الموضوع: أسرة متمدنة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-2013, 11:53 AM
المشاركة 5
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


أرجأ الأب الحسم إلى الجمعة الموالية ، أسرته لا تزال آراء أفرادها متباينة حد التنافر ، استاء من العناصر الجديدة في الحوار ، كل ما يضمره الفرقاء تكشف اليوم ، واتضح أن اختلالات الأسرة ركبت عليها قوى خارجية تنفث الفرقة بين أبنائها ليدمروا كيانها ، كيف لأبنائه أن تنطلي عليهم اللعبة ، كيف وصلوا إلى هذه السذاجة العمياء ، لعلهم يتجاهلون تاريخهم العريق ، لعلهم لا يستحضرون البناء . يعتبرون تسيير الأسرة كلعبة مدرب فرقة رياضية ، متى تضاءلت نتائجها ضحوا بطاقمها التقني تجنبا لنبش مواطن الخلل ، لعل الخافي كان أعظم ، كيف لنا أن نعيد العجلة للدوران ؟ كيف لي أنا بالذات الذي فشل في سياساته البنائية أن أصلح المسار ، لماذا علمت أفراد أسرتي ثقافة الريع ، لماذا لم أعلمهم أن لكل حسب عمله ، و لكل حسب قدراته مع ضمان الحد الأدنى للكرامة الإنسانية ، كيف لي أن أتنصل من عقودي مع المؤسسات المقرضة ؟ لكل منها كنانيش شروطها ، آه كيف العبور من هذا المأزق بخير ، أين لي بحكمة سليمان فأهمها ، أين لي بعصا موسى فأشق بها نفقا إلى برالأمان ، أحبك أسرتي ، سأضحي من أجلك ، لكن باللين والعقل ، لأن ما أفسدته السنين ، لا تعالجه إلا السنين .

المهندسة بدأت وساطتها والأمل يغادر النفوس ، وأصبحت عصبية الأسرة مجنونة ، كلما سقط كأس في المطبخ قاموا جميعا صارخين ، إن هزت الراح نافذة أجابوا هاتفين ، إن ماءت القطة أسرعوا نابحين ، استنفروا حواسهم و أصاب عقولهم العمى و سلوكهم الطيش . لم يرق لها هذا المآل فجالت عليهم واحدا واحدا ، آخذة مسافة من طلباتهم الملحة ، فتناولتها بالدراسة لخمسة أيام ، و هيأت عقدا أسريا جديدا يقوم مقام الأعراف ، دستور جديد يجد فيه كل منهم جزءا من أنانيته ، فناقشته مع الأب مرجحا فطنتها و تقنية عملها فهي متحررة من المذهبية ، و ركزت على تنمية بعيدة المدى ، هيأت وثيقة لم تسلم من صعوبة مراس الحقوقية التي أضافت لها بندا وتحفظت عن بعض الفصول ، واجهها الطبيب بخشونة ، لكنه لم يرض بالخروج عن الإجماع مخافة الإبعاد والمنفى ، فاضطر إلى التوقيع مؤجلا مشروعه إلى حين .
الجدة رحبت بالوثيقة وحيت في حفيذتها دماء آل الماء ، والأم قبلت بنتها معتبرة إياها نسخة منها ، والأطفال أحبوا أختهم الحكيمة ، وبنت الثانوي قررت أن ترسم لها لوحة تذكارية .
ليلة الخميس أرسل الأب للجميع وقرأعليهم دستورهم الجديد وصفقوا له بحرارة و الفرحة ترسم معالمها على وجوههم .
بعد صلاة الجمعة ذبحت القرابين وأعلنت الأفراح احتفالا بالإنجاز الديمقراطي .


النهاية