عرض مشاركة واحدة
قديم 05-19-2013, 08:05 AM
المشاركة 421
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع... العناصر التي شكلت الروعة في رواية:-10- فرانكشتاين،للمؤلفة ماري شيللي.


- ولدت ماري شللي يوم 30 أوت 1797 وكانت ابنة ل” أعظم شخصيتين في زمانهما ” فيلسوفين متشبعين بالروح التقدمية وداعيتين للحب المتحرر ماري ولسترونكرافت والدتها امرأة مفتوحة الشراع محمولة بعيدا عن قدرها بقوة الافكار.. عصامية فيلسوفة رائدة الدعوة لحرية المرأة.. مؤلفة للكتاب الشهير ” مطالب لحقوق المرأة” وقد كانت تمثل بلا أدنى شك لماري شللي القدوة الأولى والأسطورة الأولى مع الخطأ أنها كانت أول انسان محضه الحب.. صحيح أن هذه المرأة الطليعية كانت أيضا قد عرفت في باريس وهي في ذروة هيجانها الثوري عاطفة الحب في شكلها الاكثر تطرفا إذ انجذبت لمغامر أمريكي هجرها بعد ذلك حيث أنجب منها طفلة تدعى فاني حاولت الإنتحار مرتين قبل أن تخضع للعيش ضمن علاقة متساوية، وهو من ثمة ما وافق مبادئها، كان ذلك مع وليام غودوين والد ماري شللي، وهو رجل قصير القامة يرتدي نظارة، فيلسوف مصلح ومؤلف للكتاب الشهير ” دراسة حول العدالة السياسية “..في السابعة عشر من عمرها من الطبيعي أن تذهب ماري شللي لتعلن على قبر والدتها حبها لبيرسي بيشي شيللي وهو الذي سيكتب في المستقبل ” بروميثيوس المحرر” لم يكن هذا الشللي حينذاك سوى شاب وريث متمرد.. له نظرة متوقدة وجمال يوسفي يقطع الأنفاس.. معارض لوالده منفي من أكسفورد بسبب توجيهه للأساقفة رسالة هجاء حول ” ضرورة الإلحاد” لكنه كان قد تزوج بابنة صاحب مقهى تدعى ” هاريت المرأة التي انتظرت منه ولدا ثانيا ..لاتهم الإنجراحات المكابدة سواء كان الحب متحررا من القيود أو لا ..

- هذاهو إنجيل العقل المنتصر بالنسبة لهؤلاء الشباب أما حبهم فكان عظيما جدا ..وماذا لو أرادت هاريت أن تنضم اليهم.. لقد رفضت وياللأسف !! ومن هنا عند فجر من أيام جويلية 1814 فر ثلاثة مراهقين قادمين من انجلترا : شيللي ، ماري وكلير كليرمونت.. ابنة الزوجة الثانية لغودوين.. وقد هبطوا ثلاثتهم بمدينة يركضون على الساحل الرملي متحمسين شكاكين متوجهين الى فرنسا الثورية والشمس التي بزغت فوق حريتهم وكلها جدة وحياة..

- عبر فرنسا إيطاليا انجلترا وسويسرا بدأت مغامرة طريفة عمرت ثماني سنوات وانتهت بالموت الرومنسي لشيللي الذي أغرقته عاصفة وهو على متن مركبه الشراعي ” أريل أما جسمه الذي لفظه البحر على الشطيء فقد أحرق على طريقة القدماء اليونانيين..

- إنها مغامرة ملآى بالطواريء الدرامية والتي أثناءها ومهما كان الأمر واضبت ماري وبيرسي مطالعتهما المثابرة للنصوص العظيمة..ومطالعة مذكراتهما المزدوجة وأعمالهما المتبادلة..

- لكن على صعيد الحياة الواقعية فان الأشياء الرائعة والدنيئة لم تتوقف عن التداخل والتقاطع مثل سذاجات الحب والحرية،وهما يصطدمان بالحاجة الملحة للمال، والأحاسيس العظيمة حين تنهض على أنقاض وردوم حكايات الحب الميتة..

- إن شيللي ” الملاك الجميل والعقيم ” الذي يلعب بالمراكب الورقية يختبر بذلك الميل القاهر نحو الفتيات على الأقل لأنهن في نظره جميلات وشجاعات ” يلزم قليلا على شيللي الجاحد ألا يعزو الى يد شيطانية ما يؤثث وجوده ذاته من شعر وهو الذي كان إبداعه يستعرض رؤية لإنسانية متحررة من رقها وعبوديتها على طريق الحب وإعمال العقل هذا في الحين الذي كان خلال حياته الخاصة يكدس ضحاياه المدمرة بسبب حبه ! “..

- كل شيء يجري وكأن المثل الأعلى نفسه كان القاتل وكان النداء المرسل من طرف شيللي لإنسانية جديدة،و المكرس للحب العالمي يعمل بالنسبة لمحيطه مثل غاز إيديلوجي خانق ..كانت أشعاره تولد من الفوضى مثل أزهار المزبلة.. وليام غودوين طالب بالمال لصهره والذي من جهة أخرى لن يغفر له أخذه لابنته..

