الموضوع: العذراء
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
2669
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
09-10-2013, 06:23 PM
المشاركة 1
09-10-2013, 06:23 PM
المشاركة 1
افتراضي العذراء
اليوم سترجع إلى بيت أهلها بعد أن أنهت مدة حدادها على زوجها الذي قضى بعد حادثة سير . خمس سنوات في عهدته علمتها أن السنين ثقيلة على النفس الموجوعة ، أربعة أشهر وعشرة أيام وهي تحس أنها تحررت من قيد خنق فيها الأنوثة ، اختلطت فيها مشاعر حزن إنسانة فقدت رفيق بؤسها و فرحة من عتقت رقبتها من سجن رهيب فجأة . اليوم يحق لها التطيب و زخرفة يديها و رجليها بالحناء ، اليوم رجعت إليها الحياة في انتظار فارس يواسي جفاء يبس مشاعرها .
خمس سنوات و هي تكبح غضبتها و تدوس أنوثتها و تمحق كبرياءها ، خمس سنوات كانت فيها تمني النفس بالسراب مصدقة كذبات نفسها ، خمس سنوات تبيت فيها على حال وتستيقظ على حال . بين الفينة والفينة تسمع غمزا من عائلة زوجها و حتى من جاراتها و أحيانا من أقاربها ، يكاد الكل يصفها بالعقيم . يوما بلغ بها السعار مبلغه ، شدت زوجها في عنقه شدا مؤلما حتى كادت تعصر عينيه ، فهوت باكية نائحة و هو لا يملك إلا الصمت ردا لما يدور حوله . حاولت مرة أخرى و تجرأت طالبة الطلاق فقال لها : " متى رأيت نفسك مستعدة ، فأنا جاهز " . تعلم أنه يستجيب لكل طلباتها وتعلم أن حبا عميقا كان يربط بين قلبيهما حتى افترسته الحقيقة ، و بقرت كل مخزونه من الصمود .
أفرغت رئتيها متأففة ، كمن تخلص أخيرا من عقبة كانت تحول بينه و بين الحياة ، جمعت حقيبتها و وضعت نظارتين شمسيتين ثم نزلت السلالم مودعة شقتها التي أذاقتها لوعات مريرة . أقفلتها و هي تقبر جزءا من ماضيها ، تريده أن يبقى محبوسا هناك . نقرت باب الجزء السفلي من المنزل لتودع أم زوجها ، استقبلتها بعين دامعة و تعانقتا عناقا حارا ، عناق من فقدت ابنها و تفقد آخر ذكرياته و مكلومة تخلصت من آلامها و تتخلص من آخر ذكرياتها .
تقدم سعيد وهو يسمع دعوات أمه لها و هي تغادر:" ألم تخبريها أني راغب بالزواج منها ؟ " فردت عليه أمه : " أنت مجنون فهي عقيمة . " سمعت ما دار بينهما وهي تغلق الباب وراء آخر اللسعات فغادرت المبني .
سمعت نداء وراءها يعلو شيئا فشيئا فتوقفت رجلاها عن المسير وصل إليها يلهث قائلا : هل تقبليني زوجا؟ أكملت طريقها دون أن تجيبه ، فألح عليها : أنا أعرفك منذ خمس سنوات و أنت تعرفينني ، وليس هناك فرق كبير بيني و بين أخي ، فهو يكبرني بعامين فقط ، و أنت تعلمين سلوكي ، وكل ما لا يناسبك فأنا قابل للتغيير .
فردت عليه :" كانت معرفتي بأخيك أكثر من معرفتي بك فاتضح لي بعدها أني ما كنت أعلم شيئا ، لكن جبلت على الصبر و أريدك أن تعلم أنني لا أريد أن أبقى عذراء مدى الحياة . "