسي ببرنامج ( هنا القاهرة ) ـ قناة القاهرة والناس