عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2010, 11:29 PM
المشاركة 18
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ومن نافلة القول أن نؤكد على جهود فحص السنة زيادة التثبت فيها لم يقف حتى يوم الناس هذا ,
ففي العصر الحديث برز أحمد شاكر محدث مصر الألمعى واعتنى بمسند أحمد بن حنبل وأخرجه بشرح استغرق عمره وتلقاه العلماء بالقبول
كذلك جهود محدث العصر العلامة الألبانى فى كتب السنن وجهده العظيم فى علم التخريج الذى ذيل به عشرات بل مئات من الكتب والمراجع الدينية المختلفة فى شتى فنون علوم الشريعة
وتقوم الآن لجنة من كبار العلماء بالسعودية على مشروع ضخم وجبار هو جمع السنة النبوية اعتمادا على الوسائل الحديثة فى الحفظ والتصنيف ليكون ميراث الأمة وانجاز علمائها محفوظا بحفظ الله على يد هذه الزمرة الطيبة برياسة العلامة المحدث عدنان عرعور , وهذا المشروع الذى قارب الإنتهاء سيقدم جليلة لا تقدر بثمن لاحتواء التراث الحديثي الفياض بوسائل مطالعة ميسرة لطلبة العلم

هذه إطلالة مختصرة للغاية على تراث أهل السنة فى علم الحديث وميراثها فيه , وكيف أنهم أسسوه من الصفر منذ عهد بعض الصحابة وحتى تصنيف الكتب المعتبرة فى السنن والصحاح والمسانيد ,
ورأينا كيف أنهم جعلوا همهم الرئيسي جمع تراث النبي عليه الصلاة والسلام بنقل العدول بانتهاء السند إلى الصحابة رضي الله عنهم وكل هذا بمنهج تثبت لا مزيد عليه , ولم يدعوا فنا فى هذا المجال لم يطرقوه ,
وها هى الأحاديث النبوية محققة ومجموعة ومفندة ولا غبار عليها ,
والآن فنلق إطلالة سريعة على موقف الشيعة من السنة ومفهومهم للسنة عندهم وكيف أخذوها وممن أخذوها ,

