عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2010, 01:47 PM
المشاركة 16
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيم

[ السّورة والاية ]
------------------------
أ ـ السّورة :

1 ـ في اللّغة :
اختلفوا في أصلها لغة ، منها قولهم : أنّها من سور المدينة لاحاطتها بآياتها واجتماعها كاجتماع البيوت بالسور .

2 ـ في المصطلح الاسلامي القرآني :
جزء من القرآن يفتتح بالبسملة ما عدا سورة براءة ، ويشتمل على آي ذوات عدد ، وقد جاءت بالمعنى الاصطلاحي في القرآن الكريم بلفظ المفرد تسع مرّات ، وبلفظ الجمع مرّة واحدة .
وإنّ أصغر سور القرآن الكوثر وأكبرها البقرة .

3 ـ في القرآن الكريم :
نرى أنّ أسماء سور القرآن المنحصرة باسم ‌واحد مثل ( الرحمن ) و( الانفال ) و( الانعام ) مصطلحات إسلاميّة نزلت عن طريق الوحي إلى رسول اللّه ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) وما اشتهر لها اسمان أو أكثر مثل سورة الاسراء التي تُسمّى أيضا بني إسرائيل ..
ينبغي أن ندرس الروايات المرويّة عن الرّسول ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) في شأن تعدّد أسماء بعض السور لمعرفة المصطلح الاسلامي منهما عن مصطلح المسلمين .

ب ـ الاية :

في اللّغة :
أشهر معاني ( الاية ) في اللّغة : العلامة الواضحة للشي‌ء المحسوس ، والامارة الدالّة على المراد للامر المعقول .
ومثال الاوّل قوله تعالى في سورة مريم في حكاية قول زكريّا ( عليهِ السلام ) :
( قَالَ رَبِّ اجْعَل لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّا ) ( الاية 10) .
أي : قال اجعل لي علامة واضحة ...
ومثال الثاني قوله تعالى في سورة يوسف :
( وَكأَيِّن مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ) ( الاية 105 ) .
أي كم من أمارة تدُلُّ على قدرة اللّه وحكمته ، أو غيرها من صفاته يمرُّون عليها وهم عنها معرضون .
وقول الشاعر :
وفي كلِّ شي‌ء لهُ آية
تَدلُّ على أنّهُ واحدُ

في المصطلح الاسلامي :

ما قاله الراغب في مفردات القرآن :
( ويقال لكلّ جملة من القرآن دالّة على حكم : آية ، سورة كانت ، أو فصولاً ، أو فصلاً من سورةٍ .
وقد يقال لكلّ كلام منه ، منفصل بفصل لفظي : آية .وعلى هذا اعتبار آيات السورة التي تعدّ بها السورة ) .
وتُضاف إليه الحروف المقطّعة المبدوء بها بعض سور القرآن مثل قوله تعالى في سورة البقـرة : ( الَّم ذلِكَ الْكِتابُ ... ) وفي سورة فصِّلت : ( حم تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .
إنّ الراغب وإن لم يفرِّق بين المعنى اللغوي للاية والذي قدَّم ذكره وبين معانيها في المصطلح الاسلامي والتي أخَّر ذكرها ، غير أنّا لمّا وجدنا المجموعة الثانية لم ترد عند العرب وإنّما جاءت في الكتاب والسنّة خاصّة ، وشاع فيهما استعمال ( الاية ) في تلك المعاني ، قلنا بأنها من معاني (الاية) في المصطلح الاسلامي ، وكذلك القاعدة في معرفة المصطلح الاسلامي ، مثل مصطلح الصّلاة والزّكاة والخمس في الشريعة الاسلاميّة .
وإنّ الراغب في تعريفه معنى ( الاية ) قسم ما وصفناه بالمصطلح الاسلامي إلى قسمين :
1 ـ ما اعتبر ( الحكم ) في التسمية ، حيث قال :
( كلّ جملة دالّة على حكم ٍ آية ، سورة كانت أو ... ) .
2 ـ ما اعتبر ( اللفظ ) في التسمية ، حيث قال :
( كلّ كلام ... ) .
ونحن بعد البحث والفحص عن موارد استعمال ( الاية ) في القرآن الكريم وجدنا الراغب مصيبا في قوله ، وإليكم الدليل على ذلك :
أوّلاً ـ وجدنا من أمثلة القسم الاوّل :
1 ـ قوله تعالى في سورة البقرة :
( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَو مِثْلِهَا ) ( الاية 106 ) .
2 ـ قوله تعالى في سورة النحل :
( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ ) ( الاية 101 ) .
3 ـ وقوله تعالى في سورة الاحزاب في خطابه لازواج النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( واذكرنَ ما يُتلى في بيوتكنّ من آيات اللّه والحكمة ) ( الاية 34 ) .
4 ـ ومنها قوله تعالى في سورة القصص :
( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتِنا ) ( الاية 59) .
وقوله تعالى في سورة الزمر في حكاية خطاب الملائكة لاهل جهنم : ( وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنِذرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذَا ) ( الاية 71) .
5 ـ وقوله تعالى في سورة آل عمران :
( لَيْسُوا سَوَاء مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللّيْلِ ) ( الاية 113) .
والمعنى في الاية الاُولى :
ما ننسخ من حكم في فصل من كتاب اللّه أو ننسه نأت بخير منه أو بمثله .
وفي الاية الثانية :
وإذا بدّلنا حكماً في فصل أو فصول من كتاب اللّه بحكم آخر في فصل أو فصول من كتاب اللّه .
وفي الاية الثالثة :
واذكرن يا أزواج النبيّ ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ما يُتلى في بيوتكنّ من أحكام اللّه التي جاءت في فصول كتاب اللّه .
وفي الاية الرابعة :
حتى يبعث اللّه في أُمّ القرى رسولاً يتلو على أهلها أحكام اللّه في فصول كتاب اللّه .
وفي الاية الخامسة :
ليس أهل الكتاب متساوين في أمر الدِّين، منهم أُمّة مستقيمة يتلون أحكاما من فصول كتاب اللّه .

