الموضوع
:
تعشير البقرة ..قصة .
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
4
المشاهدات
3720
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
المشاركات
138
+
التقييم
0.03
تاريخ التسجيل
Jun 2013
الاقامة
القاهرة ..مصر
رقم العضوية
12158
07-18-2013, 03:14 AM
المشاركة
1
07-18-2013, 03:14 AM
المشاركة
1
Tweet
تعشير البقرة ..قصة .
تعشير البقرة
تأليف:رضا الهجرسى
إذا أردت أن..
تفتح طريقا فى الصخر..
برأسك..
ستفتح الطريق...ولكن..
فى رأسك..
............
فرض السؤال نفسه على رأس إسلام فى إلحاح عجيب وهو غارق فى حيرته وأفكاره المتلاطمة..
هل الإنسان قادر على تغيير ما ترسب فى أعماق عقله الباطن من معتقدات
وتقاليد من طفولته؟!وقد أصبحت جزءا لا يتجزأ من شخصيته و كيانه ؟!!!
أم هو كمن يريد أن يفتح طريقا فى الصخر برأسه؟..
ألح هذا السؤال على إسلام وهو يتفرس فى وجه زوجته الحبيبة الرقيقة ندى وهى غارقة فى سبات عميق أثر تعرضها لصدمة عصبية شديدة ..
ارتمى على أقرب كرسى وعاد برأسه للخلف مغمضا عينيه مادا يده الى صدره
وأخرج حجابا ملفوفا حول رقبته هذا الحجاب الذى لم يفارقه منذ طفولته المبكرة ..
قبض عليه بكفه بشده طالبا منه الإحساس بالأمان الذى طالما وهبه له كلما مر بأزمة أو كارثة خلال مشوار حياته..حتى بعد أن أصبح الدكتور إسلام المرشح لأعلى المناصب القيادية داخل الجامعة لم يفارقه هذا الشعور بالأمان طالما هذا الحجاب ملفوفا حول رقبته ..
تزاحمت ذكريات طفولته فى رأسه كأمواج متلاطمة متداخلة ثم أخذت تنتظم فى ترتيب زمني متتالي واضح الصورة والملامح .كشريط سينمائي له بداية ووسط ونهاية.وكأن عقله وضميره يبحثان عن مواقف الضعف التى تسلل من خلالها غول الجهل والتخلف الى حياته وابتلع زوجته ورفيقة عمره أمام عينيه دون أن يحرك ساكنا لإنقاذها قبل حدوث الطامة الكبرى.ووقوعها فريسة سهلة لهذا الغول القبيح و كان كمن يسرد لها قصته من البداية فقد تجد له عذرا وتغفر له غفلته..
ولد إسلام فى إحدى قرى الريف الأصيل بمحافظة الشرقية لأب يعد من أثرياء
القرية ووجهائها وصاحب كلمة مسموعة فيها.أنعم الله عليه بزينة الحياة الدنيا من مال وولد.له من الأولاد خمس ومن البنات ست.وزوجة ذات شخصية مسيطرة تقبض على بيتها بيدا من حديد.وكان إسلام أخر العنقود والسكر المعقود كما كانت تردد دائما على مسامعه.كانت هذه العبارة تسعده كثيرا. تسللت أمه الى كيانه ودمه منذ طفولته المبكرة..عشقها بجنون.وأستمد من سلطتها وسطوتها. قوته وسطوته على جميع أشقائه.فلا يجرؤ أحدا منهم على ضربه أو لومه وإذا تجرأ أحدا منهم وفعلها فلا يجد مهربا من عود الحطب الذى يتكسر على رأسه وجسده لأنه تجرأ وأغضب آخر العنقود وسكرها المعقود.
أرتبط إسلام مع أمه فى علاقة حميمة لا ينافسه فيها ألا هذة البقرة .. مسعدة... التى تشاركه أهتمام وحب أمه. كانت الغيرة تنهش قلبه عندما يرى أهتمامها بها وتدليلها بكلمات الحب فتناديها تارة..بوجة السعد..وتارة أخرى..بوجة الخير..وكانت البقرة مسعدة لا تأكل الا من يديها.
بدأت كراهيته لمسعدة.. ووسوس له شيطانه الصغير بالتخلص من مسعدة حتى يخلص له قلب أمه....
فقرر أن يضع فى طعامها المبيد الحشري..
