عرض مشاركة واحدة
قديم 07-20-2013, 01:53 AM
المشاركة 4
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
ومرت السنوات الأولى من طفولته بإنهاء دراسته الابتدائية وحصوله على المركز الأول بالمحافظة.كانت سعادته كبيرة عندما رأى أبيه يصافح المحافظ ويتسلم جائزته فخورا بإبنه وعلى الرغم من سعادته كانت بداخله لهفة وشوق فى لقاء أمه ليرى علامات الرضا عنه مرتسمة على وجهها والأستمتاع بحضنها الدافئ الحنون ولم تُخيب الأم رجاءه استقبلته إستقبال الفاتحين .. الأبطال بالزغاريد والطبل والزمر وأخوته وأخواته ينثرون الحلوى على الأطفال والمهنئين.
خطفته أمه فى أحضانها ولفت ذراعيها من حوله .وأسرعت بكنزها الثمين الى غرفتها وأغلقتها بإحكام ..وبدأت طقوسها الخاصة .
أشعلت البخور حتى امتلأت الغرفة برائحته الذكية النفاذة وأخذت تلف المبخرة حول رأسه وهى تردد الآيات القرآنية لدرأ العين الحسود التى رأته ولم تصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخذت تنثر من حوله مياه طاهرة وهى تردد أدعية تبطل بها أى أعمال شريرة .
ثم كان اللقاء الأول بينه وبين الحجاب عندما لفته أمه حول رقبته وأوصته ألا يخلعه فى نومه أوصحوه ففيه نجاته من أى شر وان هذا الحجاب به آيات قرآنية معزم عليها تعزيمات سحرية لتحفظه من شياطين الجان وعفاريت الأرض السفلية...وتحفظه من عيون الحاسدين التى فلقت الحجر وهذه أوامر وتعليمات صانع الحجاب.. الشيخ عزام خادم مقام الشيخ أبو حطب والوسيط بين نساء القرية والشيخ أبو حطب لتنفيذ طلباتهم وحل مشاكلهم . فهذه عاقر ترجو الولد.. وتلك عانس تحلم بالزواج.. وأخرى تريد صنع حجاب للمحبة لزوجها وكان الشيخ عزام يطمئن الجميع بتحقيق طلباتهم .
عشق إسلام هذه الطقوس.التى يشعر معها أنه محور حياة أمه ومن يومها أصبح هو والحجاب كيانا واحدا .
وتمر الأعوام عاما وراء عام..
يتكرر التفوق والنجاح..وتتكرر الطقوس..
حتى حدثت المواجهة التى كان يخشاها إسلام..فعلى الرغم من تفوقه وحصوله كعادته على المركز الأول للمحافظة بشهادة الثانوية.قرر أباه إيقاف تعليمه مساواة بإخوته..
استسلم إسلام لطقوس أمه فاقدا لحماسه المعتاد بعد أن ألقى به أبيه الظالم فى أحضان الاكتئاب والحزن والإحباط.. وكأنها جهاز أستقبال راداري استقبلت أمه كامل مشاعره وأحاسيسه من نظرتها الأولى فى وجهه أوقفت طقوسها أحتضنته فى حنان بالغ مع إبتسامة مطمئنة.. رد عليها بإبتسامة باهتة مجاملة لها.تركته متجهه الى غرفة أبيه..وكانت المرة الأولى والأخيرة اللذى سمع فيها صوت أمه يعلوأمام أبيه.. اجتمعت كل حواس إسلام فى أذنيه الفضوليتين المتلهفتين لمعرفة القرار الأخير لهذا الصراع الرهيب الدائر خلف باب غرفة أبيه أغمض عينيه فى إرتياح شديد عندما سمع زغرودة أمه المجلجلة تعلن بها موافقة أبيه.
وكعاشقين يريدان أن يهربا الى مخبأهماالسرىمن عين المتلصصين والحاسدين أغلقا عليهما غرفتهما وبدءا طقوسهما.
دخل إسلام عالمه الجديد مصطحبا معه حجابه الملفوف حول رقبته وقد ترك علامة واضحة على جلد صدره.
كان يوم دخوله من بوابة الجامعة متجها الى مبنى كلية العلوم يوما من أسعد أيام عمره لم يستغرق وقتا طويلا ليلفت أنظار الجميع الى تفوقه ونبوغه.. وخاصة الدكتور حاتم فقد توسم فى إسلام نبوغ وإستيعاب للعلوم الحديثة .
