الموضوع: الجدار السري
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-12-2013, 06:52 AM
المشاركة 18
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
القصة مشوقة منذ أن موضعتنا الكاتبة في الزمان ، فالليل يحيلنا إلى الجو الكئيب الممزوج بقساوة الشتاء ، حيث ينتشر نباح الكلاب وعواء الذئاب في القروى النائية المحادية للغابات ، المكان يتميز بعدم الانبساط لكأنه تموجات الحياة فوضعت المسكن على مرتفع و أوضحت المغزى من هذه العزلة و اختيار التوضع فوق الجميع "أنانية"، عزلة تدل على غربة الذات أولا ثم استعلاء على الثقافة الجديدة التي تنتشر في المجتمع ، الكاتبة اختارت للبطلة أن تبدأ حكي القصة وبعد ذلك تعود إلى بديات الرحلة"فلاش باك" لتعرفنا بالبطلة و الحالة السياسية التي يعاني منها البلد الممزق بالحرب الأهلية ، وما ينتج عنها من الرعب والخوف من الموت و غريزة البقاء ، ومحاولة التأقلم و عدم توقف الحياة ، هذه المفارقة تقود دائما إلى الاستفسار والتردد وعدم الثقة بالخيارات ، فالبطلة المثقلة بهموم الوطن وهم البقاء ، والرغبة في التواجد الفعال تعرضت لموقف عارض ، حدث ثانوي أسقطت عليه كل حمولتها ، فيه استحضرت الخوف الطفولي وثقافة الأرواح الشريرة والأشباح والساحرة الماكرة من جهة في الوقت ذاته ، ذلك التحدي و الرغبة في الانوجاد والفاعلية والاستكشاف و الثورة ، كان حال الأسرة مشابها للحالة العامة للوطن على الأقل من حيث الانزواء والاستغراق في ثقافة الاستبداد ، والفكر الذكوري ، لتجعل من المراهقات ذلك النور الذي لم يجد بعد ثغرا ينفذ منه لكثرة رموز التسلط في البيت ، قبر ، خوف ، أب حي فكره ، أم مجندة لتطبيق المساطير الموروثة ، طفل ذكر لم يستطع الاعتماد على النفس و مسايرة عمره .
الكاتبة جعلت بطلتها على الأقل في هذا الواقع المأزوم تقف على سر هذا التخبط واللامعقول ، سر ذلك الجدار الماثل أمام بوابة الأمل ، فهو تلك الهالة المشروخة التي نهش الدود صلابتها التي تسكن العقول فتجعلها غير قادرة على معانقة الحرية والإحساس بالكرامة .
الكاتبة همست بأفكار بطريقة مرنة وجميلة في معرض سردها للقصة :
الانشغال بالثانوي أثناء استعصاء الرئيسي ، وعدم الاستسلام قصد تجديد دماء الفكر و ارخاء السبيل للنفس وعدم غلقها في أتون الحلقة المفرغة .
تغيير القناعات ليس بالشيء المتاح لحظيا بل هو نتاج تراكم لخبرات وتفاعلات .
الحرية والكرامة تنبثقان من الذات الحالمة وليست المقهورة .
امتلاك القدرات العلمية والمعرفية لا تعني دائما تتويجها بأفعال مستنيرة .
المرأة لا تعاني مشكلة مع الذكور، بل مع حاملي الفكر الذكوري .
الحضارة تقوم بتدجن الأفراد بتدجين حواسهم وأذواقهم .
اقتصاديا يعرض النص حالة العزلة و وسائل التنقل في المناطق النائية ، واعتمادها على التسوق الأسبوعي ، وعدم توافق معطيات الحواضر و الامكانيات المتاحة لأفرادها ، مع المجتمع البدوي الفلاحي .
أ. ياسر علي تسعدني هذه القراءة المتعمقة للنص و محاولة استنباط الأفكار التي قصدت ان اطرحها في نصي القصي
أشكرك جدا و اعتز بهذا
تحيتي لك