عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2013, 01:57 PM
المشاركة 18
أحمد سليم بكر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الحلقة التاسعة
لازال مصمم على ما يدور فى رأسه ، أتى له على – الضابط المعاون – بتصريح رؤية الجثة من داخل المشرحة ، كانت الساعة حينها تقترب من الواحدة بعد منتصف الليل ، فسأل على حسام ألن تذهب إلى المنزل ؟ ، قال له لا ، فساله عن والدته هل ستركها تبيت ليلتها وحيدة ؟ ، فأجابه بأن وائل أخوه الأكبر قد عاد بعد خمسة أعوام قضها فى الدراسة فى باريس ، و لذلك فأنه يطمئن أنها تبيت فى المنزل مع أخوه الأكبر ، الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، هناك إتصال لحسام ، الجرس يضرب ليقطع هذا السكون الركين ، ويستيقظ حسام النائم على كرسيه رافعا قدميه على حافة مكتبه ، و كذلك ينتفض على من على الأريكة الصغيرة التى كان ينام عليها أمام المكتب ، و لكن ما هذا الإتصال ، و إذ بحسام يرد ، و يسكن جسده و تظهر عليه علامات الدهشة و تنسكب الدموع من عينيه بلا أى وعى أو إدراك منه ، كل هذا حدث بين لحظات من الوقت لا تزيد عن دقيقة ، ماذا قيل له فى الهاتف ، أخاه الحاضر منذ ساعات قد فارق الحياه ، نعم إن الرجل الذى أتى ليقتل حسام بالخطأ قد قتل وائل ، لأنه عندما راقب المنزل لم يرى أى شخص معه إلا أمه ، و عندما حانت لحظة التنفيذ دخل المنزل و بحث بين الحجرات و رأى الأم نائمة و فى الحجرة التى تليها كان وائل نائما واضعا الغطاء على رأسه و مستديرا ناحية اليمين، و لأن الرجل أراد أن ينجز مهمته بسرعة وضع الوسادة على رأسه و وضع بها فوهة سلاحه و أطلق النار مسرعا و ذهب للخارج دون أن يعرف من الذى قتله – كان بالطبع متأكد أنه الضابط حسام - .
حسام و أمه جالسان فى المنزل ، يالها من لحظات تدمى القلوب ، نعم إنهما أعتادا عدم رؤيته منذ خمسة أعوام لم يأتى فيهم للزيارة إلا مرة أو مرتين على الأكثر ، و لكنهما عاشا على أمل اللقاء به بعد فترة ستمر بكل تأكيد و سيأتى لأنه لازال موجود ، و لكن اليوم قد فارق الحياة بلا أى ذنب ، ضف على ذلك أن الشعور بالألم و الحسرة يتضاعف عند حسام كلما يرى أمه حزينة لأنه بالطبع يشعر بالذنب لأن لديه يقين بأنه هو المقصود بالقتل ليس أخوه المسكين ، الام تنظر إلى الصور القديمة و تبدأ فى الإنهيار و لكنها صبورة لدرجها لا تتخيلها لم تطلق أى أصوات من النواح كعادة النساء بل بكت بشدة و لكنها سريعا ما أعادت إتزانها و هذا ما كان يقلق حسام أكثر ، لأن الشخص الذى يغلق على الأحزان صندوق أحاسيسه يصاب بأمراض عديدة فالكتمان أشد من البوح بما فى داخل القلوب .
مرت عدة أيام بلا أى أحداث جديدة صديقنا على حاله يساعد الطفلان فى أمور حياتهما ، و كذلكك يحاول جاهدا فى المذاكرة لخالد الذذى باقى على إنتهاء إمتحاناته بضع أيام ، و رعاية هدى التى قد من الله عليها بإتمام العمليية بنجاح و أستردت صحتها ، و لكن باقى لها يومان على الأكثر على الخروج ، أما علياء و والدتها فيعيشا بصورة مرتبكة بعض الشئ ، علاء تحاول أن تصل لأى خيوط للبحث عن طارق و إيجاده كان يساعدها فى ذللك صديقه الذى إفتقده بصورة غير عادية و هو كريم .
الكل هنا فى منتصف الطريق ، حتى نحن منا من هو فى سفر ذاهبا أو عاد ، فالموظف أنه فى وسط يومه الوظيفى و إنه فى وسط حياته الوظيفية و إنه فى وسط حياته العائلية ، الإنسان الواحد منا له عدة طرق يسير بها يوميا و لكنه لا يصل إلى نهاية أى واحدة منها و كذلك لا يعرف متى كانت لحظة البداية ، لذلك فإننا شأنا أم أبينا كلنا بلا أى إستثناء فى منتصف الطريق ، الأبطال بين أركان هذه السطور يعبثون و يتحركون يبكون و يضحكون .. إنها لحظاتهم ، إنها لحظات من الإنسانية الواقعية المدركة حسيا داخل كينونة النفس البشرية ، المبادئ التى تربينا عليها ، القيم التى من كثرة تكرارها طبعت فى داخل الرؤس ، نعم كلا منا يحب .. يعشق .. يستأنس بشخص ما ، قد لا يستطيع أن يحدثه بذلك عندما يكون موجود معه ، لبعض المشاكل و العقد التى هى من صنعنا نحن البشر ، و قد يفارقك من تحب للأبد فتسأل نفسك حينها لماذا لم أتحدث ، لماذا لم أقولها ، هل هى صبعة لهذا الحد ، البوح بما فى داخل النفس و إلا ستندم ، انظر له بين عينيه و خاطب النفس بالنفس و أسرد كل فيها كل ما تشعر به ، نعم الخوف سمة تميزنا و لكن حين يطغى الخوف من الفشل على الرغبة فى النجاح فإذن نحن أموات نتنفس ، أبديت قبل ذلك فى هذه سطور حلقة ماضية ، قائلا : قد لا بل نعم إذن فليكن ، أدركها بين رأسك حاول أن تفهم ما أرمى إليه ، أدركها بالله عليك ، إن أدركت بما فيها لفهمت العديد و العديد مما بين حروفها .
الفجر ، لقد إنتهت الإمتحانات و خرجت هدى من المشفى ، وبدأت الأسرة تجتمع فى المنزل بدون الأب ، و لكن الشاب قد نوى الرحيل ، و لكى لا يراه أحد منهم ناوى على الرحيل فى الفجر متسللا خاج البيت و لكن هدى قد خرجت من حجرتها التى كانت مستيقظة بها عندمما سمعة صوت أقام تسير على الأرض ، و عندها و جدتها يخرج من الباب و لكن أستوقفه المشهد ليعود.
الأسئلة التى تطرح نفسها اليوم ، من قتل بدوى و من قتل وائل و أين السلاح الذى كان مع طارق و أين الورق الذى أخذه بدوى و طارق من الرجال ، و هل لطارق علاقة بكل هذا ؟ .. و السؤال الأهم هل هذى تعرف من هو هذا الغريب .. و لا تريد أن تحدثه .. و إذا كانت تعرف لماذا لم تحدثه .. لفك اللغز أنتظرونا فى الحلقة االقادمة.