عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-2013, 06:27 AM
المشاركة 11
احمد ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
فالموسيقى هى العزف فى الفراغ الموجود بين نقطتين فى المكان ، بين غليظ النغمات و بين لطيفها .. أو قل هى إخراج الطف ما فى الأوتار المشدودة ، فى سلم سباعي يبتدئ من نغمة دو رى مى فا صول لا سى .. ليصل نظريا إلى زمن تمتد لطافته حتى 1/64 من الضربة الكاملة .. اما الموسيقى الكونية فالتها هى الفكر و مادتها هى الأكوان المادية و الأكوان الروحية .. فمثلما تنقلت الموسيقى بين غليظ الأوتار و لطيفها . فان التنقل الفكرى بين الظواهر الكونية ، و بين بواطنها ، هو لإخراج الطف ما فى الأكوان المادية من المعانى .. و إذا كان العزف الموسيقى لا يتعدى اول نغمة فى سلم الموسيقى ، و هى أغلظ النغمات ، فان العزف الخارج منها يكون غليظا و رتيبا و مملا ، و لا يحمل أبعاد موسيقية الطف .. كذلك إذا توقف الفهم للظواهر الكونية ، على المعانى الظاهرة للوجود المادى ، و اكتفى بها ، و لا يتعداها إلى معانٍ أعمق ، فانه يكون كالعزف على النغمة الواحدة ، الذى لا يصدر الا معنى غليظا ، رتيبا و مملا و جافا .. فغلظة الألحان تكون دائماً على حافة جسد الآلة ، و كلما انتقل الضرب بعيدا عن الحافة ، نحو الفراغ فى باطن الآلة ، نتج عنه الرنين ، و هذا ما يقابل كل وقوف مع الظواهر ، و لا يرى الناظر غيرها ، و كلما انتقل المعنى الظاهرى ، نحو البواطن ، أو الفراغ الموجود خلف الظواهر ، كلما جاءت المعانى أكثر لطافه و رنينا .. و تمثل الظواهر الكونية الغليظة ، و كأنها النغمة الأولى الظاهرة ، التى لا تتعداها الأفهام العادية .. ثم تبحر بك المسيرة فى أعماق الأكوان ، لتشير إليك إلى درجات المعانى ، التى تقف خلف تلك الظواهر الجامدة ، متنقلة بك فى درجات المعانى التى تصطف أمامك ، فى سلالم اللطف إلى ما لا نهاية له .. فكل مظهر جامد ، له من المعانى اللطيفة ما يخرج الظواهر من منطقتها الكثيفة ، إلى مناطق فى غاية الدقة و اللطافة .. و الحقيقة العلمية التى تجمع بين أجزاء الكون ، هى حقيقة الذبذبة الواحدة ، التى لا يخرج عنها خارج .. انظر إلى جبريل الروح الامين عندما جاء فى صورة دحية الكلبى ، لقد خفض من ذبذبته .. أليس كذلك ؟ .. يتبع