الموضوع
:
صفحتي الهادئة
عرض مشاركة واحدة
07-13-2013, 03:29 AM
المشاركة
26
ياسر علي
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 3
تاريخ الإنضمام :
Dec 2012
رقم العضوية :
11770
المشاركات:
1,595
عند قدوم الصيف كانت الدنيا قد اكتست حلة البهجة ، فصل الأعراس و الحفلات ، فصل المحبة ، تخبو مظاهر الحزن والآلام ، تضمحل كل القروح ، تشتد حرارة الجو والعواطف ، حرارة العناق والتزاور ، قلبي يتلهف للحظة ملامسة يدي ليدها ، وقد فاضت عيناي بنور عينيها ، أحسست فصول السنة تعتري جسدي ، رعشة برد فعطر زهور فقيض صيف فكآبة خريف ، من في الدنيا لا يحس هذا الشعور ، من في الدنيا لا يملك قلبا نابضا ، يقولون هل من شجرة لا تستجيب لرقصة الأنسام ؟
استرسلت ليالي الصيف في تناغم و توافق يفوق الألف ليلة وليلة ، أحداث وأفراح تتكامل لتهيئ بسطيلة تمتد لها يد الشبعان قبل الجائع ، اليوم يتبارى شبابنا مع شباب قرية تبتعد عنا أميالا عديدة ، كرة القدم بدأت تنخر عقول الشيب والشباب على السواء ، لم أختر ضمن اللاعبين ، ربما لأنني لا أحسن مداعبة الكرة ، و ربما لصغرسني وفتوة بنيتي ، و ربما لتواجد الشباب المتمدن ، أغلبهم يعملون في ظروف مأساوية ، لا كرامة و لا أموال ، أغلبهم مدمنون ، مستواهم المعرفي مفلس ، ميزتهم قميص و سروال وخاتم و سلسلة مذهبة دقيقة تحيط العنق و سوار مسلسل يحيط الساعد الأيمن و يتدلى على ظهر الكف و ساعة تؤثت اليد اليسرى . لا يرضون التحدث بلغة القرية بل يفضلون لغة المدينة ، بل يصفون القرويين بأوصاف غريبة .
الملعب محاط بالمتفرجين من كل جانب ، ساعة وصول الشاحنة المكشوفة التي تقلنا ، ترجلنا من السيارة وأخذنا ننفض الغبار عن ملابسنا و رؤوسنا ، سرب من الفتيات يحملن أطباق الزهور والورود و العطور واللوز تعبيرا عن فرحة الاستقبال ، جاب السرب الملعب في حركات لولبية ممتزجة بدقات الطبول والدفوف و رقصات وأهازيج وأشعار . أخذ اللاعبون في التعري بعد رحيل السرب عن الملعب ، في أقمصة متباينة يشغلون أماكنهم ، أغلبهم بنياتهم أبعد من رشاقة الرياضيين و صلابة عضلاتهم ، الحكم يعلن بداية المباراة ، ركض واندفاع وراء الكرة ، فنيات بدائية ، قذفات هنا و هناك ، كرة تمر بجانب كومة حجر تعبر عن قائم المرمى ، يتشاجر اللاعبون ، يرمي الحكم الصفارة و ينسحب من الملعب ، يعود بعد استجداء من اللجنة المنظمة ، يتواصل الجري ، يهتز الملعب و تعلو الصيحات والزغاريد ، لاعب يخلع قميصة ويجري صوب الجماهير ، ، يتبعه أفراد فريقه وهم يعرقلون نشوته و يهنئونه تقبيلا وتمجيدا ، بينما تبدو الخيبة على الفريق الآخر ، الحكم يعلن شرعية الهدف ، وتستأنف المقابلة ، يزداد التوتر ، وتكثر الأخطاء ، يعم سكون رهيب الملعب ، إلا من صيحة لاعب أسكن الكرة في المرمى .
فور نهاية اللقاء تعانق اللاعبون والمتفرجون ، وعلت صيحات الترحيب ، الشمس قد اكتمل مغيبها ، سيق الضيوف إلى احدى بيوت القرية قدم لهم العشاء بفحاوة وتبجيل ، ، ليخرج الكل إلى ساحة الرقص و السمر إلى طلوع الفجر .
رد مع الإقتباس