عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
2

المشاهدات
2744
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
04-23-2013, 11:04 PM
المشاركة 1
04-23-2013, 11:04 PM
المشاركة 1
افتراضي و أخيرا نبضت فيه الحياة
صباحا دخل من البوابة الصغيرة عندما رأى فتاته واقفة بباب الكلية ، توجس منها أن تعيده إلى سابق عهده حين كان يثير شغبا متكررا مع البنات ، تذكر فتاة المدرسة فتحسر لوجهها الحامل لواحدة من علامات نفسه الشريرة ، دون الاستغراق في الأسف فسر ذلك بشغب الطفولة ، هرب من فتاة اليوم لكي لا تعود إليه طباعه القديمة ، فتسيء لشخصيته الجديدة الهادئة البعيدة عن الصراع ، محولا شحنات غضبه إلى العالم الفوقي ، يناطح المعرفة ويعاند النظريات و ويبتكر أنماطا جديدة للحياة دون أن يكون لها أثر على أسلوب عيشه الرتيب الكئيب ، فهو لايزال كمن يمارس واجبا لا غير . هي لم تستطع التقدم نحوه بل تسمرت رجلاها مستسلمة لترانيم فؤادها التي تحدثها أن بهذا الكائن الحزين عذوبة لا تظهر لغيرها ، بل تجزم أن عجرفته تلك لم تكن غير قناع يخفي روحا طيبة ، تذكرت وابل الشتائم التي أمطرتها على وجهه البارحة وكيف تجاهلها بدون رد ، فقررت دخول حياته .
مساء كانت أفواج الطلبة تغادر الحرم الجامعي ، لما أطبقت أناملها على ذراعه وهي توقفه بلطف وصوتها بين عزم وفتور :" كيف حالك ..؟" لم تفارق راحة كفها يده حين رد عليها :" هذه أنت .." لم تعقب بينما هوت بعينيها الجذابتين إلى الأرض ، محاولة ستر فيضان يحوم حول بؤبؤيهما فواصل كلامه " ربما كنت مخطئا البارحة ، كان علي أن أقدر موقفك وأمضي بسلام .." تمالكت نفسها مجيبة : " أنا المخطئة ، فهلا سامحتني .." تبسم ضاحكا من قولها وقد استوطنه شعور غريب ، فرق قلبه و تفتحت شهية حبه لأول مرة في حياته ، تعجب أين كان هذا الإساس يختبئ طوال حياته ، أين تسكن هذه المشاعر الشفافة الرقراقة كماء المطر في خضم ما يعتري حياته من بؤس ، أين توارت هذه الأشعة المنيرة في ظل رمادية الأيام ، قاطعت شروده بصوت نابع من الأعماق : " أتريد احتساء مشروب .؟" فانساق لها و لنغمات تداعب أوتار قلبه وهو من لا يرتاد المقاهي والتجمعات الشعبية ، بل يراها بؤرا للتخلف ودفن الحياة ، وتقزيم رحابة العقل و مضيعة للوقت والمال ، لكنه اليوم مستعد للاعتذار من كل هؤلاء ، فربما هم أيضا يلهثون وراء معرفة أكبر وأعظم ، و يتفقهون في عوالم هو من كان يجهلها .