أجتاز إسلام سنوات دراسته الجامعية بتفوق وكان الأول دائما بمساعدة أستاذه الدكتور حاتم ورعاية أمه التى شملته فى مسكنه وأكله ومعيشته الاجتماعية لم يعكر صفو هذه الفترة الزمنية الا وفاة والدة قبل حصوله على درجة البكالوريوس بتفوق ومع مرتبة الشرف الأولى وتعيينه معيدا بالجامعة وقد أشرف الدكتور حاتم على رسالة الماجستير الخاصة به وسمح له بالاطلاع على مراجعه العلمية الخاصة الموجودة فى مكتبة منزله...
وجاء اللقاء الذى فقد فيه عذرية مشاعره ..
دخلت عليه ندى فجأة وبدون مقدمات وكان مستغرقا فى مراجعة أحد المراجع العلمية منفصلا عن العالم الخارجي بكامل كيانه..
أخذ كلا منهما يحدق فى الآخر فى فضول وارتباك لم ينقذهما ألا ظهور الدكتور حاتم وتقديم كلا منهما للآخر.
وعلم إسلام أن ندى هى وحيدة الدكتور حاتم والتى وهبها حياته وهى فى السنة النهائية بكلية الخدمة الاجتماعية.
هائما...سارحا...متيما...يحدق فى مراجعه دون أن يستوعب أويعى أى شيء.يختلق الأعذار لزيارة الدكتور حاتم فى منزله.. يسير فى الشوارع كالمسحور لا يدرى أين هو؟ أو الى أين يتجه؟؟.
كان يستنجد بحجابه ويقبض عليه بكفه بقوة ليهدئ من ضربات قلبه المتلاحقة
لكن لا فائده..
وكالمسحور أتجه الى محطة القطار وأستقل القطار الى قريته بحث عن أمه كالمجنون وأرتمى فى أحضانها منهارا باكيا أخذت أمه تربت عليه فى حنان حتى أستغرق فى نوم عميق تركته نائما وأسرعت الى الشيخ عزام لتعرف ما حدث لولدها وكنزها الثمين.. طلبت منه أن يسأل الشيخ أبو حطب عما حدث لأسلام.طمئنها الشيخ أبو عزام وأن ما حدث لولدها ما هو الا بعض عكوسات وان هناك عين رصدته وحسدته وأنه فى إحتياج الى حجاب جديد وطلب منها أن تذبح الذبائح للشيخ أبو حطب وتوزعها على الفقراء حتى يرضى عنها ويطرد الأرواح المعاكسة والشريرة ويحفظ لها ولدها وكنزها من كل شر.
على الفور نفذت الأم كل ما أمر به الشيخ عزام خادم المقام وأستيقظ العاشق الولهان من نومه العميق على رائحة البخور الذكية وأمه تلف بالمبخره حول سريره وتطلب من الأرواح الشريرة والعين الحسودة أن تبعد عن ولدها ..
ومدت يدها الى صدره لتخلع الحجاب ولكنه قبض عليه فى ذعر ولكنها طمأنته أنها أحضرت حجابا جديدا أقوى وأشد من هذا الحجاب فأستسلم لها وهى تبدل له الحجاب.. وشعر بارتياح شديد بعد أن لفت الحجاب الجديد حول رقبته.
وأجلسها بجانبه فى عطف وحب وحنان وبدأ فى سرد قصته مع ندى وشعوره المتدفق تجاهها.
إنتابت الأم مشاعر متضاربة أثناء سرده لقصة غرامه الملتهبة لندى أحست بالغيرة تجاه هذه الدخيلة التى تشاركها فى قلب ولدها وكنزها الثمين ثم تعود الفرحة تغمر قلبها بفرخها الصغير فقد كبر و أصبح ديكا.. وبقبلة حنونة على خده تعلن مباركتها لهذا الزواج.
إكتملت سعادة إسلام عندما وافقت ندى والدكتور حاتم على إتمام مراسم الزواج بعد حصوله على درجة الماجستير وإنتهاء ندى من إتمام دراستها.
وكانت المواجهة الأولى بين إسلام وأمه والتي لم يحسب لها إسلام حسابا كانت عندما بدأ الدكتور حاتم فى إجراء ترتيبات الزواج وحجز قاعة أفراح فى أرقى فنادق القاهرة .وسافر إسلام الى قريته ليرتب مع أمه وأخوته مواعيد سفرهم للقاهرة.وقتلت أمه فرحته فى مهدها عندما ألقت بقنبلتها فى ساحته فى قسوة ووحشية عندما أصرت على أن يتم زفافه فى القرية ووسط أهله وعشيرته ليتأكد الجميع من شرف زوجته عندما يخرج المنديل الأبيض الملطخ بدم شرف زوجته ويرفع رأسه أمام أهله وعشيرته.
ارتجت الأرض تحت أقدام إسلام ومناديل شرف أخواته البنات وزوجات إخوته تمر أمام عينيه.
قريبا نواصل ..