الموضوع: أسرة متمدنة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-05-2013, 10:26 PM
المشاركة 4
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


في الصالون المزينة جدرانه بالملصقات والشعارات والألوان المطلبية ، استوت الجثت المثقلة بهمومها ، افتتح الأب اللقاء بالتحية للجميع و شكرهم على عزمهم ورغبتهم الكبيرة على إيجاد مخرج لأزمة الأسرة و التوافق على خارطة طريق لتسوية مستعجلة تكون بداية لحل المصاعب التي تواجهها الأسرة في الأعوام القليلة الماضية التي أدت إلى وضعها الراهن ، وما تعرضت له أركانها خلال الأسبوع المنصرم ، وشدد على أن تكون المداخلات وجيزة و مقتضبة و حاملة لمقترحات قابلة للتفعيل تستطيع انتشال الأسرة من هذا المأزق .

الجدة : أعزائي ، يبدو أننا نعاني من تدهور خطير في الخدمات الأسرية ، و لعل تقاعس البعض في النهوض بواجباته سيدمر هذا المنزل ، إن ما نحتاجه فعلا هو محاربة المتقاعسين وجعلهم عبرة لكل من سولت له نفسه الحط من قيمة هذه العائلة ، نحن من عرق آل الجبل ، دمنا حار ، سلالتنا نقية ، لم يخطر ببالي يوما أن آل الماء قد تصل بهم درجة الاستهتار بمصيرهم إلى ما وصلتم إليه ، لو أن جدكم الأكبر قام من قبره ، لتبرأ منكم و من أعمالكم ، لكن الخطأ مني حين زوجت ابني من آل النار و هم المعروفون بإثارتهم للفتن والنعرات ، يا أحفاذي هل أنتم من آل الماء ؟ أم من آل النار ، إن كنتم فعلا من آل الماء فأروني قدرتكم على إطفاء نار الفتنة في بيتكم .

الزوجة : لاشك أن العمر تقدم بك حتى أصابك التيه والهلوسة ، آل النار هو أزكى وأنقى من آل الجبل ، فأنتم سكنتم مع الوحوش و أخذتم من طباعها الكثير ، ألم يتواثر أن جدكم أرضعته ذئبة ، آل النار يطهرون الأرض من كل نفاياتها ، كلهم أنفة وحلم وتواضع ، أبنائي أنتم من الأخيار وأبناء الأخيار ، فآل الماء هم على الدوام على وفاق مع آل النار ، وذريتهم صالحة .

الأب : ما لنا و الأنساب والأعراق ، أظن أن أسرتنا بحاجة لكل أفرادها ، ونحن بحاجة لمخططات بناء ، و ليس لمشاريع تقسيم وتجزيء ، أليس فيكم عاقل رشيد ؟

بنت الثانوي : بابا بابا .. بالروح بالدم نفديك يا بابا ..... أنا مع بابا و أريد أن أكون رسامة بدل راقصة ، وقد وجدت منزلنا يعج بالأوراق والألوان فرسمت هذه اللوحة ، خذ أبي هذه هديتي لك ، ألا تبدو بهيجا بلباس الأجداد ؟ لكن أتمنى أن تهيئ لي مرسما .

الأب : لقد أوتيت سؤلك يا ابنتي ، أنا أعرف أنكم ستهتدون إلى القول الرشيد أليس كذلك أيها الطبيب ؟

الطبيب : كلا يا أبتي لن تجدني صابرا ، ما لم تتحقق المطامح الحقيقية التي نحن بصددها ، إن الوازع الأخلاقي يبقى روح الإنسان ، إن انتشار ثقافة التبرج في بيتنا ، ومشاهدة الشاشات و إسراف الأموال على الملابس الملونة ، وانحطاط التربية الأسرية ، وعلو صوت الطفولة ، وجعل الكل كأسنان المشط لشيء غريب ، أين سنة التفاضل و القوامة ؟ أين توقير الصغير للكبير؟ أين الضرب عند النشوز ؟ كلا يا أبي أراك لا تقوم بواجبك أحسن قيام ، اعلموا أن مشروعي كامل متكامل ، أرأيتم أسرة أبي السنابل ، فنعم الأسرة هي ، سأحضر عقدها لنسير على نهجه ، كما أنهم مستعدون لدعمنا ماليا حتى نحقق مشروعنا ، ونستصلح أراضينا ، و يتعلم أبناؤنا ، كما أنني والحمد لله سأتزوج من حفيذته .

الحقوقية : لا أيها الطبيب لن نستسلم ولن نركع ولن ترجع بنا إلى الوراء ، نحن أبناء القرن الواحد والعشرين ، سنناضل محافظين على مكتسباتنا ، أبي ستساعدنا أسرة جورج آل النمر لتحقيق مشروع حداثي متقدم بهي .

المهندسة : كفاكم من هذه الأحلام الكابوسية ، وهذه المقترحات غير الناضجة ، أتريدون تدويل ملفاتنا الداخلية ، ألا تعلمون أن هذه الأسر طامعة في مقدراتنا ، و في فداديننا و ما تحتويه من أشجار لو أحسنا استغلالها ونقبنا عن مدخراتها لكانت أسرتنا على قائمة الأغنياء .