السنة عند الشيعة ,


سبق أن بينا كيف أن أهل السنة اهتموا بوقت مبكر وفى حياة أغلب الصحابة وفى عصر كبار التابعين أثناء وبعد الفتنة الكبري بالتحقيق والتدقيق فى طلب الإسناد فيما يخص توثيق السنة النبوية الشريفة ,
هذا بخلاف أنهم طوروا التدقيق فى الإسناد إلى ميدان ضخم فسيح وهو ميدان علوم الحديث التى عالجت شتى مناحى النقل والرواية عن النبي عليه الصلاة والسلام واعتمدوا وأصلوا لذلك قواعد متينة حازت فيما حازت من الإعجاب على تقدير المستشرقين أنفسهم ,
وهو قسم من العلوم ما سبقت إليه أمة من الأمم ولا قامت أمة نبي من الأنبياء بحفظ تراثه ونقله بتلك الدقة عبر القرون كما قامت أمة خير الأنبياء عليه الصلاة والسلام ,
ولسنا فى حاجة إلى إعادة بيان أهمية علوم الحديث بالذات بين سائر علوم الشريعة قاطبة , فعلوم الحديث هى القسم الخادم الذى له منة وفضل على سائر علوم الشريعة من تفسير وفقه وأصول وليس عليه منة من أحد العلوم لأن هذه العلوم جميعها دانت لعلوم الحديث بفضل النقل الصحيح لسنة النبي عليه الصلاة والسلام ومن قبلها القرآن الكريم ,
وهما المصدران الذى بذل فى نقلهما أهل النقل والرواية جهودا تفوق طاقة البشر لتقديمه إلى أجيال الأمة جيلا بعد جيل بشكل مأمون من المكذوبات والموضوعات
فاستقامت علوم الشريعة لأصحابها فعرفوا المصادر واطمئنوا إلى حجية الأخذ عنها ,
ولنا أن نتخيل لو أن علوم الحديث أصابها أى خلل عبر القرون , كيف كانت الأمة تستمر إلى اليوم مطمئنة إلى ثبات نسبة المصادر التشريعية إلى منابعها الأصلية ؟!
لا شك أن النتيجة كانت ستفضي إلى كارثة محققة وهى ضياع الدين كله بضياع أصوله , على نفس النحو الذى جرى فى الأمم السابقة التى لم تعرف الإسناد والتوثيق ودقة النقل كابرا عن كابر فأضاعت رسالات رسلها وتم تحريف التوراة والإنجيل وأفضي هذا إلى ضياع عقيدة تلك الأمم فقالت النصاري بألوهية عيسي وقال اليهود بألوهية عزير
ولا شك أن الميزة الكبري لتفوق أهل السنة فى علوم الحديث والنقل والمرويات ليست قاصرة فقط على تنوع أساليب النقل والمعالجة والفحص والتحرى ,
بل الميزة الكبري هى أن تلك العلوم نشأت فى وقت مبكر جدا بمجرد ظهور فتنة وضع الأحاديث وفى حياة قسم كبير من الصحابة رضي الله عنهم وهم نقلة التشريع والسنة
,
مما أعطى أهل السنة ميزة اليقين فيما نقلوه , لا سيما وأن تطور علوم الحديث وتدوين السنة بدأ مبكرا أيضا بمصنفات مسدد بن مسرهد ومالك والأوزاعى على سبيل المثال ,
بل ولم تكتمل المائة الثانية للهجرة إلا وكتب الأصول الحديثية المعتمدة لأهل السنة قد اكتمل تأليفها وهو ما يتضح بالنظر إلى تواريخ ميلاد هؤلاء الأئمة أصحاب الكتب الستة والمسانيد الأولى
الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله- مولود سنة (164) هـ
الإمام البخاري - رحمه الله - مولود سنة (194 ) هـ
الإمام الترمذي - رحمه الله- مولود سنة (200) هـ
الإمام أبو داود - رحمه الله- مولود سنة ( 202 )هـ
الإمام مسلم - رحمه الله- مولود سنة (206 )هـ
الإمام ابن ماجه - رحمه الله- مولود سنة ( 209 ) هـ
الإمام النسائي - رحمه الله- مولود سنة (215 )هـ

كما ظهرت فى وقت مبكر نسبيا معالجات العلماء للكتب المنقولة وتصنيفهم لأسس وقواعد علم أصول الحديث ومنها علم مصطلح الحديث وهو واحد من أخطر علومه حيث يختص بمعالجة المصلطحات العلمية التى تعارف عليها أهل الصنعة لتمييز الأحاديث ونقدها , فقسم علماء السنة الحديث إلى عدة تقسيمات أصولية تتفرع إلى تقسيمات متعددة
وكان أول مصنف فى هذا المجال هو مصنف العلامة الرامهرمزى المتوفي عام 360 للهجرة , وتتابعت بعده المصنفات فى هذا المجال وغيره عبر العصور
ومن قبلها ظهرت علوم الرجال وكتب النقد الحديثي وامتدت فيما بعد هذه الفترة أيضا كتب النقاش حول الأحاديث المختلف فيها وبلغوا من الدقة أنهم أفردوا مصنفات كاملة وقاموا برحلات مضنية لمجرد إثبات حديث واحد
هذا فضلا على عنايتهم بإبراز ناسخ ومنسوخ الحديث وكان أول من تكلم فى ذلك المجال الإمام الشافعى ,

