الموضوع
:
صفحتي الهادئة
عرض مشاركة واحدة
06-01-2013, 10:11 PM
المشاركة
12
ياسر علي
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 3
تاريخ الإنضمام :
Dec 2012
رقم العضوية :
11770
المشاركات:
1,595
استفاق خالد فوجد تفاحته بجانبه وعلامات السهر منحوتة على وجهها ، فبادرها قائلا :
ـ أنت هناحبيبتي .
ـ منذ مصرعك البارحة وأنا هنا أنتظر رجوعك ، بماذا أستطيع خدمتك ؟
ـ كل شيء طبيعي حبيبتي ، أنا جائع ، وربما أحس بالبرد ، لا تهتمي أنا بخير ، سنخرج حالا ، تعرفين لا أحب هذا المكان ، أتمنى أن تعملي في أي مكان إلا هذه المستشفيات بيوت العجز والمرض .
ـ لا تقل هذا حبيبي ، فهذا البيت مقدس ، يقوي الأفراد ويشفيهم ، وفيه يتعافون ويعانقون الحياة .
ـ بل يعانقون الموت ، الموت ، أتعلمين ما هو الموت ؟
ـ ماذا تقصد حبيبي ، تبدو متعبا منهكا ومتوثرا ؟
ـ معذرة ، إن رفعت صوتي في حضرتك ، فعلا لم أعد أتحكم في أعصابي ، أنا متعب حقا .
ـ حبيبي ، أنت بحاجة إلى الراحة ، حياتي حياتك ، سعادتي سعادتك ، عذابي عذابك ، أنت أنا جسد واحد ، فلا تفكر هكذا .
ـ أنت رائعة حبيبتي ، أنت زوجة مثالية لو تعلمين مقدر حبي لك .
بعد مضي يومين سمح له الطبيب بمغادرة المصحة ، وسلمه رخصة مرضية طويلة تعفيه من العمل مدى الحياة ، و نصح زوجته بالاهتمام به والترفيه عنه وجعله يستفيد من من أيام حياته الأخيرة .
دخل بيته ، فأخذ يتصفح المكان بدقة ، بعد شهرين سيهجر هذا البيت من غير رجوع ، إني أحببتك أيها البيت ، ذكريات جميلة تتماثل أمام عينيه التان فاضتا بالدموع ، و سناء تشاركه هذه المأذبة المرة ، وجهها الشاحب ، عيناها المحمرتان ، قال لها : هل أخبرك الطبيب ؟
وضعت وجهها في ملء يديها و صرخت صرخة مدوية ، و اتجهت صوب غرفة النوم مستلقية على بطنها دافنة وجهها في وسادة و هي تنتحب . هرع إليها وقد أذهله هذا الرد ، فانحنى عليها واضعا كفه على ظهرها وشفتيه تقتربان من أذنها ، وهمس لها : كفى حبيبتي ، يكفيني مصابي ، فلا تزيديني عذابا ضعفا ، ارحميني ، وارحمي نفسك ، إن كان يعز عليك فراقي ، فماذا أفعل ؟ لا أملك من أمري شيئا .
تركها للحظة حتى تشفي غليلها دمعا و تنفس عن حمولتها وتوجه إلى المطبخ يهيء الشاي ، حزنت و أيقنت في نفسها أن الحزن لا يقدم ولا يؤخر ، فلا شيء يجدي غير القبول و الإعتراف بقلة الحيلة ، توجهت المطبخ فوجدته يرتشف كوب شاي فلمى رآها بدأ لسانه في الكلام : " لم أكن أعلم أن نهايتي ستكون في عز شبابي ، و في أوج سعادتي ، ليتني لم أتزوج كي لا أعذبك معي ، ليتني مت قبل أن تمتلئ حياتي أملا ، كل شيء في الدنيا يؤلمني ، ماذا فعلت في حياتي ، لتكون هكذا ؟ ألا أستحق الهناء ، ألا أستحق رأفة الأقدار ؟ فواصل منشدا:
بئس الضيق بعد رحابة
و بئس الإذلال بعد عز وعلا
أشكو مصابي لذي قرح
فهو بالابتلاء والشدة أدرى
ليس السقيم من ينشد دنيا
فالدنيا لذي قوة وكبرياء .
رد مع الإقتباس