- ثلاثة أطفال ولدوا لماري شيللي وماتوا في ظروف درامية محزنة.. ومن سخرية الأقدار أن الطفل الوحيد الذي عاش للزوجين اسمه “بيرسي” مثل أبيه ! وقد كشف هذا الأخير عن نفسه كشاب بدين بليد ومسالم ..

- أما بالنسبة ل “فاني” البنت الاولى لماري ولسترونكرافت فقد انتحرت وكذلك هاريت المرأة المهملة من طرف شيللي أما إليغرا ابنة بيرون وكلير فقد ماتت في دير للراهبات في الحين الذي نجت فيه ماري بعد الإصابة بحمل كاذب ..

- هكذا إذا على الطريق الطويلة للعشاق وهم بأثوابهم النورانية أودع الموت حجارته البيضاء، كما لو كانت تعني إشارات خاصة للقدر و..(الذي كان له مكان حسب ماكتبت فيما بعد ماري في روايتها القيامية الإنسان الأخير ” هو اليراع الشرس للواقع الذي كان للأبد قد حفر ماأرد في الكتاب السرمدي للماضي، وعليه لا القلق ولا الدموع سيمحوان أقل جزئية مما قد أنجزه “..حول الاثنين نقول ببساطة يظهر أن الحياة فعلا قد لاتتحمل لكن ماهي إذا هذه اللعنة ؟

- إن رواية ماري شيللي ربما تقرأ كاملة مثل تنويع حول فكرة اللعنة وفي نفس الوقت كمحاولة للرقية والتعزيم.. وضمن هذا السياق فان القراءة التي نخصصها قد تكون بشكل ما قراءة تنويرية موضحة فهي تجتهد في أن تبين أن اللعنة موجودة مسبقا في تصور الراوية منذ نص فرانكشتاين.. هذه الرواية التي تشبه حد الالتباس حلما تنبئيا نذيرا ..ففيكتور فرانكشتاين الساحر المتمرن طارده إنتقام الوحش الذي إبتكره ” كن محترسا سأعمل على تخريبك ولن أتوقف إلا عندما أسكب اليأس في قلبك حتى تكره اليوم الذي ولدت فيه “..

- إن الوحش نال ثمنه من أجل المعرفة واللعنة تضرب الميلاد ذاته- انبثاق الحياة..

- ومن هنا رواية ماري شيللي المميتة تقوم على تحويل الفوضى الى فراغ..

- ها هوالواحد قبل الآخر فيكتور فرانكشتاين ينظر الى هلاك صديقه الحميم وأخيه الأصغر وزوجته أخيرا التي قضت خنقا عشية زفافها ” أعلم أنه الواحد تلو الآخر جميع أهلي وأقاربي سيفقدون وسأجد نفسي وحيدة ” هذا ما كتبته ماري شيللي في الثامنة عشر من عمرها وهو ما سيقع بعد ذلك..

- إن حدادها المتناسل يقود الى الوحدة وهي علاجها كامرأة شابة محكوم عليها أن تحاور موتاها ” وأنا بعد ما زلت في ميعة الشباب عشت وضع شخص مسن ” ..

- الفراغ خلف الفوضى واللعنة ذاتها أضحت مألوفة.. إن وحش فرانكشتاين قد تعاقب في الانسان الآخر عن طريق الطاعون؟ ..هذا الوحش عديم الوجه والذي منذ أوديب سوفوكليس مثلما نذكر كان نموذجا لكل اللعنات ” في زمن حيث العلم وجد فعليا الوسيلة ليصنع أطفالا عن طريق الإقتصاد من العلاقة الجنسية..

- إن أسطورة الوحش الإصطناعي المتخيل من طرف أم شابة لبست الحداد ووجدت حالها في وحدة وخزن لهما في نفسها وجع وصدى ربما أن اللعنة كانت دائما فعالة بشكل غامض مبهم وتراه العلم يبحث بمجازفة بارانوية عن سر الحمل ” فهي (اللعنة) تخاطر فعلا بتعويض الفوضى بالفراغ..

- إنه لغز حي بمعرفة ميتة.. إن أونتيغون لم يكن لها ما تحافظ عليه سوى مقبرة الموتى..

- بالنسبة لماري شيللي فهي أرادت أن تحمي الأحياء.. لقد شعرت برعب طالع من مخبر بعيدا عن الجنس والحب، ذلك التبادل المهم للتجربة الإنسانية والذي هو –في نفس الوقت – فقدان للسيادة وتلاق مؤثر بالآخر ” إنه وباعلان الهوس بالسلطة وراء حجة المعرفة فان التهديد هو الذي يضغط على التلاقح البشري بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى..

- فلا وجود لإبتكار عظيم وجميل ولا شعر ولا أسطورة ولا طفل ولا إختراع بدون مرور عبر طريق هذه الفوضى الأساسية والتي نسميها “الحلم” ومن الذي بامكانه أن يطمع في السيطرة على أحلامه؟