الموضوع: صفحتي الهادئة
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2013, 02:16 AM
المشاركة 13
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


نعم يا سناء الدنيا لقوي ، ما كانت يوما لعليل سقيم ، هو ورم زائد ، وصمة عار على وجهها المشرق ، ، أومن بالقوة يا سناء ولا شيء غير القوة ، أريدك أن تجسدي هذا الطموح ، أريدك صلبة ، لا تستسلمي ، لا تخذليني ، أرى فيك كل صفات المرأة العظيمة ، المرأة الحديدية ، أريد أن أرحل مطمئن البال راض عنك ، قولي كلمة لعلها تزيد من أجلي وإلا صمتك عجل برحيلي .
ـ كيف تريدني أن أصبرعلى فراق الحبيب ، أنا أنثي يا رجل ، أنت من جمع شتاتي ، و نسم حياتي ومنحها طعما ولذة ، كنت أسير بلا هدف بلا معني ، كانت أيامي خالية من كل روح ، فلك أعيش ومنك أستمد عذوبة الحياة ، فلا أرى نفسي قادرة على مواصلتها بدونك .
استسلم الزوجان لقدرهما و هما اللذان كانا إلى عهد قريب في سعادة مترامية الأحضان ، أمضيا يوما عصيبا زرع في نفسيهما أثقالا وأهوالا لن تمحيها السنين ، استنزف رصيدهما من المقاومة ، وأتي على أيام الفرح التي كانا ينعمان بها ، لم يستطع النوم مخادعة جفونهما إلا بعد تناول أقراص سافرت بهما إلى رحاب نوم صناعي مليء بالهواجس . استيقظ خالد منهك الإحساس مشرد العزيمة ، خائر القوى ، متعب الأفكار، فاقد التركيز ، نظر بجانبه فلم يرها في الوقت ذاته سمع رنين الأواني في المطبخ ، تقدم نحو الحمام وأطلق رشاشا باردا لعله يحيي بعض آماله و يبعثر جبال الخوف والقلق الجاثمة على صدره ، فكبلت حركيته و أحكمت القيض على روحه المرحة ، توجه صوب المطبخ فوجدها أعدت الفطور ، جلسا حول المائدة وهما يتبادلان نظرات مليئة حبا و رحمة وبعض شفقة ، و هما يرتشفان كؤوس القهوة ، أوقد سجارته التي فارقها منذ بداية مرضه ، الآن لا جدوى من كل تلك الاحتياطات ، لا مفر من الرحيل ، بدخان أو بغيره ، اعتنى بصحته أو تناساها ، لا شيء يغير من المعادلة الجديدة مفعولها ، لا يشيء يبدو مهما ، لا شيء يبدو على حقيقته أو ربما تجلت حقائق الأشياء بشكل جلي و واضح ، منطقه يكاد يتغير جذريا من كل شيء .
ـ لا بد أن أفعل شيئا ، ساعديني من فضلك يا سناء .
ـ ما تقصد ، أنا بجانبك ، ما حاجتك؟
ـ آه ، الحياة حبيبتي .
صمتت ولم تجب عن هذا السؤال الذي يفوق قدرتها ، فما رأته في الكشوفات يحكم على حياته بالزوال ، فلا تملك غير دفعه بعيدا عن هذه الأفكار ، ومحاولة انتشاله من هذا الفراغ الذي يملأ حياته .
ـ حبيبي ، أقترح عليك أن تسافر ، تمارس الرياضة ، تقرأ الروايات والقصص .
ـ آه حبيبتي حياتي كلها قصص وحكايات ، حياتي ذكريات ، حياتي أصبحت منذ اليوم مجرد ذكريات ، مجرد صور عابرة ، مجرد خيال .
ـ إن الذكريات جميلة حبيبي ، فلماذا لا تكتب مذكراتك ، على الأقل أنا سأحتفظ بها و تعيش معي ما حييت ، وتؤانسني في وحدتي .
ـ ماذا ؟ تقصدين أن أدون حياتي ، لا ، قال هذا الكلام فاحمرت وجنتاه وأذناه و اشتد غضبه ثم تمالك نفسه مستطردا ، لا أستطيع ، أنا لست فنانا ولا سياسيا ولا شخصية مهمة ..ماذا سأكتب ؟ ...أنت لا تعلمين ..
ـ اكتب أي شيء ، طفولتك أيام المدرسة ، حياة القرية ..
ـ قلت لا هذه فكرة لا أرتاح لها ، ولن أقوم بها .
ـ الرأي رأيك ، أريدك فقط أن تشغل بالك في شيء مفيد ، مثل تلك الذكريات الجميلة التي تطفو بين الفينة والفينة على قلوبنا ، فتجعلنا نحب استرجاع الماضي الجميل ، ولا اريدك أن تبقى هكذا مستسلما تنتظر الموت .
ـ حسنا سأفكر في الأمر .