عرض مشاركة واحدة
قديم 07-21-2013, 11:42 PM
المشاركة 5
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
جثم الحزن والهم على صدر إسلام وكاد الفكر أن يقتله الى أن أزاح الدكتور حاتم الغمة من على صدر إسلام عند علمه بطلب أمه وموافقته على الفور فهو أيضا من أصل ريفى ويطلب هو الآخر منديل ابنته الأبيض الملطخ بدم شرفها
ومرت المواجهة الأولى على خير.
ومر عامان على زواجهما فى سعادة غامرة وقد حصل فى خلالهما على درجة الدكتوراه فكان لا ينغص حياتهما الا محاولات ندى المستمرة فى تخليصه من هذا الحجاب الملتصق بجلده والملتف حول رقبته وذهبت كل محاولاتها سدي.. وكانوا يترددون على القرية على فترات شبه منتظمة فى الأعياد و المناسبات.
ولكن فى إحدى هذه الزيارات.. حدثت المواجهة الثانية بينه وبين أمه عندما فاجأته ندى بسؤالها عن البقرة مسعدة أخترق السؤال أذنه وتسلل منها الى اللاوعي عائدا الى طفولته المبكرة وصورة مسعدة وهى تذبح أمام عينيه عندما أصبحت عاقرا فسألها فزعا.. وما أدرا كي انت بالبقرة مسعدة؟!
فأخبرته ندى بأن أمه تلح عليها منذ فترة كبيرة لتقوم بزيارة مقام الشيخ أبو حطب ليراها الشيخ عزام ويعرف سبب تأخر إنجابها حتى الآن ويزيل أى عكوسات أو أعمال سحرية قد عملت لها.. وظهرت علامات الغضب الشديد على وجه إسلام وصمم على عدم ذهابها ولكن عند سماعه لصوت أمه تنادى على زوجته طلب من ندى أن تساير أمه.. وتعتبرها زيارة لأحد أولياء الله الصالحين وتقرأ له الفاتحة وأصرت ندى على أن يأتى معها لإنهاء هذا الموقف السخيف. وأتجهت القافلة الى مقام الشيخ أبو حطب الواقع على الطرف الآخر من القرية وهو مقام اسطوانى الشكل مبنى من الطوب اللبني له باب فى اتجاه الطريق الزراعي وشباكان على جانبية .. ووصل الركب وكان فى استقباله الشيخ عزام والغول يلف من حولهم وهو يرقص فرحا بمريديه وأتباعه.وسحب الشيخ عزام ندى من يدها فى قوة متجاهلا الجميع وفتح لها باب المقام ولقنها ما ستطلبه من الشيخ أبو حطب وأن تتوسل اليه ليهب لها الولد وتفعل كل هذا وهى تلف حول قبره ذات الكسوة الخضراء.ثم دفعها الى داخل المقام فى قسوة وأغلق الباب خلفها أنفطر قلب إسلام عندما رأى وجه ندى شاحبا فى أصفرار وجسدها النحيل يرتجف تلقاها فى أحضانه محاولا تهدئتها .. وأتجه الشيخ عزام الى الأم ثم أخذ يهمس فى أذنها ثم ناولها كيس من القماش. تحرك موكب التعشير عائدا بفريسته.. لم تدعها الأم تلتقط أنفاسها. أقتحمت عليهما الغرفة ومعها ابنتها الكبرى وطلبت من إسلام مغادرة الغرفة . وأغلقت الأم الباب خلفه وأنفردت بفريستها هى وابنتها الكبرى جلست الأم القرفصاء فوق سرير ندى وجلس بجانبها الغول يراقب فى فرحة غامرة ما سيحدث لفريسته المستسلمة ناولت الأم الكيس القماشى الذى أعطاها لها الشيخ عزام الى الأخت الكبرى التى فردته على الأرض و أخذت ترص ما بداخله فى اهتمام بالغ.وسألتها ندى عندما رأت ما بداخل الكيس وهو عبارة عن مقص ومشط وماكينة حلاقة وموسى كبيرة
.وأجابتها الأم .بأن ما تراه هو أدوات حلاق القرية وطلبت من ندى أن تمر فوقها سبع مرات قامت الأم بالعد بصوت عالى حتى أكتملت السبع.ثم أجلست ندى بجانبها فى حنان بالغ وشرحت لها فى أستاذية أن أوامر الشيخ عزام أن يتم الجماع الليلة مع إسلام وقبل آذان الفجر وكررت طلبها هذا لأسلام وأصرت أن يتم الجماع الليلة حتى يتم المراد ويرزقه الله بالولد الصالح ولكن عندما رأى إسلام وجه ندى الشاحب وجسدها المرتجف فى خوف تعلل لأمه بأن الجامعة تطلبه فورا.وأصطحب زوجته المنهارة وغادر القرية فورا وقد قرر فى تصميم قاطع ألا يعرض زوجته الرقيقة لمثل هذه المواقف البشعة مرة أخرى والتي لا تتفق مع دين أو علم.
