عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
2

المشاهدات
2609
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
07-19-2013, 04:25 AM
المشاركة 1
07-19-2013, 04:25 AM
المشاركة 1
افتراضي الباحثون عن الشمس
استحم في حوض السباحة نافخا بحبوحة انتعاش في رحلة عمره الباذخة و جسده يحتضن أشعة الشمس الذهبية ، فرآها تنحو ناحيته فغازلها : " أنت أيضا تحبينني ؟ "، يعيش رفاهية تزدهر فيها أحلامه و تتحقق بليونة ويسر ، ما إن تبزغ فكرة في ذهنه حتى تفرش طرق إنجازها ورودا ، و يبسط لها السجاد الأحمر فتمشي متبخترة ، تتعالى فرحات انتشار مشروعه الاستثماري مولدا مشاريع لم تكن يوما إلا في قاموس المستحيلات ، من مشاريع صناعية إلى عقارية ففلاحية وترفيهية وسياحية ، أصبحت برصته خزانا و سدا فاض بكل أنواع العملات ، تتزاحم أكياس الذهب في حساباته المصرفية ، و تتعانق المجوهرات في رفوف خزاناته المقفلة ، تتباهى التحف في إقاماته الفاخرة ، تأتيه الدنيا راكعة عند قدميه و هو يقبل كل نفائسها ، هو خير حاضن للنعمة فلا تحس الأمان إلا عند دخولها إلى محارمه .
الكل يشتهي فيه نظرة و الكل يسعى إلى انتزاع بسمة من شفتيه يفرح بها قلبه المضيوم ، ينتصر له كل ذي سلطان ، يمجده كل ذي قريحة ، يسيل لعاب الحسناوات على ذكره فيسعين في البحث عن مسالك تؤدي إلى مواطنه المشرعة لمن جاء في هيئة سليمة ، و مشية مستقيمة و هدية قيمة .
هي الحياة رفعته فلم ينكس أعلامه ؟ هم الناس أحبوه فلماذا يكشر في وجوههم ؟ هي السعادة تغمره فلماذا يجافيها ويحتضن التعاسة ؟ يريده القوم مبجلا فيعصمونه ، رفعوا قدره إلى الأعالي ، مهما أساء فالناس يرفعون في وجهه جميل الغفران ، بل يعتقدون أن الإساءة منه رحمة والتفاتة ، فكم شخصا منه يشتهي وطأة ، وكم بصيرا تمنى أن يمنحه من ضوء عينيه ، وكم عاقلا تمنى أن يهديه لب أفكاره ، الكل و الكل يسعى في خدمته و الاجتهاد في نيل استحسانه .
دام الحال و طال الحال حتى كبر الأبناء فتعجبوا من هذه الأبراج العاتية ، من هذه الأسوار العالية ، فقال قائل : " ألا أستطيع رؤية السماء ؟" رد عليه واحد من صانعي الأبراج :" السماء محروسة يا طفلي و ضوء الشمس يعمي العيون "
تسلح بالعزيمة حبا في رؤية السماء ، و معانقة أشعة الشمس لتمحق نور عينيه ، فصاح في رحبة واسعة : " أين السماء ؟"
فاجتمع حوله بعض الباحثين عن الشمس فأجابوا : اكتفينا من هذه العيون ؟ فارتج الصدى في البلاد ، نريد أشعة الشمس ؟
فتزلزلت الأعمدة لتظهر شمس طال غيابها ومن وراء تمثال كان يبلغ عنان السماء فأضحى في لحظة حفنة عظام تتنازعها النملات ، كل نملة تشتهي فيها قضمة وهي تغدو رميما ، فلاحت الشمس و نظروا إلى السماء بنظرة أخرى ، نظرة عين لا تؤذيها أشعة الشمس .