ثانيا ـ وجدنا من أمثلة القسم الثاني ، قوله تعالى في سورة يوسف :
( الَّر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبينِ ) ( الاية 1) .
وقوله تعالى في سورة الرّعد :
( الَّمر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ... ) ( الاية 1) .
وكذلك جاء نظيرها في أوّل يونس والنمل ، والثانية من الشعراء والقصص ولقمان .
إنّ هذه الايات ونظائرها تشير إلى الايات التي ‌تشخص في كلِّ سورة بالعدد ، ويقال مثلاً :
سورة الحمد سبع آيات ، كما جاء في حديث الرّسول ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ).
والاية بهذا المعنى لم ترد في القرآن الكريم بغير لفظ الجمع ، وقد قصد من ( الاية ) هنا ألفاظ الجملة القرآنيّة دون معناها .
ونضيف إلى ما سبق ما جاء في مادّة الاية من معجم الفاظ القرآن الكريم قولهم : وسُمِّيت معجزات الانبياء
( آية ) ، لانّها علامة على صدقهم وعلى قدرة اللّه.
ونقول : إنّ منها قوله ـ تعالى ـ في حكاية قول صالح لقومه :
( هذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً ) ( الاعراف / 73 ) ، و( هود / 64 ) .
وقوله تعالى في سورة النمل في خطابه لموسى بن عمران حين أرسله إلى فرعون وقومه :
( وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوء فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْما فَاسِقِينَ ) ( الاية 12) .
وبناء على ما بيّناه فلفظ ( آية ) مشترك بين ثلاثة معان في المصطلح الاسلامي مضافا إلى معانيها في اللّغة العربيّة .
وقد استعملت ( الاية ) بكثرة في معانيها اللغويّة والاصطلاحيّة جميعا في القرآن الكريم .
ولا بدّ لنا في تشخيص المعنى المقصود أن نعمل بما قرّره العلماء في علم اُصول الفقه من أنّ اللفظ المشترك إذا جاء في الكلام لابدّ أن تدلّ قرينة على المعنى المقصود منه .
وعليه ينبغي لفهم المراد مما جاء من مادّة ( الاية ) في القرآن ، أن نبحث عن القرينة الدالّة على المعنى المقصود في التعبير القرآني .

الخلاصة :
السورة في المصطلح القرآني جزء من القرآن يفتتح بالبسملة عدا سورة براءة ، ويشتمل على آيات تميّز بالترقيم ، ونرى أن اللّه قد سمّى كل سورة باسم واحد . وما اشتهر لها أكثر من اسم واحد مثل سورة الاسراء وسورة بني إسرائيل ينبغي أن يبحث في السنّة النبويّة عن اسمها في المصطلح القرآني .
( الاية ) في اللّغة : العلامة الواضحة على شي‌ء محسوس أو الامارة الدالّة على شي‌ء معقول .
وفي المصطلح الاسلامي قد تكون ( الاية ) :
معجزة من معاجز الانبياء أو جملة من ألفاظ سورة قرآنيّة معيّنة بالعدد أو فصلاً أو فصولاً من كتاب اللّه تبيِّن حكماً من أحكام شريعته .
ولا نقول : إنّ معنى الاية في المصطلح الاسلامي ينحصر بما ذكرناه ، بل نقول :
هذا ما عرفناه من معاني الاية إلى اليوم ، ولعلّ البحث يعرِّفنا بعد اليوم غيرها من معاني الاية في المصطلح الاسلامي .
إذاً لفظ الاية مشترك في المصطلح الاسلامي بين عدّة معان ، ولا يستعمل اللفظ المشترك في الكلام دونما قرينة تعيِّن المعنى المقصود .
منقول

31 / 8 / 2010