ورسم خطته بأن يتسلل ليلا الى حظيرة البهائم وينفذ خطته ..
لكن القدر كان رحيما بالبقرة مسعدة..فعندما اقترب منها برز له فجأة وحشا أسود اللون ضخم الجثة ذو قرنين كبيرين يزمجر فى هياج شديد..
فإرتد إسلام الى الوراء بسرعة مذهلة مذعورا مرعوبا يصرخ صراخا عاليا متواصلا ولم يهدأ الا وهو فى أحضان أمه ..
وعلم منها ان هذا الوحش ما هو الا ثورا .أحضرته أمه ليعشر مسعده بالإيجار.
لم يستوعب فى حينها كلام أمه.وكيف يعشر هذا الوحش مسعده؟!!!
وما الفائدة المرجوة من أن تعشرمسعدة أولاتعشر.لم يعلم الإجابة على تساؤلاته المحيرة الاعندما ولدت مسعدة عجلا..عندها أحب اسلام مسعدة ووليدها وأخذ يشارك فى العناية بهم ويقدم لهم الطعام بيديه ويجرهم خلفه الى الترعة ليسقيهم ويقوم بتنظيف أجسادهم بالماء
ويمر عامان على هذا المنوال ويزداد وعيه وفهمه للحياة المحيطة به.ويبرز نبوغه و تفوقه مبكرا على أقرانه عند دخوله كتاب القرية وحفظه للقرآن الكريم وتفهمه لمعانيه وبدأ الصلاة مبكرا.و فى هذه الأثناء تزوجن جميع أخواته البنات الواحده تلو الاخرى.. وأنهى أخوته دراستهم المتوسطة فالأب لا يسمح لأولاده بإكمال تعليمهم حتى لا يتركوه ويفقد زينة الحياة الدنيا .كان مبدأه أن من يكمل دراسته المتوسطة من أولاده يتزوج فورا ومبكرا وينجب له أحفادا يزيدون من زينة الحياة الدنيا من حوله وتسير أيامه على هذا المنوال الى أن علم أن أمه قد أرسلت فى طلب الثور لاعادة تعشير مسعدة.كانت مساهمته هذه المرة كبيرة فى رعاية مسعدة والثور فى أكلهم وشربهم منتظرا خبر تعشيرها .
ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن...
ووقعت الكارثة لم تقبل مسعدة التعشير.. وغادر الثور دون إتمام مهمته وكانت المرة الأولى التى يرى فيها إسلام وجه أمه صارما..غاضبا..عصبية المزاج وكان يشاركها صمتها بالجلوس بجوارها حزينا.. وفجأة قفزت أمه واقفة فى غضب شديد وتناولت أقرب حزمة من أعواد الحطب . وأتجهت ناحيةالحظيرة وتبعها إسلام فى فضول صبياني.ولأول مرة يشعر بالخوف الشديد ينسل الى روحه وكيانه من أمه عندما رآها تضرب مسعدة بأعواد الحطب فى قسوة ووحشية.. والبقرة تتحرك يمينا ويسارا لتتفادى ضربات الأم الموجعة..... تجمد فى مكانة كتمثال جرانيتى والدموع تنهال من عينيه وهو يرى القسوة و الوحشية المرتسمة على وجه أمه والسباب و الشتائم بأفظع الألفاظ و الدموع تتساقط من عينيها كشلال غزير.وهى تصرخ بالبقرة و تهددها بالموت لأنها أصبحت عجوزا شمطاء لا تستحق الحياة.فلم تعد هناك فائدة ترجى من حياتها
غادرت الأم الحظيرة فى خطوات مسرعة وتبعها إسلام كالمسحور.. صرخت بأعلى صوتها منادية أبنها البكرو لبى الابن نداءها على الفور طلبت منه فى لهجة لا تقبل الجدل أو المراجعة أن يذهب فورا ويحضر جزار القرية ليذبح مسعدة وقف الأبن مذهولا لا يتحرك..حركته لطمة شديدة على وجهه جعلته يغادر البيت مسرعا لتنفيذ أوامر أمه..
منذ هذا اليوم ترسبت شخصية أمه الى اللاوعي و اختلطت المشاعر بداخله بين حب أوديبى وخوف ورهبة من جبروتها وقسوتها.
نواصل قريبا ..
رد مع الإقتباس