فإذا حملنا هذا التاريخ وتلك المعجزات العلمية إلى مجال السنة عند الرافضة , فماذا سنجد ؟
وكيف حفظ هؤلاء السنة والدين الذين يزعمون أنهم تلقوه عن أئمة أهل البيت ,
فى البداية الشيعة قاطبة ـ كعادة أهل البدع جميعا ـ لا علم لهم بالحديث والإسناد على طول الخط , وليس هذا الحكم من قبيل الحكم الذى قرره عليهم أهل السنة بل هو من قلب كتبهم مشهور ومتواتر ,
هذا فضلا على الطامة العظمى ,
وهى أنهم اعتبروا الصحابة رضوان الله عليهم جميعا عدا ثلاثة أو خمسة أو سبعة , منافقون كفار , وبالتالى رفضوا منقول الحديث عنهم , وتكفيرهم لعموم أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام مقرر فى أمهات كتبهم بل وفى أعظمها بعدة أبواب ـ لا أحاديث منفردة ـ ومنها الكافي أهم مرجع حديثي لديهم
وبالتالى فقد اختصوا أئمة آل البيت الإثناعشر بأنهم مصدر التشريع الوحيد ولهذا فهم يرفضون السنة المنقولة عن طرقنا نحن أهل السنة ولا يعتبرون الصحابة مسلمين أساسا فضلا على أن يعتبروهم عدولا يؤخذ الدين عنهم
وليت أنهم ما قبلوا توثيقنا نحن أهل السنة للصحابة بل رفضوا إقرار عدالة الصحابة التى أنزلها الله عز وجل فى كتابه العزيز بآيات محكمات سبق أن عرضنا بعضها ,
فماذا كانت النتيجة ,
النتيجة أنهم فى البداية فقدوا القرآن لكريم الذى هو المصدر الأول للتشريع نظرا لأنه فى عقيدتهم محرف , هذا فضلا على أنهم لم ينقلوه لا بالتواتر ولا حتى بسند آحاد من طرق المعصومين الاثناعشر ,
وليس لديهم أى إسناد بالقرآن من أى وجه ,
وهذا الأمر بالذات كان من الأمور التى فضحت علانية حقيقة اعتقادهم فى القرآن الكريم , لأن القرآن الكريم منقول بالتواتر من طرقنا ونحن كفار عندهم بدليل أنهم لا يأخذون بسنتنا فكيف يقبلون القرآن منا ويرفضون السنة ؟!
وأما عن السنة وهى المصدر الثانى للتشريع بعد القرآن الكريم فلم يقصروها على النبي عليه الصلاة والسلام وحده بل جعلوها مختصة بالمعصومين الاثناعشر جميعا ,
فكلهم عندهم أهل عصمة وتبليغ وكلهم بمنزلة النبي المرسل وأصحابهم كصحابة النبي عليه الصلاة والسلام بل أفضل , لأن أصحاب الأئمة لم يكفروا عندهم بينما كفروا أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ,
وليت أن الأمر اقتصر على ذلك ,
فلو أنهم نقلوا سنة النبي عليه الصلاة والسلام نقلا صحيحا بطريق العدول من الرواة إلى الأئمة إلى النبي عليه الصلاة والسلام بسند متصل لهان الأمر ,
لكن الكارثة أنهم لم ينقلوا من سنة النبي عليه الصلاة والسلام شيئا قط !
وقد طالبهم العديد من العلماء عبر المناظرات أن يأتوا لهم من كتبهم بحديث واحد صحيح ـ على شروطهم هم ـ من كتبهم متصل السند إلى النبي عليه الصلاة والسلام فعجزوا ,
والسؤال الآن , من أين يأخذ هؤلاء القوم دينهم بالضبط , ؟!
وإذا وجهت السؤال لأى شيعي ستجده يجيب بأنهم أخذوا الدين عن الأئمة ,
وسنجاريهم فى هذا القول رغم فداحة المصيبة أنهم لا يملكون من تراث النبي عليه السلام شيئا
فهل تمكنوا من نقل سنة المعصومين وأقوالهم نقلا صحيحا ,
هذا ما سنراه بعد قليل

علوم الحديث عند الشيعة :

