الموضوع: وعكة و بوح
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-15-2013, 08:53 PM
المشاركة 57
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


يتأسف بدون تأفف ، قلبه الكبير العامر بالمشاعر النبيلة ، نفسه المقبوضة بحزن دفين ، أمنياته الحالمة ، آفاق بصره الممتد ، يتحسس المكان ، يلمس وريقات الزهور التي تتراءى له متعطشة لحس ذواق ، يقرأ في لونها عينا تستجدي فيه البقاء ، يرسل إليها بسمة بالكاد أطلقتها شفاهه ، رسمت على وجنتيه على استحياء ، أومأت الزهور رؤوسها عرفانا منها بهذا السخاء ، حمل النسم منها عبقا متلاحقا من مسامها مدرارا متسلقا غصون الشجر، فتمايلت متهادية منتشية ، فسمع البلبل يردد موال الوداع ، أتعبه الكرم ، يشتاق إلى الجفاء ، يريد خلوة بهية ، يريد أن ينصت إلى نبضه وحيدا ، يحاول أن يشرح للروضة سبب الرحيل ، لا يكاد يجد في لحنه سببا ، فقط يردد بنغمة شجية سأرحل سأرحل .. صمت قليلا نظر ذات اليمين ، نحو الشمال ، تفقد الأرض ، ليردد ، بودي البقاء ، لا أستاحلي غير السكن ، يطيب بي المقام ، أغني فيه السلام لكن نفسي نفسي غلبتني ، تعشق الحرية ، تريد الفضاء لا تنسوا أن لي أجنحة ، لا تنسوا أني أحبكم ، لا تنسوا أني لا أستطيع البقاء ،لا تظنوا بي إلا خيرا ، فراح يوزع البسمات ، يطلق القبلات و يشدو نشيد الأنين ، يسقي الروضة بالعبرات ، والزهر يلوح بأياديه ، والشجر مشرئب الأعناق يطلق فحيحا هادئا ، على إيقاع حركات لحنه العذب و حركة أجنحته إلى أن غاب عن الأنظار .
رجع من ذهوله فوجد الزهر يعود إليه محدقا ، باسما و الشجر يكاد يقول ، رافقتك السلامة ، ولا تنس العودة يوما .