لم يكن يعلم أن الغول يرتب له الكارثة الكبرى.
ومرت عدة شهور واسلام يختلق الأعذار و الحجج لعدم إحضار ندى معه الى القرية لزيارة أمه.
ولكنه فوجئ بطلب ندىبالسفرالى القرية لقضاء أجازه العيد مع أمه.ولم يكتشف وقتها ما تمر به ندى من ضعف أنثوي كإحساس أيا من بنات حواء على وجه البسيطة بعدم أكتمال أنوثتها الا بالإنجاب ومع إحساس ندى المتصاعد باليأس من علاج الأطباء دون نتيجة ملموسة أتجهت بجميع آمالها وحلمها بالإنجاب الى الأم والشيخ عزام خادم المقام.وأمام إصرارها وافق إسلام على قضاء إجازة العيد وأصطحابها معه الى القرية وهو فى حالة من الذهول والدهشة لهذا الإصرار العجيب من ندى.وعندما نظرت الأم فى عينيها شعرت بما فى أغوارها من إنكسار واستسلام.
وعلى الفور أرسلت فى طلب الشيخ عزام خادم المقام....
ومع أول أيام العيد استيقظ إسلام مبكرا ليؤدى صلاة العيد مع أخوته وأهله وعند عودته للبيت فوجئ بندى مرتديه ملابس أمه السوداء وتتجهز للخروج مع أمه وأخوته البنات لزيارة المقابر.وفى إندهاش نظر الى ندى فهو يعلم تماما خوفها من زيارة المقابر.ولم يأخذ فرصته للإعتراض فقد غادر الركب المتشح بالسواد المنزل قبل أن ينطق إسلام حرفا واحدا.
تحرك ركب التعشير فى إتجاه المقابر والغول يرقص طربا وفرحا وهو فى قمة سعادته وإنتصاره وفريسته تتوسط الركب محاطه بأخوات إسلام ومتشبثة فى ذراع الأم تستمد منها الشجاعة والعزم.وقد بدأت ندى تشعر برجفة فى جسدها النحيل تزداد كلما أقترب الركب من المقابر.ووصل ركب التعشير الى محطته أمام إحدى المقابر المفتوحة ووضعتها الأم فى مواجهة باب المقبرة وأحاط بها باقى الركب فى نصف دائرة والجميع يحدقون محملقين فى اتجاه باب المقبرة وفجأة وبدون مقدمات برز الشيخ عزام من فتحة القبر حاملا على يديه جثة طفل ملفوف فى كفنه وأخذ يصعد فى بطأ قاتل سلالم المقبرة وهو يحملق فى عيني ندى بعينيه الجاحظتين والتي زرعت الرعب والفزع فى نفس ندى وازدادت رعشة جسدها الرقيق كلما أقترب منها ولم تعد قدميها قادرة على حملها.
وقف الشيخ عزام أمامها ومد يده بجثة الطفل وطلب منها أن تحمله بين يديها وحاولت الأم أن ترفع يديها لتتناول الجثة من الشيخ عزام وتفتح الكفن وتقبل الجثة.. مادت الأرض تحت أقدام ندى.وبدأت تلف من حولها فى دوائر.... متسارعة وتداخلت صور الأشياء واختلطت أمام عينها.. ثم سقطت مغشيا عليها فاقدة النطق والوعى.
بعد أن اطمأن الدكتور إسلام على زوجته تركها مستغرقة فى نومها تحت تأثير الحقنة المهدئة التى أعطاها لها الطبيب نتيجة الصدمة العصبية التى تعرضت لها جلس مصدوما أمام أمه وأخواته البنات وهم يقصون عليه ما حدث بالمقابر وهم يضحكون مستهزأين بضعف قلب زوجته الرقيقة.
وفى هذه اللحظة المصيرية أنار الله بصيرته ورأى بأم عينيه الغول متجسدا أمام ناظريه جالسا القرفصاء بجانب أمه واضعا فمه فى أذنها ليلقنها ما تنطق به.ثم ينتقل الى الأخت الكبرى..فالأصغر..فالأصغر..
ثم ينظر اليه ويخرج له لسانه..غيظا..وشماتة..وكيدا.
أحس إسلام بفداحة خطأه وفظاعة جريمته وغفلته التى تسلل من خلالها الغول الى عقر داره وأخذ يعيث فسادا فيها وكاد أن يقضى على زوجته..
ومد يده الى صدره وأمسك الحجاب الملفوف حول رقبته وشده بقوة وعزم وألقى به فى وجه الغول وهو يصرخ من أعماق روحه.وكيانه.

أن الله لا يغير ما بقوم..حتى يغيروا ما بأنفسهم.

النهاية