عندنا فى علوم الحديث قاعدة ذهبية تقول ( لولا الإسناد لقال من شاء بما شاء )
وتفسيرها ببساطة , أنه لولا الإسناد والتوثيق لقال كل صاحب هوى ما أراد وضاع الدين , فمن السهل على أى مدعى أن يقول قال رسول الله صلي الله عليه وسلم , ثم يخترع من رأسه أى حديث
فما الذى يمنع ذلك , لا شك أن المانع الرئيسي هو الإسناد والسؤال من أين لك هذا الحديث ومصدره
فهل استطاعت الشيعة الاثناعشرية أن تصل لتراث الأئمة الإثناعشر بالأسانيد الصحيحة المتصلة ,
بداية ـ وهى المفاجأة الكبري ـ لم تعرف الشيعة الاثناعشرية عبر عصورها شيئا من علوم الحديث إطلاقا قبل القرن العاشر للهجرة !
يقول شيخهم الحائري فى ذلك , بكتابه مقتبس الأثر ـ ص 73 ـ الجزء الثالث
( ومن المعلومات التي لا يشك فيها أحد أنه لم يصنف في دراية الحديث من علمائنا قبل الشهيد الثاني )
والشهيد الثانى هو أبو الحسن العاملى المتوفي عام 975 للهجرة !
هل تدركون ما معنى هذا الكلام ؟!
معناه ببساطة أن الشيعة كانت فى نوم طويل فاق نوم أصحاب الكهف منذ عهد الأئمة الذي انتهى عام 250 للهجرة وحتى القرن العاشر دون يصنفوا أو يعالجوا شيئا من علوم الحديث التى عليها معول وضمان صدور الروايات المنقولة عن الأئمة !
فعن أى دين يتحدث الرافضة اليوم ؟!
أما الأظرف ,
وهو ما يعد فى حد ذاته مأساة مبكية , أنهم لم يصنفوا فى ذلك التاريخ شيئا من علوم الحديث تحت ذريعة تنقية تراث الأئمة أو لتحقيق المرويات الرهيبة الموجودة فى كتبهم المنقولة دون إسناد أو تحقيق ,
بل كان السبب الوحيد الذى دعاهم إلى تصنيف الكتب هو تلافي تعيير أهل السنة لهم بأن الشيعة لا يعرفون الإسناد وينقلون الروايات دون أى إثبات
لأجل هذا السبب فقط ولدفع كف النقد عنهم قام علماؤهم بتأليف تلك الكتب التى تتخذ من جانب المظهر فحسب علوم الحديث لكنها فى الواقع مجرد ألفاظ يظهر منها الإسناد لكنه ليس إسنادا حقيقيا له أرضية من الواقع
ودليل ذلك ما نقله الحر العاملى أحد محدثيهم الكبار عن هذا الأمر فقال فى وسائل الشيعة ( 30 / 258 )
( والذي لم يعلم ذلك منه ، يعلم أنه طريق إلى رواية أصل الثقة الذي نقل الحديث منه ، والفائدة في ذكره مجرد التبرك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانيّة ، ودفع تعيير العامة الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة ، بل منقولة من أصول قدمائهم )
وممن نقل تلك الفضيحة أيضا
الشيخ باقر الأيرواني فى كتابه ( دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص 86 )
( السبب في تأليف النجاشي لكتابه هو تعيير جماعة من المخالفين للشيعة بأنه لا سلف لهم ولا مصنف ) ،
وقال الحر العاملي فى المصدر السابق
( أن هذا الاصطلاح مستحدث ، في زمان العلامة ، أو شيخه ، أحمد ابن طاوس ، كما هو معلوم ، وهم معترفون به )
بل اعترف الحر العاملى بما هو أفدح فقد صرح أنهم ليسوا فقط لا علم ولا لعلمائهم القدامى بالحديث ونقله , بل اعترف أن الإصطلاح الجديد وهو علوم الحديث والعنعنة مأخوذ من قلب كتب أهل السنة !
قال الحر العاملي ( وسائل الشيعة ( 30 / 259 )
( طريقة المتقدمين مباينة لطريقة العامة ، والاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم ، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع وكما يفهم من كلامهم الشيخ حسن وغيره ) ،
ويقصد بطريقة المتقدمين علماؤهم الأوائل أصحاب الكتب المعتمدة الذين كانوا يوردون فى كتبهم كل ما يصل إليهم فيتلقاه عنهم من بعدهم بالقبول هكذا بلا مرجعية أو ضابط
أما سرقاتهم من كتب أهل السنة
فهذا ما يؤكده مصنفوا الإمامية فى مصطلح الحديث وكشفه الشيخ عثمان الخميس "33" فى مناظرات قناة المستقلة عندما قارن بين أحد كتب المصطلح عند الشيعة وبين كتاب ( مقدمة بن الصلاح ) أحد أشهر كتب المصطلح عندنا فإذا بالكتاب الشيعي نسخه شبه متطابقة فى أبوابه ومعالجته