عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2013, 05:16 PM
المشاركة 2
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

خطوة إلى عالم الكبار



ارتديت سروال (جينز) وقميص بألوان زاهية، وانتعلت حذاء جديد ذا كعب العالي لقبته "بالدبابة" لشدة ضخامته وارتفاعه، جاءني هدية منذ أيام عندما بلغت عامي الثامنة عشر، اكتفيت بلمسات خفيفة من الزينة، وبعد أن أرضتني مرآتي انطلقت إلى الجامعة، حيث أدرس في سنتي الأولى...

أحسست بأنوثتي وأنا اتهادى بالشارع، وذلك من خلال عبارات ونظرات الإعجاب من المارة بسخاء تطريني، لكن لم أك مرتاحة بتلك الدبابة..

"اوه" هنالك حجر صغير يفرك تحت كعبي.. "رباه.. لا أستطيع حفظ توازني، إنني أتخبط ولا أجد شيئا أتشبث به، سأقــــــــع... "

سقطت في وضع السجود على أربع بكل ثقلي فجرحت ركبتي جرحا بليغا، وتمزق سروالي عند الركبة.
" ما أشد الألم..." والكل يهتف:

- الله يحميك..

عدت إلى البيت، كي أغير سروالي بآخر خفيف ناعم الملمس، ولأن الوقت ضيق صرفت النظر عن استبدال جوربي (الهيلا هوب النايلون) وقد تلف هو الآخر...

فكرت "لا بأس، السروال كفيل بتغطيته" ، والأهم أبدلت حذائي الدبابة بآخر مريح.. وهذا مكنني من المشي بسرعة، في محاولة لتعويض الوقت الضائع.

الحمد لله وصلت الحافلة التي أنتظرها بسرعة، ويقودها السائق اللطيف الذي أعرفه جيدا.. لقد ركبت معه مرات عديدة في السابق، هو في الأربعين من العمر، بدين جسمه مترهل وكرشه ضخم متدل، إلا أنه ودود.. وتعودنا تبادل القليل من المجاملات العابرة.

صعدت أحييه فرد برقة، وأشار بيده طالبا مني الجلوس خلفه، وانطلق فجأة.. أخذت مكاني بسرعة حيث أشار خشية السقوط مرة أخرى. بادرني بنظرة اعتذار وهو يبتسم لي من خلال مرآته، فأشرت له أن لا بأس بابتسامة.

سرحت في أفكاري، أنظر إلى ساعتي خشية التأخر.. فتجاوب معي وقاد بسرعة..

فجأة اجتاحني ألم فظيع ينبض من جرحي الطري:

"آه.. ركبتي عادت تؤلمني من جديد" .. مع خدر يسري فيها.. وتنميل يدب كجيوش نمل تغزوني
"يبدو أنها عادت تنزف من جديد" . استمر الألم يشاكسني يستكين برهة ويعود فيشتد بقوة...

لما اقتربنا من الجامعة.. انحرف السائق فجأة في الطريق الفرعي..

" ما أحسنه، لكم أشعر بالعرفان له، يريد يجنبني تسلق الشارع إلى أعلى حيث المباني قائمة."

الانعطاف الحاد جعل المعطف المعلق خلفه على المقعد ينزلق.. فبانت لي يده..

- يا للهول... أصابعه تداعب وتتحسس ركبتي...

انبعثت واقفة وسط الحافلة، أصيح به غير عابئة بالركاب ودهشتهم:

- توقف عندك أيها الحقير، أريد الترجل من هنا حالا.

استجاب وتوقف، ترجلت، أتميز غيظا.. ونظراته الجاحظة تتابعني، تتساءل باستغراب:

" لماذا ... ؟! "

- تبا لك، الثقب في جوربي السبب...


هي فعلا خطوة من الخطوات إلى عالم الكبار حيث يتجلى النزوع نحو الاستقلال بالشخصية ..
لكن هذه الخطوات غالبا ما تصطدم بالعيون المتربصة من الذئاب البشرية ..
سرد عفوي يحيلنا إلى فترة من فترات العمر الزاهية حيث نخطو خطواتنا الأولى لنكون كالكبار .
سعدت بقراءة قصتك ريما وأنتظر المزيد ..
مودتي وورودي .