الموضوع
:
صفحتي الهادئة
عرض مشاركة واحدة
07-17-2013, 01:46 AM
المشاركة
30
ياسر علي
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 3
تاريخ الإنضمام :
Dec 2012
رقم العضوية :
11770
المشاركات:
1,595
ـ هذه مفاجأة أمي ، إنه صغير السن و لم يحصل بعد على بطاقة التعريف .
ـ سيحصل عليها في الشتاء القادم و سيأجل الحفل إلى حين استكمال نصاب الأوراق . تعلم بني أنت في مثل سنه أنت أيضا أصبحت رجلا أليس كذلك ؟ ربما يكبرك بشهر على ما أذكر .
ـ أجل كنا ندرس في الفصل نفسه في الشهور الأولى التي التي قضاها بالمدرسة ، لكنه لم يكمل عامه هناك .
ـ أنت أيضا سنزوجك ، تعرف بني ، أي شيء في الدنيا يماثل الزواج ، يكبر أبناؤك وأنت لم تشخ بعد ، يكثر حفذتك فتكون على رأس أسرة عظيمة الشأن وكثيرة العدد و العدة ، أي شرف يماثل هذا ؟ الزواج في الصغر يا بني يفيد الكبر ، مارأيك؟
حاولت تجاهل الإجابة ، كنت أنتظر هذا الطلب من أمي لكن ليس بهذه السرعة ، كنت أظن أن الدراسة ستشفع لي و تؤجل هذا السؤال إلى ما بعد التخرج . لتسترسل أمي : " الزواج نعمة ما بعدها نعمة ، الزواج سيريحك من المتاعب ، تغسل ملابسك و تطوى ، ستكون على الدوام نظيفا يقدم لك ما تشتهيه من من أنواع الطعام ، والأهم من كل هذا تنتشل من الزيغ والرذيلة ، و تمنح شرفا وموقعا في المجتمع ، قال الفقيه أن العازب ناقص دين و وأنت تعرف ذلك فأنت إنسان متعلم ..
ـ لكن يا أمي أنا أدرس كيف سأتصرف ؟
ـ هل ستبقى في المدرسة طوال حياتك ؟ ستدرس إلى متى ؟ ، تدرس حتى تأخذك منا مدنية ، تدرس حتى نموت ، تعلم يا بني أنني مريضة ، أريد أن أراك رجلا قبل موتي ، أريدك خليفة لنا في أرضنا ، أبوك متحمس أيضا ، وقال لي اسأليه إن كان يقبل بليلى ، إنها طيبة و خلوقة ، تحبك كثيرا ، خدومة جدا ، تساعدني في كل شيء .
ـ حسنا ماما سأفكر في الأمر .
فكر بسرعة يا ولدي ، يسعدني ويسعد والدك أن تتزوج في الصيف القادم .
أي جديد هذا الذي حملته أيها العيد السعيد أنا أتزوج ! طفل تلميذ يتزوج ... أينك يا أستاذي لتقول للعالم أن الزواج المبكر يعرقل التنمية ، أين رغبتي أنا ، أين برامجي ؟ ما موقعك عائشة في هذا الموضوع ؟
في مضجعي ألتوي ، انصرمت ساعات وأنا لا أزال فريسة أرق وأفكار أعيدها أكررها دون جدوى و دون أن أدرك أي طريق سأسلك ، ليتني أطلع على الغيب فأختار الطريق اليسير بدلا عن العسير ، أحاول أن أرتب أفكاري فأوازن بين رغبتي ورغبة أسرتي و حكاية عائشة ، لكن هناك تعارض بينها كلية ، لا قواسم مشتركة ، فأجد نفسي أخبط خبط العشواء ، أين لي بعكازة تقودني و تقوّم وقفتي كما شيخ ضرير .
خرجت من البيت ، غاب القمر وانتشر ظلام دامس لا ينازعه غير وميض النجوم ، يزداد لمعانها كما لو أزيح عنها الستار لأول مرة ، يدي تتقدمني تزيح عني أطياف الظلام ، و الأغصان الطائشة من الأشجار المحادية للوادي ، وصلت إلى المكان المعلوم الذي طردتني منه رياح الخريف ، التي لا أزال أستشعر لسعاتها رغم مقدم فصل الصيف ، أوقدت سيجارة سرعان ما شربت محتواها لأتبعها ثانية فثالثة ، أحسست بالدوخة ، تمددت كلية على الأرض فاتحا عيناي متابعا حركة النجوم ، عائشة تريدني قربها هناك في بلاد الغرب ، أمي تريدني بجانبها في بلادي ، أما أنا فأعشق الحرية ؟ فأي السبل تلؤدي إلى النجاح ؟
" حبيبي ، فكر في تهييء جواز سفر ورخصة سياقة بمجرد أن تصل إلى الثامنة عشر ، سأفعل ما بوسعي لأجد لك وظيفة جيدة هنا ، فكر في مستقبلك ، لا تنسى أنني بحاجة إليك "
هكذا تكتب عائشة طوال السنة المنصرمة ، أجبتها مرارا وتكرارا .
" حبيبتي ، عندما أحصل على شهادة الثانوي سأفكر في استكمال دراستي في جامعة غربية ، كيف... لا أعرف ولكن هذا طموحي ...."
أدركت بعد طول تفكير أننا نحلم كثيرا لكن نغفل استحضار جميع المعطيات التي تحيطنا ، هكذا تزدهر المعاناة .
رد مع الإقتباس