الموضوع
:
صفحتي الهادئة
عرض مشاركة واحدة
06-29-2013, 12:57 PM
المشاركة
17
ياسر علي
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 3
تاريخ الإنضمام :
Dec 2012
رقم العضوية :
11770
المشاركات:
1,595
كنت وحيد أسرتي بعد زواج أختي في السنة الأولى من ولوجي إلى المدرسة ، أمي ذلك النهر الفياض من المشاعر النبيلة والرقيقة ، تلك الرحمة التي تتغشاني كل ليلة ، فقدت الدنيا بفقدانك ، فقدت حلاوة الحياة في غيابك ، كل جميل عبث بعد ذهابك ، كنت أتوسد فخدك وأنا في العاشرة ، لا يحلو لي نوم إلا على هذه الأريكة الربانية ، هذا المضجع الفطري الذي يحتضن كل قادم إلى الدنيا فيجده دافئا مرحبا يحميه من الضياع و الخوف والبرد .
أبي يخرج باكرا إلى السوق وهو يسوق بغلته الحمراء ، هي بنية ميالة إلى حمرة داكنة ، حاملا على ظهرها أكياسا من الخضر ، جزر ، فول ، باذنجان ، فلفل ، لفت..... حسب ما يجود به كل موسم فلاحي ، يصلي صلاة الصبح ، يرتدي جلبابه ، فيقفز على ظهر الحمراء الساكن فتطوي الطريق طيا متجاوزة مواكب المتسوقين ، كانت الحمراء قوة البنية ، سريعة الخطوات ، هادئة المركب ، باردة الأعصاب ، أبي يعتني بها كثيرا ، هو من يسرجها و يعلفها وينظف مرقدها .
أختي تزوجت مكرهة على غرار بنات القرية ، قليلات هن اللأئي أتيحت لهن فرصة الاختيار ، سلطة الأب وعلو شأنه وهمته تلغي كل أفراد الأسرة عند القرار ، الأم تكتفي بتزيين هذه الأوامر و تكسوها الحكمة بزخرف القول فتخفف من تعسفها و عدم رشدها ، أيام كنت أرتاد المسجد أنام بجوار أختي التي تصلب عودها و أينعت أنوثتها ، رسمت صورة دقيقة لفارسها موضحة : " أريده جميلا يسكن المدينة ، فارع الطول ، قوي البنية بدون سمنة ، حلو الكلام يلبي حاجاتي ، نتجول يدا في يد ، أختار الفساتين الزاهية والحلي البراقة من خالص الذهب والفضة ، سأكون جميلة بهية بحذاء بعقب طويل ، عندما تكبر ستعرف ما أقوله يا أخي ، نم الآن فأنت تحتاج إلى الراحة ." أطفأت القنديل الزيتي بعد أن غطتني بغطاء صوفي أحرش .
رد مع الإقتباس