عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-2013, 07:35 AM
المشاركة 39
احمد ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
ان الخوف الذى صحب الحياة فى أطوارها المختلفة "الخوف من الجوع ، من الموت أو الانقراض" .. جعل الأحياء فى مختلف مراتبهم فى سلم التطور ، يصطرعون حول المائدة ، و يحكم الصراع "قانون الغابة" و منطقه "من غلب سلب، القوى يأكل الضعيف" ..

و قد ورثت الحياة البشرية ذلك الخوف من طور الحيوان ، فاصبح العقل مشوش ، و القلب منقسم و موزع ، و بذلك تخللت ظلال و روح قانون الغابة القوانين البشرية ، فى اى مستوى !! ..

فالبشر طور مرحلة نزاع ، بين مرتبة الحيوان .. و مرتبة الإنسان ، هذه الحقيقة هى السبب الأساسي من وراء كل المشاكل ، و النزاعات من حروب ، عبر التاريخ ، و حتى اليوم ..

فلا يزال "الوحش" كامنا فى طوايا النفس البشرية ، و من أوضح مظاهره ، حالة الغضب التى تعترينا عند الاختلاف ، حيث يضيق الصدر ، و تثور النفس ، و تتحفز للعراك أو الهروب ، حسب الموقف !!.

فالبشر مشروع "إنسان" لم يكتمل بعد، و كماله باستئناس ذلك "الوحش" و ترويضه ، لتنقاد النفس بسلاسة للعقل .. فيظهر الإنسان .. هل تحلمون به ؟؟ انه فيكم !! يظهره القران .. و ذلك بتحقيق الحاسة السادسة "العقل الصافي" ، و الحاسة السابعة "القلب" ..

و حين ذلك فقط ، يحل السلام على الأرض ، حيث يلتقى الناس ، كل الناس ، على فضائل العقول و القلوب ، و هى سلامة الفطرة التى ولدوا عليها ( فطرة الله التى فطر الناس عليها ) ، و لكن صراعات الحياة عبر الزمن ، حجبت تلك الفطرة ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا أنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) ..

و تلك مهمة المنهاج السليم .. منهاج القران ، برفع تلك الحجب ، بتصفية العقل من الكدرات ، و تجلية القلب من الرين ، فتتم بذلك العودة لتلك الفطرة ، مع التجربة ، حيث يلتقى القديم بالحديث ، يلتقى فى داخل الفرد البشرى ، حين تلتقى براءة الأطفال بحكمة الشيوخ .. تلك هى العبقرية .. و ذلك هو الإنسان القادم .

ففى مستوى الآفاق ، تطورت وسائل النقل و الاتصالات ، حتى جعلت الأرض "المائدة" صغيرة و متقاربة الأطراف ( أولم يروا انا ناتى الأرض ننقصها من أطرافها ) .. و مع ذلك الانكماش و التقارب بين أطراف الأرض ، تطورت بدوافع الخوف وسائل الصراع حول المائدة ، حتى وصلت مستوى الأسلحة الحاضرة "أسلحة الدمار الشامل" ، فاصبح لا بد من التغيير الجذرى ، من اجل الحياة نفسها ، حتى لا تنقرض ..

تغيير جذري يهزم الخوف ، و يجفف منابعه .. تغيير يعيد صياغة التفكير الحاضر ، و يحيي الضمير، و يغير نظرتنا للحياة و الكون .. و مفهوم السعادة ، و طريقة تحقيقها .. و يضع فى البال ، معالم الرحلة الطويلة !! رحلة الحياة ، من و إلى اين ، منبعها و مصبها .

ان العلم المادى إنما هو بمثابة الظلال للعلم الروحي ، أو قل بتعبير أدق ، ان المادة روح فى حالة من الاهتزاز تتأثر بها حواسنا ، و ان الروح مادة فى حالة من الاهتزاز لا تتأثر بها حواسنا ..

فالاختلاف بين عالم المادة ، و عالم الروح ، هو اختلاف مقدار و ليس اختلاف نوع ، و هذا يفتح الباب على الوحدة .. وحدة جميع العوالم ، وحين ينتهى بنا العلم المادى التجريبي إلى رد جميع ظواهر الكون المادى إلى وحدة هى "الطاقة" ..

يبرز لنا من جديد ، و بصورة خلابة ، العلم الروحي التجريبي ، ليتولى قيادنا فى شعاب الوادي المقدس ، الذى يقع وراء المادة ، و نستطيع بمواصلة البحث و الاستقصاء ، فى العلم التجريبي الروحي ، ان نرى هل يمكن ان ترد ظواهر الأخلاق البشرية إلى اصل واحد؟ !

و يتم بذلك الاتساق ، و التلاؤم ، بين سلوك البشر ، و بين البيئة المادية التى يعيشون فيها ، فينتهى بذلك القلق الحاضر .. القلق الذى عبرت عنه الوجودية فى مسرحية الذباب لسارتر أحسن تعبير .. خاصة الحوار القديم المتجدد ، فى تحدى الإنسان للإله ، ثم ما يصيب هذا الإنسان فى النهاية ، من شعور بالقرف ، و الغثيان ، و هو يقرر "ليس هنالك اله ، و ليس هنالك معنى فى الكون ، و ليس للإنسان معنى فى كون بلا معنى"...

يتبع